حذر مسؤولون كبار من حدوث أزمة اقتصادية جديدة مماثلة لتلك التي انطلقت في سبتمبر/أيلول 2008، واعتبر بعضهم أن العالم بات أقل استعدادا لمواجهة أي أزمة محتملة، وسط مطالبات بمحاسبة المسؤولين.
وقال مسؤول الشؤون الاقتصادية في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) بيرغيوسيبي فورتوناتو “الأزمة تطرق الأبواب، سياسات الانتعاش الاقتصادي الحالية في الولايات المتحدة غير كافية، لم تحدد هذه السياسات بشكل جيد”.
وأضاف في حديث لوكالة الأناضول “نرى الآن مثالا على اقتصاد هش، وخلال السنوات المقبلة قد تكون هناك أزمة (اقتصادية) أكثر خطورة مما كانت عليها عام 2008”.
وتابع أنه رغم مرور عشر سنوات على أزمة ليمان براذرز عام 2008 (أعلن إفلاسه حينها)، من الواضح أن الأسواق العالمية لم تتعلم أي درس من الأزمة المالية.
كما حذر من احتمال حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة إلى جانب حدوث فجوة ضيقة بين تكاليف الاقتراض قصيرة وطويلة الأجل، استنادا إلى تقرير للبنك الوطني الأميركي.
وأعطى صورة محبطة عن الاقتصاد الأوروبي، وقال “إذا نظرت للاقتصاد الأوروبي فسترى سيناريو أكثر سوءا من الولايات المتحدة، السياسات الإصلاحية في أوروبا تتقدم ببطء”.
وأكد أنه من الصعب العثور على أساس الانهيار المالي قبل عشر سنوات، وأشار إلى أن هناك اعتقادا واسع النطاق بأن العديد من المشاكل الهيكلية التي تسهل حدوث الأزمة لا يمكن تغييرها”.
وقال “طبقت سلسلة من اللوائح للحد من نفوذ البنوك، لكن من الواضح أنها ما تزال غير فعالة”.
خدمة الأغنياء
من جهته أكد المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس-كان أن العالم أقل استعدادا اليوم لمواجهة أزمة مالية كبيرة كما كان قبل عقد من الزمن، وعزا ذلك إلى أن القوانين غير كافية.
وقال ستراوس -الذي كان يدير الصندوق في أوج الأزمة المالية المدمرة في العام 2008- في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية.
واعتبر ستراوس أن السماح بإفلاس ليمان براذرز كان خطأ جسيما، “خصوصا أنهم بعد أسبوع واحد كانوا مرغمين على إنقاذ شركة (إيه آي جي) للتأمين التي كانت أكبر بكثير.
وأشار إلى أن التنسيق الدولي انتهى، “فلم يعد أحد يلعب هذا الدور الآن. لا صندوق النقد الدولي ولا الاتحاد الأوروبي، كما أن سياسات رئيس الولايات المتحدة لا تساعد”.
كان صندوق النقد الدولي حذر الشهر الماضي من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، لأسباب عدة، أبرزها سياسات الحمائية التجارية التي تنتهجها الولايات المتحدة.
واعتبر ستراوس أن التيسير الكمي -حيث قامت المصارف المركزية بضخ سيولة في النظام المصرفي- مفيدا ومقبولا، لكنها سياسة مصممة أساسا لإنقاذ النظام المالي، وبالتالي تخدم أغنى الناس في العالم.
اتهامات
ووجه رئيس لجنة التحقيق بالأزمة المالية لعام 2008 فيل أنغيليدس أصابع الاتهام إلى بعض أكثر الرجال نفوذا في العالم وفي وول ستريت، لمسؤوليتهم عن التسبب بانهيار الاقتصاد العالمي، مما أطلق العنان للمواقف الحادة التي لا تزال حتى اليوم تسيطر على السياسة الأميركية.
فلا بد من إخضاع جميع هؤلاء للتحقيق -حسب لجنة التحقيق بالأزمة المالية العالمية التي يترأسها أنغيليدس- ذلك أن الأدلة تشير إلى أنهم ضللوا المستثمرين حول انكشافهم على استثمارات سيئة في قلب أزمة وول ستريت. لكن لم تحمل المسؤولية إلى أي من حيتان المال الكبار.
وقال أنغيليدس وزير الخزانة السابق في ولاية كاليفورنيا لوكالة الصحافة الفرنسية “لم تحمل المسؤولية جنائيا أو مدنيا إلى أي شخص من الذين قادوا هذا السلوك وتكتموا وأشرفوا عليه”.
وتقول معاهد استطلاعات الرأي إن الأزمة المالية وخطة الإنقاذ والافتقار إلى ملاحقة المرتكبين الأفراد أدت إلى تآكل ثقة الشعب الأميركي بالحكومة وترك الناخبين في حالة غضب واستقطاب شديدين.
وحرّكت واشنطن تريليونات الدولارات لإنقاذ القطاع المصرفي الذي سبب الأزمة، لكن بعيدا عن وول ستريت تفاقمت المعاناة جراء الأزمة الاقتصادية.
ومع طرح المصارف منازل الأشخاص غير القادرين على السداد للبيع في المزادات ارتفعت معدلات الانتحار في كل أنحاء الولايات المتحدة، وخسر نحو عشرة ملايين أميركي وظائفهم، ومع استسلام العمال للأمر الواقع هبط حجم سوق العمل بشكل حاد دون أن يتعافى الوضع حتى الآن.
المصدر : وكالات