طهران تبحث في دمشق عن إضفاء “شرعية” على وجودها في سوريا

طهران تبحث في دمشق عن إضفاء “شرعية” على وجودها في سوريا

دمشق – قالت مصادر عربية إن الزيارة المفاجئة التي يقوم بها وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي إلى دمشق تستهدف معرفة ما إذا كان النظام السوري على استعداد لمتابعة التنسيق الكامل مع طهران في المرحلة المقبلة، في وقت تواجه فيه روسيا، أكبر حلفاء النظام، ضغوطا من قبل واشنطن لإجبار إيران على الانسحاب من سوريا.

وأوضحت أن هذه المرحلة التي تحددها الاتفاقات الإسرائيلية – الروسية، في شأن مدى ابتعاد إيران والقوات التابعة لها من ميليشيات لبنانية وعراقية وأفغانية عن خط وقف النار في الجولان، تثير مخاوف وتساؤلات في طهران.

والسؤال الذي سيحاول وزير الدفاع الإيراني الحصول على إجابة عنه هو: هل تستطيع دمشق التصرّف من منطلق أنّ وجود القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في الأراضي السورية وجود “شرعي”؟

والشرعية التي تحاول إيران إضفاءها على وجودها العسكري في سوريا عبر الحصول على ضمانة دمشق محل شك، خصوصا في موسكو التي يتحول الوجود الإيراني في سوريا مع الوقت إلى عائق أمام توصلها إلى اتفاقات مع الغرب بشأن عودة اللاجئين السوريين وعملية إعادة الإعمار ومعركة إدلب، بالإضافة إلى ملفات أخرى غير مرتبطة مباشرة بسوريا.

وأثارت التطورات الأخيرة في سوريا، خصوصا الإشراف الروسي المباشر على الأمن في منطقة الجولان، قلقا لدى إيران التي باتت تسعى إلى معرفة ما إذا كان النظام السوري لا يزال قادرا على الالتزام بالوعود التي قطعها في شأن وجودها العسكري “الشرعي” الذي شدّد عليه وزير الخارجية السوري وليد المعلّم مؤخرا.

وأكثر ما يقلق إيران هو السيطرة الروسية الكاملة على دمشق بعدما اضطرت إلى سحب قواتها إلى مسافة تصل إلى مئة كيلومتر عن خط وقف إطلاق النار في الجولان بناء على طلب إسرائيل. ويعني هذا أنّ القرار السياسي للنظام السوري صار روسيا مئة في المئة بعدما فقد الرئيس بشّار الأسد القدرة على اللعب على أيّ تناقضات بين روسيا وإيران واستخدامها من أجل امتلاك هامش للمناورة على صعيد القرار السياسي.

إيران تجد نفسها في وضع لا تحسد عليه في سوريا وذلك بعدما خيّرها الجانب الروسي بين الانسحاب عسكريا من الجنوب السوري وبين استمرار استهداف إسرائيل لأهداف عسكرية تابعة لها في الأراضي السورية

وتأتي زيارة حاتمي في وقت عززت فيه الولايات المتحدة من وجودها في سوريا ومنحته طابعا سياسيا إلى جانب صيغته العسكرية، إذ أرسلت ويليام روباك الممثل عن وزارة الخارجية، لتفقد القواعد العسكرية الأميركية في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد، في الوقت الذي يخوض فيه ممثلون عنهم مفاوضات شاقة مع النظام السوري لتحديد مستقبل هذه المناطق.

وهذه الزيارة هي رسالة لروسيا، ومن ثم إيران، بأن الولايات المتحدة متمسكة بأوراقها في عملية المساومة الجارية مع موسكو من أجل تحديد مستقبل إيران في سوريا.

والتقي حاتمي بالأسد، كما سيجري محادثات مع وزير الدفاع السوري علي عبدالله أيوب. وقالت المصادر العربية إن إيران مهتمة بمعرفة ما إذا كان النظام السوري لا يزال ملتزما بما أعلنه وليد المعلم في مؤتمره الصحافي الأخير الذي كان الهدف منه طمأنة طهران في ما يخص وجودها على الأراضي السورية من جهة وعدم انصياع النظام السوري بشكل كامل لرغبات موسكو من جهة أخرى.

وكان وزير الخارجية السوري حرص على تمرير عبارة يفهم منها أن النظام غير راض عن الطريقة التي يجري بها الإعداد لدستور سوري جديد، نافيا في الوقت ذاته وجود أي اتفاقات روسية – إسرائيلية تتعلّق بالجنوب السوري.

ويرى مراقبون أن إيران تجد نفسها في وضع لا تحسد عليه في سوريا وذلك بعدما خيّرها الجانب الروسي بين الانسحاب عسكريا من الجنوب السوري وبين استمرار استهداف إسرائيل لأهداف عسكرية تابعة لها في الأراضي السورية. ولجأت إيران إلى التحايل على القيود التي فرضها الروس والإسرائيليون عليها عن طريق إلباس خبرائها وعناصر الميليشيات التابعة لها بزات الفرقة الرابعة في جيش النظام السوري.

العرب