اجرى مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية مقابلة صحفية مع الخبير الاقتصادي مازن ارشيد سلط فيه الضوء على عدد من القضايا والمشكلات الاقتصادية الاردنية العراقية، وتاليا نصُّ المقابلة.
الاوضاع الاقتصادية التي تعصف بالمنطقة تهدد العديد من اقتصادات الدول ما مدى تأثيرها على الاقتصاد الاردني والعراقي؟
لا شك ان الاقتصاد الأردني يواجه مصاعب اقتصادية عدة منذ عدة سنوات متأثراً بالأوضاع المضطربة في المنطقة، فعانى انخفاض أعداد السياح وتفاقم أزمة طاقة حادة، بالتزامن مع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، اذ بلغ مجموعهم أكثر من مليون لاجئ منتشرين في مخيمات اللاجئين ومراكز حضرية أردنية، ما تسبب بضغط إضافي على موارد البلاد.
ان مخاوف تقلُّص التجارة مع الجارة العراق وتداعياتها على الاقتصاد الأردني بدأت تتصاعد بشكل كبير، ويعد العراق من اكثر الدول المصدرة للأردن خلال سنوات طويلة مضت، اذ يستورد نحو ربع واردات من العراق.
ما مدى تأثر الاردن بالأحداث الجارية في المناطق العراقية المحاذية له؟
يواجه الأردن في الوضع الراهن خسائر اقتصادية وخيمة، إذ إن كل الحدود حوله أصبحت مغلقة، تقريباً، ما أصاب اقتصاده بالشلل التام.
وحجم التبادل التجاري مع سورية تراجع الى حد كبير وانخفض إلى الثلث في عام 2014، وهو الآن عند مستويات قريبة من الصفر، في حين كانت قيمة البضائع التي يجري تبادلها مع سورية 1.4 مليار دولار سنوياً،
وتقلُّصت التجارة مع العراق مسجلة نقصا حادّا، علاوة على توقف ناقلات النفط الأردنية عن نقل النفط العراقي.
كيف اثر الغزو الامريكي للعراق على الفاتورة النفطية الاردنية؟
خلال فترة الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن الماضي كانت العلاقات الاقتصادية بين البلدين في أوجها ، حين كان العراق يدعم الاقتصاد الأردني بالنفط الرخيص، مع تحوُّل الأردن إلى المتنفس الاقتصادي الوحيد للعراق خلال 12 سنة من الحصار الاقتصادي الدولي عليه.
الى ماذا تعزو تراجع تصدير النفط العراقي ؟
من الملاحظ ان ما يثير القلق الأردني هو تراجع واردات النفط من العراق بشكل حاد، حيث توقفت ناقلات النفط عن استيراد النفط العراقي منذ نحو عامين، والتي تأثرت نتيجة الاضطرابات. ووفقاً لغرفة صناعة الاردن، فقد انخفضت واردات النفط من العراق من 194 مليون دولار في الفترة بين يناير/كانون الثاني ومايو/ أيار 2013، إلى 4 ملايين دولار فقط للفترة نفسها من عام 2014، وذلك بعد توقف نقل 15 ألف برميل يومياً من الاراضي العراقية إلى الأردن.
اكد وزير الطاقة والثروة المعدنية، الدكتور إبراهيم سيف في مؤتمر صحفي مؤخرا حول مد انبوب النفط بين العراق والأردن انه يعد “طموح مشروع للبلدين” كيف يمكن تحقيق ذلك الطموح؟
يتَّضح من خلال الزيارات المتبادلة الأخيرة بينهما، اهتمام الأردن والعراق بإعادة علاقتهما إلى مسارها الصحيح واستكمال مشاريع اقتصادية عالقة بينهما. ويولي البلدان أهمية بالغة لتنفيذ مشروع أنبوب النفط العراقي الأردني “البصرة – العقبة”، ذلك أن العراق يبحث عن منفذ جديد وآمن لتصدير إنتاجه من النفط، في حين ينظر الأردن إلى المشروع على أنه حل يُسهم في تخفيف حدة أزمة الطاقة المتفاقمة لديه.
ما اهمية ربط سكة الحديد بين البصرة والعقبة في مجال النقل؟
تم من خلال الزيارات المتبادلة الأخيرة بين الاردن والعراق إحياء مشروع ربط البلدين بالسكك الحديد، بعد أن تم تأجيل تنفيذه عدة مرات، وهو مشروع عملاق يهدف إلى توسيع قاعدة التجارة الخارجية بين البلدين وفتح آفاق اقتصادية جديدة لكل منهما.
توجد فرص اقتصادية غير محدودة لتوسيع دائرة النشاط الاقتصادي بين الأردن والعراق، لكن الواقع الأمني، الذي تعيشه العراق، يبقى الهاجس الأكبر في كلا البلدين والمُثبِّط لقدراتهما على اصطياد هذه الفرص.
تشهد التجارة البرية بين الاردن والعراق تراجعا، فكم تبلغ نسبة التجارة البرية بينهما وما اسباب تراجعها؟
تضاعفت الصادرات الأردنية إلى العراق من 530 مليون دولار في عام 2007 إلى 1.25 مليار دولار في 2013، وشكلت فيها المنتجات الصناعية أكثر من 90% من صادرات الأردن إلى العراق، والتي تتضمن قطع غيار السيارات والمواد الكيميائية والمعادن والملابس، إضافة إلى منتجات أخرى كالخضار والفواكه والألبان واللحوم.
ومع تصاعد العنف في العراق، انخفضت التجارة بين البلدين بشكل كبير بعدما كانت تشكل ركيزة من ركائز الاقتصاد الأردني. وتراجعت التجارة لأول مرة بين البلدين بعد اندلاع القتال بين قوات الحكومة العراقية والقبائل السنية في محافظة الأنبار في ديسمبر/ كانون الاول عام 2013، وازداد الوضع سوءاً مع سيطرة الجماعات المسلحة على الحدود العراقية مع الأردن في شهر حزيران/ يونيو الماضي، ما أدى إلى إغلاق جزئي للحدود.
وقبل تباطؤ أحجام التبادل التجاري، كُرِّست حوالي 2000 شاحنة لتبادل البضائع بين البلدين. أما اليوم، فإن 1900 من هذه الشاحنات قد غيرت مساراتها حيث أصبحت تعبر من الأردن إلى العراق عن طريق دول الخليج العربي، مثل المملكة العربية السعودية والكويت، في حين انخفض عدد الشاحنات المتجهة الى العراق عبر المنفذ الحدودي بين البلدين إلى أقل من 40 شاحنة فقط منذ كانون الاول عام 2013.
بحث رئيس الوزراء الاردني عبدالله النسور مؤخرا في اثناء زيارته الى بغداد ملفات ساخنة عديدة منها تصدير الفواكه والخضار الى السوق العراقي ما هي رؤيتك لهذا الموضوع؟
اغلقت السلطات الاردنية المركز الحدودي “جابر” بعد سيطرة مسلحين على الحدود الاردنية السورية مطلع شهر نيسان الماضي، وشددت الرقابة الأمنية على الشريط الحدودي المشترك مع سورية. لقد كان المعبر مصدر دخل مربح للحكومة وللأردنيين، على حد سواء، وحاسماً بالنسبة للمنتجات الزراعية التي يتم إنتاجها في وادي الأردن، الذي يعد واحداً من المصادر الزراعية الأكثر وثوقاً بها في المنطقة. لكن تدفق السلع قد توقف تماماً، الأمر الذي قد يضطر فيه التجار للاعتماد على نقاط التهريب على طول الحدود.
لكن في حال تم الاتفاق بين الجانبين الاردني والعراقي على فتح اسواق تصديرية جديدة للمنتجات الزراعية الاردنية ولاسيما الفواكة والخضار فإنه بلا شك سيعمل على تعويض الاسواق السورية التي باتت مغلقة امام التجار الاردنيين. ولكن نقل البضائع من الأردن إلى العراق محفوف بالمخاطر، ومكلف للغاية أيضاً، ذلك أن سائقي الشاحنات باتوا يرفعون سقف أجورهم في ضوء التهديدات التي يواجهونها من قبل “الدولة الإسلامية” على طول الطريق.
اماني العبوشي
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية