استعجل النظام السوري أمس أستكمال السيطرة على الحدود الجنوبية، بتكثيف قصفه على القنيطرة، والسيطرة على تل إستراتيجي، يطل على الجولان المحتل. وعلى وقع ازدياد الحديث عن مفاوضات بين دمشق و «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) ذات الغالبية الكردية، وعن تسليم مواقع في شرق الفرات، أعلنت الذراع السياسية لـ «قسد» أمس العمل لتشكيل إدارة موحدة للمناطق التي تسيطر عليها، في خطوة من شأنها تعزيز نفوذها في شمال سورية وشرقها.
وحققت قوات النظام أمس تقدماً جديداً في الجنوب إثر معارك واتفاقات تسوية مع فصائل المعارضة. وأعلن التلفزيون الرسمي السوري «السيطرة على تل الحارة، الإستراتيجي المطل على هضبة الجولان». الذي سقط في يد المعارضة في تشرين الأول (أكتوبر) 2014.
وأسفر القصف الجوي على التل منذ الأحد، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن مقتل 30 عنصراً من «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً). كما قُتل 12 عنصراً من قوات النظام في مكمن نصبه مسلحو الهيئة، في وقت واصل الجيش السوري اقترابه من الحدود الإسرائيلية بعد استعادة السيطرة على معظم محافظة درعا.
وأفاد المرصد بأن «قوات النظام سيطرت على بلدات عدة في ريف درعا الغربي، بعضها بعد معارك مع مسلحين رافضين للتسوية وأخرى بعد موافقة فصائل معارضة على الانضمام إلى الاتفاق». وأكد المرصد استهداف طائرات حربية سورية وروسية، مواقع الفصائل، في القنيطرة، فيما أكد الإعلام الرسمي تقدماً ميدانياً للجيش السوري في ريف المحافظة.
في غضون ذلك، أكد الموفد الخاص للرئيس الإيراني مساعد وزير الخارجية حسين جابر الأنصاري في بيروت «أن ثمة مستشارين إيرانيين يعملون في الجنوب السوري بناء على طلب الحكومة السورية لمؤازرتها في مواجهة الإرهاب»، معتبراً «أن استمرار وجودهم سيحدد طبقاً لحاجات الدولة السورية».
وكان الأنصاري جال في بيروت على المسؤولين اللبنانيين، وأعلن أن بلاده «تعمل على الحل السياسي من خلال مفاوضات آستانة والتعاون مع الموفد الأممي ستيفان دي ميستورا، ونأمل بأن نشهد ولادة اللجنة الدستورية». واعتبر أن الإسراع في إيجاد حل سياسي «لا يفيد سورية وحدها، إنما المنطقة برمتها». وشدد على أن «الأولوية المطلقة هي مسألة النازحين وضمان عودتهم». وعن الاتفاق النووي الإيراني، قال: «هناك إرادة لدى شركاء إيران للتقيد به، ومفاوضات فنية لم تصل إلى خواتيمها بعد، لترجمة هذه الإرادة ووضعها قيد التنفيذ». وعن الأزمة في اليمن، قال الأنصاري: «نأمل بأن نجد الظروف المواتية للحل السلمي».
وبدا لافتاً أمس هجوم شنته صحيفة «الوطن» السورية الموالية للنظام، على طهران رداً على تصريحات لعلي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية لمرشد إيران، قال فيها إن «حكومة بشار الأسد كانت ستسقط خلالَ أسابيع لولا مساعدة إيران». واعتبرت الصحيفة الأمر «مبالغة اعتدناها من بعض وسائل الإعلام أو المحللين السياسيين الإيرانيين أو الذين يدورونَ جملةً وتفصيلاً في الفلك الإيراني». وتابعت: «لم نكن يوماً من الناكرينَ للجميل، ونعترف بأن للأصدقاءِ أدواراً مكمِّلة لدعمِ صمودنا». وطلبت من السوريين «أن يوشحوا صورَ شهدائِنا المنتشرة أمام المنازل بالسواد حتى لا نراها، عندها فقط سنصدق أن هناكَ في هذا العالم من هو صاحب الفضل الوحيد علينا بعدم السقوط». واختتمت: «عذراً علي أكبر ولايتي، سورية آخرَ معاقِل الحق، ما كانت لتسقُط حتى يرثَ الله الأرض ومن عليها».
في موازاة ذلك، أعلن «مجلس سورية الديموقراطية» (مسد)، إنه يعمل لتشكيل إدارة موحدة للمناطق التي يسيطر عليها. وتهدف الخطة التي أُعلنت في مؤتمر بمدينة الطبقة إلى دمج الإدارات والمجالس المحلية التي ظهرت في مناطق سيطرة «قسد» في شمال سورية وشرقها. وقالت رئيسة المجلس إلهام أحمد: «هي إدارة منسقة بين المناطق، لتأمين الاحتياجات». وأضافت أن المبادرة مازالت في مرحلة مبكرة من المناقشات وهدفها دمج كل المناطق التي تسيطر عليها «قسد». وقال رياض درار الشريك الآخر في رئاسة المجلس لوكالة «رويترز» إن «قسد تهدف إلى تقوية إدارتها للمناطق التي تسيطر عليها في ظل غياب الحل السياسي». وستدمج الخطة مجالس الرقة ودير الزور ومناطق أخرى إضافة إلى الإدارة شبه الذاتية في منطقة الجزيرة الشرقية. وذكر درار أن «قسد تسعى إلى أن تصبح جزءاً من الجيش في إطار سورية لا مركزية بعد التوصل إلى تسوية سلام».
الحياة اللندنية