فيما احتدم الجدل حول الوجود الإيراني في سورية، غداة قمة الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي، أبرمت طهران اتفاقاً مع «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) يقضي بإجلاء مسلحين شيعة من بلدتيْن شمال غربي سورية، بالتزامن مع مجزرة ارتكبها طيران النظام السوري وحلفائه الروس أمس واستهدفت محافظة القنيطرة (جنوب غربي سورية)، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات (راجع ص3).
وخلافاً لوعد قطعه ترامب بانسحاب سريع من سورية، عاد مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ليؤكد أن القوات الأميركية باقية هناك إلى حين زوال الخطر الإيراني. ونقلت عنه «قناة العربية» قوله: «أعتقد أن الرئيس أوضح أننا موجودون هناك حتى إزالة (تنظيم) داعش، وطالما استمر الخطر الإيراني في أنحاء الشرق الأوسط».
وسارع مستشار رئيس مجلس الشورى الإسلامي للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان إلى تحدّي المطالب الدولية بخروج بلاده من سورية، وقال في رسالة موجهة إلى الروس أيضاً: «لا أميركا ولا روسيا ولا أي قوة أخرى في موقع يسمح لها باتخاذ قرار حول خروج المستشارين الإيرانيين من سورية». وأضاف في تصريحات تلفزيونية نقلتها وكالة «تسنيم» الإيرانية، أن «المسؤولين الروس أكدوا أن الأمر لم يُدرَج على جدول محادثات ترامب – بوتين. استمرار بقاء المستشارين الإيرانيين، يعود إلى قرار السيد (الرئيس) بشار الأسد والحكومة السورية، وكذلك القرار الإيراني»، قبل أن يفتح الباب أمام انسحاب إيراني عن الحدود الجنوبية المتاخمة للجولان المحتل، قائلاً: «إيران ستكون حاضرة في أي نقطة يتم التوافق عليها بين مسؤولي البلدين، حتى لو لم يعد الكيان الصهيوني يطيق هذا الحضور».
في موازاة ذلك، كُشف أمس اتفاق أبرمه المفاوض الإيراني مع هيئة «تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، ويقضي بإجلاء الشيعة من بلدتي كفريا والفوعة، المواليتين للنظام السوري، في مقابل إطلاق 1500 معتقل من سجون النظام.
وقال ناشطون والمرصد السوري لحقوق الإنسان أن «الاتفاق يقضي بإجلاء كل سكان البلدتين المحاصرتين من فصائل مقاتلة وهيئة تحرير الشام باتجاه دمشق وريفها، في مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين والأسرى من سجون النظام». وأشار الإعلام الرسمي السوري إلى «أنباء عن التوصل إلى اتفاق لتحرير… الآلاف من أهالي بلدتي كفريا والفوعة». وبموجب الاتفاق، سيسلم النظام 40 أسيراً من مسلحي «جبهة النصرة»، وجبهة «تحرير سورية» و «جيش إدلب الحر»، إضافة إلى 4 مدنيين معتقلين لدى ميليشيات النظام في البلدتين.
ميدانياً، قُتل أمس 15 مدنياً في الأقل، بينهم 5 أطفال، بغارات سورية وروسية استهدفت بلدة عين التينة في محافظة القنيطرة، وفق المرصد السوري الذي قال مديره رامي عبدالرحمن: «استهدفت غارات جوية روسية مكثفة المنطقة الواقعة بين محافظتي القنيطرة ودرعا، كما رمت عليها قوات النظام البراميل المتفجرة».
بالتوازي، رفعت خمس بلدات في القنيطرة العلم السوري «تمهيداً للانضمام إلى اتفاق المصالحة»، وفق عبدالرحمن الذي أوضح أن «الفصائل الموجودة في هذه البلدات اعتزلت قتال النظام لتجنب القصف والدمار».
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أمس أن حوالى 200 سوري في مخيم للنازحين، حاولوا الاقتراب من السياج العازل في هضبة الجولان قبل أن يُجبرهم جنود إسرائيليون على التراجع. وقال الطبيب بهاء محاميد الذي كان في المكان: «كانت النساء يصحن: افتحوا الحدود، أنقذوا من تبقى من أطفالنا»، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين أشاروا لهم من بعيد بالعودة وعدم الاقتراب من المنطقة.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عودة 100 من أفراد الشرطة العسكرية من جنوب سورية بعد انتهاء مهماتهم المتمثلة في حماية شحنات المساعدات الإنسانية.
الحياة اللندنية