السلام “بارد” بعد أربعين عاما على معاهدة كامب ديفيد

السلام “بارد” بعد أربعين عاما على معاهدة كامب ديفيد

القاهرة – بعد أربعين عاما على توقيع اتفاقات كامب ديفيد، لا يزال “السلام باردا” بين مصر وإسرائيل يقتصر على العلاقات الدبلوماسية والسياسية، بعيدا عن أي تطبيع ثقافي أو قبول شعبي من الجانب المصري.

ودفع الرئيس المصري الأسبق أنور السادات حياته ثمنا لتوقيعه اتفاق السلام مع اسرائيل في 17 سبتمبر 1978 بعد زيارة تاريخية قام بها الى القدس. وقتل برصاص إسلاميين متطرفين بعد ثلاثة أعوام من إبرام الاتفاقية في السادس من أكتوبر 1981.

ويقول ابن شقيقه النائب السابق في البرلمان محمد أنور السادات الذي يضع صورة عمه خلف مكتبه “ما زال هناك حاجز نفسي بيننا وبين الشعب الاسرائيلي، هذه حقيقة ملموسة”.

ويضيف “السلام ربما لا يزال باردا لأن أحدا، بمن في ذلك الرئيس السادات، لم يفكر في حل منفرد”، بل “لا بد أن يكون الحل شاملا (بين العرب واسرائيل) كي نتعايش. وسيظل هناك مطلب شعبي (في مصر) بحل مع الفلسطينيين وبحل مع سوريا” قبل أي تطبيع مع اسرائيل.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كمال السيد إن معاهدة كامب ديفيد أنتجت “قبول مصر التطبيع الكامل في الجانب الدبلوماسي والسياسي وبعض المجالات الاقتصادية”، ولكن من دون أن يؤدي ذلك إلى “تطبيع ثقافي او شعبي”.

واذا كان 70% من المصريين ولدوا بعد اتفاقات كمب ديفيد التي شكلت إطارا لمعاهدة سلام وقعتها مصر واسرائيل في مارس 1979، إلا أن ذلك لم يمنع الاجيال الشابة من تبني موقف ذويهم نفسه تجاه التطبيع مع اسرائيل.

وكان أبرز مثال على ذلك رفض لاعب الجودو المصري الشاب إسلام الشهابي مصافحة منافسه الإسرائيلي أور ساسون في الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو قبل عامين.

وكان لاعب كرة القدم المصري محمد صلاح تعرض لانتقادات كثيرة بعد مشاركته في مباراة في إسرائيل في 2013 عندما كان يلعب مع فريق سويسري.

ولا تزال معظم النقابات المهنية والعمالية واتحادات الفنانين والكتاب في مصر تحظر أي شكل من أشكال التطبيع مع اسرائيل.

وأثار احتفال أقامته السفارة الإسرائيلية بالقاهرة في مايو 2018 في فندق بميدان التحرير بمناسبة الذكرى 70 لإنشاء الدولة العبرية، سخطا واسعا لدى الكثير من المصريين. وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في حينه إن معارضين للتطبيع مع إسرائيل طالبوا بإلغاء الحفل كما حاول مسؤولون مصريون إلغاءه بذريعة أسباب أمنية.

في مارس 2016، دعا النائب المصري توفيق عكاشة السفير الاسرائيلي حاييم كورين الى العشاء في منزله، فاتهم بأنه بحث معه في مسائل متعلقة بالأمن القومي المصري. وأسقطت عضويته من البرلمان على الأثر بتصويت ثلثي النواب.

“التطبيع فشل”

ويقول الشاب محمد (24 عاما) الذي يؤدي خدمته العسكرية في الجيش المصري حاليا “لا يوجد تطبيع لأن لا وجود لأي إنسانية أو التزام بالسلام الفعلي (من جانب الاسرائيليين) مع الفلسطينين او العرب بشكل عام”.

ويقول محمد أسامة وهو موظف في بنك استثماري في القاهرة، “التطبيع فشل شعبيا نتيجة للأحداث المرتبطة بالفلسطينيين… ما حدث معنا كمصريين من دفن للأسرى في حرب 1967، وقصف المدارس وضرب الاطفال ومخيمات الإيواء للاجئين في لبنان… كلها أمور لا يمكن نسيانها، حتى لو كان هناك دبلوماسيون وسفارات”.

إلا أن عددا من المصريين يعبرون عن رضاهم على اتفاقات كامب ديفيد التي أعادت الأرض وأوقفت الحروب.

ويقول محمد عبد المنعم (32 سنة) الذي يعمل موظفا في شركة، إن “الاتفاقية بالنسبة لي جيدة بنسبة مئة في المئة… فلا يوجد صراع ولا يوجد دماء وحققنا ما أردناه”.

ويذكر السادات بأن اتفاقات كامب ديفيد مكنّت مصر من استعادة سيناء كاملة بعد ان احتلتها اسرائيل في العام 1967 مع الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان السورية، مؤكدا “فخره” بالانتماء الى أسرة رجل كان “يتمتع بشجاعة كبيرة جدا ورؤية للمستقبل”.

العرب