عن أعدادهم وحركتهم وأماكن تواجدهم حالياً، وانتشارهم ونشاطاتهم، أجرى “العربي الجديد”، حواراً مع رئيس الصابئة المندائيين “الأمة المندائية” في العراق والعالم، الشيخ ستار جبار حلو، أو كما يطلق عليه في الديانة “الرشمة”.
* تناقصت أعدادكم في العراق وتحديداً بعد عام 2003، كم يبلغ عددكم في العراق حالياً، كذلك في العالم؟
– لا توجد إحصائية كاملة ودقيقة لأعداد الصابئة المندائيين في العراق، ولكن يمكن تقديرهم بـ15 ألف صابئي، يتوزعون في بغداد والبصرة وميسان وواسط وأربيل. وبحدود 70 ألفاً ينتشرون في السويد وأستراليا وألمانيا وفنلندا وأميركا وكندا وهولندا، فضلاً عن الأردن وسورية.
* كيف تُفسر التصفيات الجسدية وحوادث الاغتيال التي تستهدف الصابئة في العراق خلال الأعوام الماضية؟
– لا يمكن تسمية حوادث اغتيال المندائيين في العراق بأنها عمليات استهداف ممنهجة، لأن الحياة في عموم البلاد غير آمنة ويومياً يسقط الكثير من القتلى، وهم ليسوا من الصابئة وحدهم. وفي الوقت نفسه، هناك عمليات تمثل استهدافاً واضحاً للمندائيين في بغداد، لسرقة أموالهم والاستيلاء على بيوتهم، ومع أن الجناة واضحون ومعروفون، وهم ضمن عصابات ومليشيات، إلا أن الحكومة العراقية لم تتخذ أي إجراء قانوني بحقهم. أنا قلق على أبناء الطائفة الذين يهاجرون من العراق بسبب الخوف والمضايقات، ويتركون البلاد التي عاش فيها أجدادهم لآلاف السنين، لكن الظروف القاهرة تدفعهم إلى الهجرة. نحن لا نشجع على الهجرة، وطالبنا وما زلنا نطالب الحكومة العراقية والمسؤولين خلال اللقاءات بتوفير متطلبات البقاء للأقليات الدينية، وإرجاع حقوقهم بالتعيينات والوظائف والأهم هو الحماية.
* السرّية أو الغموض في بعض طقوس الديانة جعلتكم تُتهمون بأمور عدة بينها أنكم عبدة النار وعبدة المياه… برأيكم ما سبب الاتهامات التي يشار إليكم بها، ومن المسؤول عن عدم فهم ديانتكم لدى غير المندائيين؟
– ديننا واضح، نحن أقدم وأول دين توحيدي حنيف عُرف على الأرض، نتبع أنبياء الله آدم، وشيتل بن آدم، ونوح، وسام بن نوح، وإدريس عليهم السلام، وآخرهم يحيى بن زكريا عليه السلام وحتى اسمنا هو مشتق من الفعل الآرامي “صبا” الذي يعني تعمّد أو اصطبغ أو اغطس في الماء، وهو ما يجري في طقوسنا. قبل عام 2000 كان هناك غموض بالديانة المندائية، ولم تكن كتبنا قد ترجمت إلى العربية، ولكن بعد أن تسلمت منصب الرشمة العام للمندائيين في العالم، ورئيس الطائفة، بدأت الأمور تسير بمنحى متطور، وتم ترجمة كتابنا المقدس “كنزا ربا” (الكنز العظيم)، ثم باشرت مع المعاونين معي، بإيضاحات تلفزيونية، ولقاءات مع المرجعيات الدينية في العراق، فضلاً عن استخدام المواقع الإلكترونية لتوضيح الحقيقة.
* ما علاقتكم بالمياه، ولماذا تتواجدون أينما وجدت؟
– لدينا شعائر تطهيرية، تخص عقيدتنا، وتتطلب وجود الماء الجاري، ولهذا تجد الصابئة يصطبغون أو يتعمدون بالماء الجاري للتطهر من النجاسات وللذبح والصلوات، ويعتبر هو الحياة، أما الماء الآسن، فلا نستخدمه لأننا نعتبره في ديننا ماء ميتا. أينما تكون المياه يوجد الصابئة.
* ما هو النظام الذي من خلاله تتم عملية اختيار رئيس الطائفة أو الأمة؟
_ النص الديني في كتابنا المقدس، يقول: “يجب أن يتم اختياره كجوهرة من بين الجواهر”. ونحن نعمل بهذا النص. في العام 2000 رشحت نفسي مع اثنين آخرين، وتم انتخابي من قبل مجلس عموم الطائفة وبرلمانها والمجلس الروحاني، وفترة الرئاسة لدينا هي 7 سنوات. أنا أفوز بالرئاسة للفترة الثالثة على التوالي، وستنتهي فترتي هذه بعد أربع سنوات، وتُفتح من جديدة أبواب الترشح وفق الشروط، التي تتمثل بأن تكون درجة المرشح الدينية تؤهله للترشح، وأن يكون ذا أخلاق عالية، وغير محكوم بجناية، وعمره أكثر من أربعين عاماً.
* سمعنا أنكم تعانون أزمة مقابر، وليس لديكم أماكن لدفن موتاكم في محافظات العراق، ما الذي يحدث معكم؟
*لدينا مقابر لكنها قليلة، وبعضها امتلأت بشكل كامل، خاطبنا الحكومة المركزية في بغداد، وتم تخصيص قطعة أرض واسعة في مدينة الفلوجة التابعة لمحافظة الأنبار، لكن مع بدء العمل على بناء سياج للقطعة، تم تهديدنا من قبل مجهولين، قالوا في رسالة: “إن هذه الأرض ليست للصابئة ولا يسمح للمندائيين أن يدفنوا موتاهم في الفلوجة”. نحاول هذه الأيام الحصول على قطعة نستخدمها كمقبرة تكون على طريق بغداد ــ واسط.
* بماذا خدمكم وجود نائب واحد في مجلس النواب العراقي؟
– الصوت الواحد مقابل أكثر من 300 صوت لا يستطيع فعل أي شيء. الحكومة العراقية أعطتنا “الكوتا” باليمين وأخذتها باليسار، البرلمان العراقي مضطرب والنائب الواحد الذي يمثل الطائفة، لا يستطيع مساعدة الطائفة لأن الأحزاب الكبيرة والمتنفذة، تطبق ما تريده. نستحق أكثر من برلماني، لأننا كثر في المناطق الجنوبية، والصابئة في ميسان بحاجة إلى من ينوب عنهم في الحكومة.
زيد سالم
العربي الجديد