فشل الرئيس الإيراني حسن روحاني في إقناع مجلس الشورى (البرلمان) بخططه لانتشال البلاد من أزمة اقتصادية ومعيشية طاحنة، وقد يحيله النواب على القضاء. وأقرّ روحاني بارتكاب أخطاء، مستدركاً أن احتجاجات شهدتها مدن إيرانية خلال الأشهر الأخيرة «أغرت» الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي المُبرم عام 2015. ونبّه إلى أن «كثيرين فقدوا ثقتهم بمستقبل» ايران و»يشككون في قوتها».
وتزامن تشديد الضغوط على روحاني داخلياً، مع تصعيد واشنطن لهجتها إزاء طهران، لا سيّما بعدما اعتبر القائد الجديد لبحرية «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال علي رضا تنكسيري أن بلاده «تستطيع ضمان الأمن في الخليج، ولا حاجة لغرباء، مثل الولايات المتحدة والدول التي لا مكان لها هنا».
وكتب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على «تويتر»: «إيران لا تسيطر على مضيق هرمز، وهو ممرّ مائي دولي. ستواصل الولايات المتحدة العمل مع شركائنا، لضمان حرية الملاحة والتدفق الحرّ للتجارة في الممرّات المائية الدولية». وأعلن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس توجيه تحذير إلى طهران، مؤكداً أنها ستُحاسَب على أيّ تصرف سيء في المنطقة.
في النروج (رويترز) رجّح إبراهيم المهنا، وهو مستشار في وزارة الطاقة السعودية، ألا تؤدي العقوبات الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب على طهران، إلى «وقف كامل لصادراتها» النفطية. وقدّر كميات النفط التي تمرّ عبر مضيق هرمز بأكثر من 18 مليون برميل يومياً، أي ثلثَي تجارة النفط البحرية في العالم. وأضاف: «منع مرور النفط سيسبّب نقصاً حاداً في الخام وصعوداً صاروخياً في الأسعار». وتساءل «هل إيران قادرة على إغلاق مضيق هرمز أو باب المندب في شكل كامل أو حتى جزئي، أو لديها الرغبة في ذلك؟ الإجابة هي لا كبيرة».
إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن بلاده سترسل وفداً إلى واشنطن للتفاهم حول التعاملات المالية مع طهران. وتابع: «لسنا مع العقوبات الاقتصادية ضد أي بلد، وهذا موقفنا الاستراتيجي».
وأفادت وكالة «رويترز» بأن مذكرة داخلية أظهرت أن فرنسا طلبت من ديبلوماسييها ومسؤولين في وزارة الخارجية، إرجاء كل رحلاتهم غير الضرورية لإيران إلى موعد غير مجدد، مشيرة إلى أن «سلوك السلطات الإيرانية يشير إلى تشديد موقفها من بلدنا وبعض حلفائنا».
في طهران، استجوب النواب روحاني في شأن انهيار الريال الإيراني وتدهور الوضع المعيشي وارتفاع البطالة وأسعار سلع أساسية. جاء ذلك بعدما عزل البرلمان وزيرَي المال مسعود كرباسيان والعمل علي ربيعي. وقدّم 50 نائباً طلباً لاستجواب وزير الصناعة والتجارة والمناجم محمد شريعتمداري.
ولم يقتنع النواب بأجوبة روحاني حول ملفات البطالة والعملة الأجنبية والركود والتهريب، مستثنين ملف العقوبات المصرفية. وتنصّ قواعد البرلمان على أن يقرر النواب خلال أيام هل فشل الحكومة في الملفات التي نوقشت، يرقى إلى انتهاك لالتزاماتها القانونية، وإن كانت ستُحال على القضاء للبتّ فيها، علماً أن القرار النهائي يعود إلى المرشد علي خامنئي، كما حصل لدى استجواب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في المجلس عام 2011.
وقال النائب المحافظ مجتبى ذوالنور إن أعضاء في البرلمان طرحوا أسئلة على الرئيس، سيعقدون الأحد المقبل اجتماعاً مع قانونيين في المجلس، لاتخاذ قرار في هذا الصدد. وخاطب روحاني قائلاً: «بنيتم قصراً من التمنيات يُدعى الاتفاق النووي. بركلة واحدة من ترامب، دُمِر هذا القصر ولم يكن لديكم أي بديل».
وأقرّ الرئيس بـ «ارتكاب أخطاء»، متحدثاً عن «طريق ثالث» لدى ايران للتعامل مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، إضافة إلى خيارَي التخلّي عنه أو البقاء فيه. وأضاف: «أطمئن الأمّة الإيرانية أننا لن نسمح بنجاح المؤامرة الأميركية ضد ايران».
وتابع أن الاحتجاجات التي شهدتها بلاده «أغرت ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي»، مضيفاً أن «المشكلات الاقتصادية حرجة، لكن الأهم أن كثيرين فقدوا الثقة بمستقبل ايران ويشككون في قوتها». واستدرك: «يجب ألا نقول إننا نواجه أزمة. لا أزمة. إذا قلنا أنها موجودة سيتحوّل الأمر مشكلة بالنسبة إلى المجتمع ثم تهديداً».
وزاد مخاطباً النواب: «قد تتحدثون عن التوظيف والعملات الأجنبية والركود والتهريب. أعتقد بأن المشكلة هي في رؤية الناس للمستقبل. هم لا يشعرون بالخوف من الولايات المتحدة، بل من خلافاتنا. إذا رأى الشعب أننا متحدون، سيدرك أن المشكلات ستُحَل. مشكلات إيران ستُسوّى خلال شهور».
وتطرّق إلى تهديده بالقتل خلال تجمّع لرجال دين في مدينة قم، قائلاً: «لا مشكلة إذا هُدِدت بالاغتيال. لا اعتبر الأمر مهماً. كلنا ندرك أن حلمنا أن نُقتل في سبيل الله».
الحياة