وقال نائب وزير التجارة الصيني وانغ شوين اليوم (الثلاثاء) إن “الولايات المتحدة تبنت للتوّ قيودا تجارية كبيرة جديدة. كيف يمكن إجراء مفاوضات والسيف على رقبتنا بهذا الشكل؟ لن تكون مفاوضات ومشاورات تُجرى في أجواء من الندية”.
وكان المسؤول الصيني يقصد نفاذ القرار الأميركي رفع الرسوم الجمركية التي تبلغ نسبتها 10 في المائة على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار سنويا. وقد أعلنت بكين أنها سترد فورا عبر فرض رسوم تبلغ 5 أو 10 في المائة على منتجات أميركية بقيمة 60 مليار دولار سنويا.
ولفت وانغ شوين إلى أن مصدّري الغاز المسال الأميركيين سيتضررون من الرسوم التي ستفرضها بلاده، في مقابل استفادة دول أخرى، منها أستراليا التي تشكل “مصدرا مهما للوقود” بالنسبة إلى الصين.
ويبدو أن هذه التطورات نسفت المفاوضات بين الجانبين، وقال وانغ شوين إن الولايات المتحدة تراجعت عن تفاهمات سابقة مع بكين، مؤكداً أن “استمرار المفاوضات في هذه الأجواء ليس ممكنا”.
وهنا صار السؤال عن الاتجاه الذي تسير فيه العلاقات بين الولايات المتحدة والصين مشروعاً وملحّاً، لأن المسألة تبدو كأنها تتخطى الحرب التجارية لتلامس بداية “حرب باردة”، كما اعتبرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.
ويجدر التوقف عند آراء الخبراء والمعنيين بالشأن التجاري والاقتصادي في ما يحصل. وفي هذا السياق، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة “جيه.بي مورجان تشيس” المصرفية الأميركية جيمي ديمون إن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على حق في اهتمامه بملف التجارة مع الصين، لكنه أخطأ باللجوء إلى الرسوم الجمركية لمعالجة العجز التجاري الكبير لبلاده مع العملاق الآسيوي.
ويتردد أن مستشار ترمب لشؤون التجارة بيتر نافارو والممثل التجاري الأميركي روبرت لايتيزر وسواهما من “الصقور”، يؤيدون الانفصال الاقتصادي لواشنطن عن بكين. ويرى هؤلاء أن الولايات المتحدة والصين هما في حالة تنافس استراتيجي طويل المدى، ولذلك لم يعد من الممكن فصل السياسة التجارية الأميركية عن الأمن القومي. ويتحدّثون عن سجل سيئ للصين في مجال حقوق الإنسان، وتحركاتها العدائية في بحر الصين الجنوبي، وعدم احترامها حقوق الملكية الفكرية…
من سيكون الرابح؟
الآن وقد تأججت نار الحرب التجارية، يجدر السؤال: من سيربحها؟
للوهلة الأولى قد يكون الجواب الصين، لأنها تحقق فائضاً تجارياً ضخماً مع الولايات المتحدة – 375 بليون دولار عام 2017 -، ولأن سلعها حيوية يحتاجها الأميركيون في حياتهم اليومية.
لكن الرسوم المرتفعة التي ستزيد حكماً أسعار المنتجات الصينية في الأسواق الأميركية، ستجعل التجار الأميركيين المستوردين يوجهون أنظارهم إلى بلدان أخرى. وهنا، يلفت مراقبون إلى أن الاستعاضة عن المنتجات الصينية بمنتجات أخرى ممكن. ففي ما يخص الملابس والبياضات على سبيل المثال، لم تعد السوق الأميركية حكرا على السلع الصينية، بل هناك أخرى مستوردة من الهند وسريلانكا واندونيسيا وبنغلاديش وفيتنام وماليزيا وغيرها…
كذلك، تستطيع شركات صناعية أميركية تنتج سلعاً “أثقل”، إقامة مصانع في دول جنوب شرق آسيا، وتدريب عمال محليين، وبالتالي الاستعاضة عن مصانعها القائمة في الصين. بل إن محللين أميركيين أكثر تفاؤلا، لا يرون ضرورة لاستيراد بعض السلع على الإطلاق، إذ يمكن صنعها محلياً وبيعها بأسعار معقولة، الأمر الذي ينعش الصناعة الأميركية ويوفر فرص عمل.
ويرى أصحاب هذا الرأي، الذي بات راجحاً داخل الإدارة الأميركية، أن كون الصين “مصنع العالم” هو أمر لن يستمر إلا بضع سنوات أخرى، وبالتالي تستطيع الولايات المتحدة مواصلة حربها التجارية مطمئنة إلى فرص الربح.
الشرق الاوسط