رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أن الاتحاد الأوروبي سيصبح قريبا مستوردا “كبيرا جدا” للغاز الطبيعي الأميركي، إلا أن بعض محللي الطاقة أعربوا عن تشككهم في ذلك.
وأعلن ترامب، عقب اجتماع مع رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر، أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة توصلا الى اتفاق لتعزيز تجارة الغاز الطبيعي المسال وحبوب الصويا في إطار حل الخلاف التجاري المتصاعد.
إلا أن تصدير الغاز الطبيعي المسال مكلف جدا ويرجح أن لا يشكل جزءا كبيرا من مصادر الطاقة الأوروبية قريبا، بحسب ما صرح خبراء أول من أمس.
وقال تيري بروس الباحث في معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة “ما يهم المستهلك الأوروبي هو السعر”، مشيرا الى السعر الباهظ للغاز الأميركي المسال.
وبعد أن حررت أوروبا أسواق الطاقة فيها “يتم تحديد السعر بين المشترين والباعة عند عقد الصفقة في هولندا”.
وعلى خلاف النفط الذي هو على شكل سائل، فإنه يتعين تسييل الغاز الطبيعي أولا في مصنع في الولايات المتحدة قبل شحنه وبعد ذلك تحويله مرة أخرى الى غاز في أوروبا في مصنع آخر. ومقارنة بذلك، فإن الغاز الطبيعي التقليدي يمكن أن يتم إرساله الى دول الاتحاد الأوروبي بواسطة أنبوب غاز.
وقال مات سميث المحلل في معهد كليبر داتا “لا أعرف كيف ستتمكن الولايات المتحدة من دفع الزبائن الأوروبيين الى شراء الغاز الطبيعي الأميركي المسال الأعلى سعرا”.
ووافقه الرأي مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي؛ حيث قال “لن نتحول الى اقتصاد يشبه اقتصاد الاتحاد السوفياتي” الذي كان يأمر بالحصول على مزيد من الواردات. وأضاف “الاتحاد الأوروبي يريد زيادة وارداته.. لكن النص لا يقول إن على الاتحاد الأوروبي الالتزام بزيادة الواردات. إنه ليس إعلان نوايا”.
يأتي الاهتمام بصادرات الغاز الطبيعي الأميركي مع استمرار قوة إمدادات هذا الغاز وسط طفرة أميركية في النفط والغاز الصخري رفعت مكانة الولايات المتحدة في عالم النفط والغاز.
وزادت صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركي أربعة أضعاف في 2017، وأصبحت الولايات المتحدة من كبار مصدري الغاز الطبيعي لأول مرة منذ 60 عاما.
ومن شأن زيادة الصادرات خفض العجز التجاري الأميركي، وهو الأمر الذي يركز عليه ترامب.
وجاء في الاتفاق المشترك “أن الاتحاد الأوروبي يريد استيراد المزيد من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة لتنويع إمداداته من الطاقة”.
وقال يونكر إن الاتحاد الأوروبي مستعد للاستثمار في بناء بنية تحتية إضافية للغاز الطبيعي المسال.
إلا أن المحلل بروس، أشار الى أن هذه ليست هي المسألة؛ إذ إن مرافق استيراد الغاز الطبيعي المسال الحالية تعمل الآن بنسبة تقترب من 26 % من قدرتها الحقيقية.
وتزداد واردات الغاز الأوروبية منذ فترة؛ حيث ارتفعت بنسبة 4.3 بالمائة في 2017 لتصل الى 467 مليار متر مكعب مع انخفاض الإنتاج بنسبة 5.5 % ليصل الى 118 مليار متر مكعب.
وسعى الاتحاد الأوروبي الى تنويع إمداداته من الغاز بعيدا عن روسيا التي تشكل صادراتها حاليا نحو ثلث واردات الاتحاد من الغاز.
وفي إطار هذه الاستراتيجية، بدأت أوروبا في استيراد الغاز من أذربيجان. ولكن الغاز الطبيعي المسال يشكل كذلك مصدرا واعدا لزيادة الإمدادات سواء من قطر أو موزمبيق أو أستراليا أو الولايات المتحدة.
وكرر ترامب أن الغاز الأميركي هو أحد حلول سد احتياجات أوروبا، وانتقد مشروع خط أنابيب “نورد ستريم2” الذي يمكن أن يضاعف شحنات الغاز من روسيا الى ألمانيا.
وحتى الآن، كانت معظم صادرات الغاز الأميركي الى آسيا وأميركا اللاتينية. وفي 2017، تم تصدير أكثر من 50 % من الغاز الأميركي المسال الى ثلاث دول هي؛ المكسيك وكوريا الجنوبية والصين.
إلا أن “زيادة الصادرات الأميركية من الغاز الطبيعي المسال بدأت للتو”، بحسب “اس اند بي غلوبال بلاتس” التي توقعت أن تزيد صادرات الولايات المتحدة من هذا الغاز أربعة أضعاف بحلول 2020 بعد بناء مصانع جديدة لتسييل الغاز.
وقالت الشركة إن منتجي الغاز الطبيعي الأميركي المسال أصبحوا أكثر فعالية في استخراج الغاز الطبيعي، وهو عامل آخر “يرجح أن يزيد تنافسية الغاز الطبيعي المسال الأميركي”
الغد