حرق القنصلية الإيرانية في البصرة وقصف «المنطقة الخضراء» في بغداد

حرق القنصلية الإيرانية في البصرة وقصف «المنطقة الخضراء» في بغداد

اقتحم متظاهرون في البصرة أمس، مقر القنصلية الإيرانية في المدينة وأحرقوه، بعدما أحرقوا في ساعة متقدمة ليل الخميس مقار الأحزاب والفصائل المسلحة. وتعرضت المنطقة الخضراء في بغداد لقصف بقذائف «هاون». وحذر المرجع الشيعي علي السيستاني وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من تصاعد الأحداث التي بدأت خلال احتجاجات على تدهور الخدمات وازدياد البطالة.

وتسارعت وتيرة التوتر في البصرة حين اقتحم متظاهرون أمس مقر القنصلية الإيرانية وأضرموا النار فيه. وفيما أكدت القنصلية حرق مبناها وتدميره، دعت السفارة الإيرانية في بغداد رعاياها في البصرة إلى المغادرة بعد إغلاقها منفذ «الشلامجة». وتردد مساءً أن أحد المتظاهرين قتل بالرصاص.

وأعلنت وسائل إعلام عراقية إغلاق الطرق المؤدية إلى القنصلية الأميركية في المحافظة، بعد معلومات عن محاصرتها من قبل متظاهرين.

وترددت معلومات عن مواجهات عنيفة بين «عصائب أهل الحق» التابعة لـ»الحشد الشعبي» والمتظاهرين، بعدما أطلق مسلحو «الحشد» النار عليهم. وفي وقت لاحق حاول محتجون اقتحام مقر «الحشد».

وأكد الناطق باسم الخارجية العراقية أحمد محجوب أن «استهداف البعثات الديبلوماسية مرفوض ويضر بمصالح العراق وعلاقاته مع دول العالم ولا يتصل بشعارات التظاهر ولا المطالبة بالخدمات والماء».

وأفاد في بيان: «نتفهم مطالب المتظاهرين من أهلنا في محافظة البصرة، ونعرب عن أسفنا الشديد لتعرض القنصلية الإيرانية لهجوم من بعض المتظاهرين، ونعد هذا العمل تطوراً غير مرض لا ينسجم مع واجب الضيافة الوطنية للبعثات، لذا ندعو المتظاهرين إلى تجنب الإضرار بها، كما ندعو الحكومتين المركزية والمحلية إلى تعزيز حماية أمن البعثات الديبلوماسية».

وأمس، أعلن بعض نواب تحالف «الفتح» (بزعامة هادي العامري) المنضوي في تحالف «البناء» عن جمع تواقيع نواب من كل الكتل لaإقالة العبادي. وأفادوا في بيان بأن «أكثر من 80 نائباً وقعوا طلباً لإقالة رئيس الوزراء المنتهية ولايته على خلفية فشله في توفير الخدمات».

وفيما شن السيستاني هجوماً عنيفاً على السياسيين، مشدداً على ضرورة تشكيل حكومة جديدة وفق معايير مختلفة تستند إلى الكفاءة والخبرة لا المحاصصة، دعا مقتدى الصدر إلى جلسة برلمانية عاجلة تعقد اليوم، قوبلت بترحيب من رئيس الوزراء حيدر العبادي.

وكان محتجون أحرقوا ليل أول من أمس مقار الأحزاب وفصائل شيعية ومكاتب مسؤولين شملت أحزاب «الدعوة الإسلامية – المقر العام»، و «منظمة بدر» وحزب «الفضيلة» و «تيار الحكمة» و «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» و «عصائب أهل الحق» (الشيخ قيس الخزعلي) وحركة «إرادة» وفصائل «النجباء» و «كتائب سيد الشهداء» و «سرايا الخرساني» وغيرها.

وبعد ساعات، استهدفت قذائف «هاون» المنطقة الخضراء في بغداد، حيث مقار الحكومة والبرلمان والسفارة الأميركية التي سمِعت صافرات الإنذار تطلق من محيطها. وأعلنت «خلية الإعلام الأمني» أن «ثلاث قذائف هاون سقطت على أرض متروكة داخل المنطقة الخضراء من دون وقوع خسائر بشرية أو مادية».

وساد هدوء حذر شوارع البصرة أمس بعد ليلة صاخبة، وسط دعوات إلى التهدئة وعدم الانجرار إلى صدامات مسلحة مع المتظاهرين ضد الفساد وسوء الخدمات.

وقال عبد المهدي الكربلائي ممثل السيستاني خلال خطبة الجمعة أمس: «المرجعية الدينية العليا تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع في مدينة البصرة العزيزة، وتعبّر عن عميق ألمها لما آلت إليه الأمور، مما حذرت منه لأكثر من مرة لكنها للأسف لم تجد آذاناً صاغية لتحذيراتها».

وأكد الكربلائي رفض «ما تعرض له المتظاهرون السلميون من اعتداءات صارخة، لا سيما إطلاق الرصاص عليهم، ما أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا في صفوفهم وجرح أعداد كبيرة. كما ندين بشدة الاعتداء على القوات الأمنية المكلفة حماية المباني والمنشآت الحكومية، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة».

وزاد أن «الشعب العراقي المظلوم (…) لم يعد يطيق مزيداً من الصبر على ما يشاهده ويلمسه من عدم اكتراث المسؤولين بحل مشكلاته المتزايدة وأزماته المستعصية، بل انشغالهم بالتنازع على المكاسب ومغانم المناصب والمواقع الحكومية». واستدرك أن «ما يعاني منه المواطنون في البصرة ومحافظات أخرى من عدم توفر الخدمات الأساسية وانتشار الفقر والبطالة واستشراء الفساد في مؤسسات الدولة إنما هو نتيجة طبيعية للأداء السيئ لكبار المسؤولين وذوي المناصب الحساسة في الحكومات المتعاقبة التي بُنيت على المحاصصات السياسية والمحسوبيات».

ودعا ممثل المرجعية إلى «الضغط باتجاه أن تكون الحكومة الجديدة مختلفة عن سابقاتها، وأن تراعي الكفاءة والنزاهة والشجاعة والحزم والإخلاص للبلد والشعب في اختيار كبار المسؤولين فيها». وأضاف: «انكشف بمتابعة ممثلية المرجعية الدينية لمشكلة الماء في البصرة مدى التقصير الحكومي، وظهر أنه كان في الإمكان ببعض الجهد وبمبالغ غير باهظة قياساً إلى إمكانات الحكومة، تخفيف الأزمة إلى حد كبير».

ويعقد البرلمان العراقي جلسة «طارئة» اليوم استجابة لدعوة الصدر، لمناقشة العنف الذي رافقته الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالخدمات في محافظة البصرة. ودعا رئيس السن في البرلمان محمد علي زيني أمس النواب إلى حضور الجلسة.

وكان الصدر حض البرلمان الجديد على «الانعقاد فوراً وبجلسة علنية استثنائية تُبث علناً عبر القنوات الرسمية ليطلّع الشعب على مجريات الأمور، وبمدة أقصاها الأحد المقبل، وفي حضور رئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الصحة ووزير الموارد المائية ووزير الإسكان والإعمار والبلديات ووزير الكهرباء ومحافظ البصرة ونائبيه ورئيس مجلس محافظة البصرة لوضع حلول جذرية آنية ومستقبلية في البصرة».

الحياة