الخلاف على سنجار ينقض النتائج “الإيجابية” لزيارة العبادي لأنقرة

الخلاف على سنجار ينقض النتائج “الإيجابية” لزيارة العبادي لأنقرة

بغداد – ناقض بيان صادر الجمعة عن الخارجية العراقية بشكل جذري الأجواء الإيجابية التي سادت بين تركيا والعراق خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قبل أيام إلى أنقرة، وصدرت خلالها مواقف متفائلة بشأن توطيد العلاقات بين البلدين وعملهما المشترك على تكثيف التعاون في مختلف المجالات.

وأدانت ‏وزارة الخارجية العراقية، الضربات الجوية التركية على مناطق قضاء سنجار غربي الموصل مركز محافظة نينوى بشمال العراق.

وقال أحمد محجوب المتحدث الرسمي باسم الوزارة “في الوقت الذي ترفض فيه وزارة الخارجية هذه الهجمات، فإنّها تنفي نفيا قاطعا وجود أي تنسيق بين بغداد وأنقرة بهذا الصدد، كما تجدد الوزارة دعوتها تركيا إلى مغادرة قواتها للأراضي العراقية باعتبار تواجدها مخالفا للاتفاقيات الدولية ومبدأ احترام السيادة المتبادل”.

ودأبت تركيا على التدخّل العسكري بشكل محدود في مناطق الشمال العراقي لمطاردة وضرب مسلّحي حزب العمّال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة تنظيما إرهابيا، ويلوذ عدد من مقاتليه بالمناطق العراقية ذات التضاريس الوعرة للاحتماء من الضربات التركية.

كما أنشأت أنقرة قاعدة في منطقة بعشيقة شمالي الموصل تتحدّث أرقام غير رسمية عن وجود 600 جندي تركي داخلها.

ولفّ الغموض ظروف إنشاء تلك القاعدة التي يبدو من شبه المؤكّد أنها أقيمت بعلم سلطات إقليم كردستان العراق الذي يدير كيانا أقرب إلى الحكم الذاتي بشمال العراق، لكن علم حكومة بغداد بها بشكل مسبق يظل موضع جدل واتهام بعض الخصوم السياسيين لرئيس الوزراء حيدر العبادي بـ“سماحه سرّا” لتركيا بإنشائها.

وباءت بالفشل كل الجهود العراقية لإخراج الجنود الأتراك من معسكر بعشيقة، وذهبت مختلف التهديدات الصادرة عن حكومة بغداد وأحزاب وميليشيات شيعية لأنقرة أدراج الرياح، بينما ازدادت نبرة الحكومة التركية ارتفاعا في الدفاع عن “شرعية” وجود قواتها داخل الأراضي العراقية.

ولا تسلم علاقة العراق مع تركيا من مزايدات سياسية على ارتباط بالتنافس الإيراني التركي على النفوذ في العراق الذي يمرّ بفترة ضعف شديد وتراجع لدولته على مختلف المستويات.

وكثيرا ما مثّل التدخّل العسكري التركي في العراق، رغم محدوديته، ورقة بيد خصوم حيدر العبادي ومنافسيه من داخل عائلته السياسية الشيعية التي يوالي أبرز قادتها إيران ويسهرون على حماية نفوذها في البلد.ويعمل هؤلاء الخصوم على إبراز ذلك التدخل كدليل على ضعف حكومة بغداد وتفريطها في سيادة الدولة العراقية على أراضيها.

ولم يتردّد مراقبون في تصنيف بيان الخارجية ضمن هذا السياق، حيث رجّح نائب عراقي سابق أن يكون “البيان انعكاسا لعدم رضا الخارجية العراقية التي يقودها إبراهيم الجعفري عن زيارة العبادي في هذا الوقت الحساس لأنقرة دون طهران، ورغبته في أخذ مسافة عن هذا الخيار وعدم المشاركة في تحمّل مسؤوليته”.

وقال النائب ذاته “إنّ غارات الطيران التركي على مواقع داخل الأراضي العراقية أمر معهود منذ سنوات ولم ينقطع أبدا، والاحتجاج عليه في الوقت الحالي لا يمكن أن يكون من دون خلفيات سياسية”.

وقال بيان الخارجية العراقية “إنّ عمق العلاقات والتعاون المنشود بين العراق وتركيا يجب أن يستند إلى رؤية موحدة في القضاء على الإرهاب بكافة أشكاله وبما يحافظ على حياة المدنيين العزل وإبعادهم عن مناطق التوتر”.

وراجت خلال الفترة القريبة الماضية أنباء عن توتّر في علاقة رئيس الوزراء العراقي الحالي حيدر العبادي الساعي إلى الفوز بولاية ثانية في المنصب، مع إيران بسبب إعلانه الالتزام بتنفيذ العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على طهران.

وغذّى قيام العبادي بزيارة إلى تركيا وعدم قيامه بزيارة مماثلة لإيران، خصوصا في فترة سعيه لتجديد ولايته مع علمه بالدور الإيراني في اختيار من يحكم العراق، التوقّعات بشأن مدى التوتّر في علاقة الرجل بالقيادة الإيرانية. وذهب البعض إلى القول إنّ الإحجام عن زيارة إيران لم يكن اختيارا من العبادي، بل جاء بفعل رفض طهران استقباله بسبب موقفه من العقوبات.

وسادت زيارة رئيس الوزراء العراقي، الثلاثاء الماضي، إلى أنقرة أجواء إيجابية حيث استقبل بحفاوة من قبل الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان وأبدى الطرفان استعدادهما للتعاون على حلّ مختلف المسائل العالقة بين البلدين، لا سيما مسألة مياه نهر دجلة الذي أقامت عليه تركيا سدّا ضخما أثّر بشكل واضح على منسوب المياه المتدفّقة صوب العراق.

العرب