تسلّمت هيئة رئاسة مجلس النواب العراقي، 31 طلباً للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، 7 منها فقط استوفت جميع الشروط المطلوبة للترشيح، فيما منح البرلمان الفرصة للمرشحين الآخرين بالطعن لدى المحكمة الاتحادية.
ورغم التنافس الشديد على المنصب، لكن الصراع يدور بين مرشحين أساسيين، هما برهم صالح عن الاتحاد الوطني الكردستاني، وفؤاد حسين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني.
الحزبان الكرديان يخوضان جولة مباحثات ماراثونية في العاصمة بغداد، مع رؤساء الكتل السياسية الشيعية والسنية، لضمان المنصب المخصص للأكراد حصراً.
المعطيات تشير إلى ميول تحالف «الإصلاح والإعمار» بزعامة الصدر والحكيم، إلى مرشح الاتحاد الوطني، فيما تتجه بوصلة تحالف «البناء» بزعامة العامري والمالكي، إلى فؤاد حسين مرشح بارزاني الوحيد.
ويرى مراقبون، أن نجاح تحالف «البناء» بإيصال محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان، إضافة إلى حسم منصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب لمرشح «الديمقراطي الكردستاني» بشير الحداد، كلها مؤشرات على تبني التحالف الموقف ذاته من فؤاد حسين، على أمل «ردّ الدين» عند التصويت لمرشح «البناء» لمنصب رئيس الوزراء.
سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، فاضل ميراني، كشف عن «مؤشرات» تصب لصالح حزبه لحسم منصب رئاسة جمهورية العراق لمرشحه فؤاد حسين.
وقال في تصريح للصحافيين أمس الخميس، من قضاء كويسنجق التابع لمحافظة أربيل، على هامش حضوره تجمع انتخابي لقائمة حزبه الانتخابية، إن «الديمقراطي الكردستاني أرسل وفداً برئاسة عضو المكتب السياسي كريم سنجاري، للتحاور مع الأطراف السياسية بشأن منصب رئيس الجمهورية».
وأضاف: «لا نستطيع أن نتحدث بالنيابية عن الجهات السياسية العراقية، ولكن المؤشرات الموجودة على أرض الواقع تصب لصالح الديمقراطي الكردستاني لحسم منصب رئيس الجمهورية لمرشحه».
وفي اليومين الماضيين، كثّف وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يضم مرشح الحزب لمنصب رئيس الجمهورية فؤاد حسين، من لقاءاته مع القادة السياسيين في العاصمة بغداد. أبرز تلك اللقاءات جرت مع زعيم ائتلاف «دولة القانون»، المنضوي في تحالف «البناء» نوري المالكي.
اللقاء بالمالكي، حسب بيان لمكتبه، تضمن بحث «مستجدات الوضع السياسي والحوارات الجارية بين القوى السياسية لتشكيل الحكومة القادمة».
ونقل البيان عن المالكي، تأكيده على أهمية «قراءة التحديات ووضعِ الأولويات وتحمل المسؤوليات تجاهها»، مشددا على ضرورة «استحضار المصلحة العراقية، وضرورة تحقيق الوئام السياسيّ في العراق لتقديم الخدمات وتوفير فرص العمل وإعادة إعمار مدن البلاد». ودعا، الشركاء الأكراد، وفقاً للبيان، إلى «توحيد موقفهم في تقديم مرشح واحد لرئاسة الجمهورية وفق الاستحقاقات».
كذلك التقى وفد الحزب، زعيم تحالف «الفتح»، مركز ثقل «البناء»، هادي العامري، لمناقشة «الإسراع في تشكيل حكومةٍ وطنيةٍ تخدمُ متطلباتِ الشعب».
عضو وفد الحزب الديمقراطي المفاوض، النائب محمد شاكر، قال لـ«القدس العربي»، تعليقاً على هذه الزيارات، إنها تأتي «في إطار تعزيز العلاقات، إضافة لبحث تشكيل الحكومة الجديدة، وبكل تأكيد حسم ملف تحديد مرشح رئيس الجمهورية».
وأضاف: «المفاوضات ستستمر حتى 2 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل (الموعد المحدد لاختيار رئيس الجمهورية)». وزاد: «رغم شدة التنافس بين مرشحنا فؤاد حسين ومرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح، غير أن حظوظ حسين كبيرة في تولي المنصب. سيحصل على أغلب أصوات النواب في جلسة الثلاثاء المقبل».
وأشار إلى أن «هذه الزيارة تأتي عقب زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني إلى بغداد والنجف، بهدف حصول مرشح الحزب على أعلى الأصوات في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية».
أما النائب عن تحالف «الفتح» أحمد الكناني، فأشار لـ«القدس العربي»، إلى أن «هناك أكثر من مرشح لمنصب رئيس الجمهورية. ننتظر من الأخوة الأكراد حسم أمرهم والقدوم إلى بغداد بمرشح واحد».
وأضاف: «منصب رئيس الجمهورية مهم، كونه سيتولى مهمة تكليف الكتلة البرلمانية الأكبر، لاختيار رئيس الوزراء»، مبيناً أن «الشعب العراقي ينتظر ذلك للمضي بتشكيل حكومة قوية متماسكة قادرة على مواجهة التحديات وتقديم الخدمة للمواطن العراقي».
وفيما عبّر التركمان عن وقوفهم بالضدّ من اعتماد مبدأ «المحاصصة» في توزيع مناصب الرئاسات الثلاث، غير إنهم أقروا أن منصب رئيس الجمهورية من حصة الأكراد.
النائب عن الجبهة التركمانية، أحمد حيدر قال لـ«القدس العربي»، «نحن ضد نظرية المحاصصة في توزيع مناصب الرئاسات الثلاث، لكن العرف السياسي يقضي أن رئاسة الجمهورية للمكون الكردي».
وأكد بن المرشح الأكثر حظاً لتولي المنصب «لم يتضح حتى الآن عازياً السبب في ذلك إلى «الخلاف بين الحزبين الكرديين الكبيرين».
وأوضح أن «ملف اختيار رئيس الجمهورية يسير بطريقه الدستوري، ابتداءً من الترشيح وعرض أسماء المرشحين على هيئة النزاهة والمساءلة والعدالة، وصولا إلى تحديد موعد التصويت على المرشحين الذين سيخرج منهم رئيس الجمهورية».
في الأثناء، كشف النائب عن تحالف «البناء» منصور البعيجي، أن تحالفه لن يصوت لأي مرشح لرئاسة الجمهورية دعم استفتاء استقلال إقليم كردستان جرى في 25 أيلول/ سبتمبر 2017، داعياً الأكراد إلى ترشيح شخصية «وطنية» تستحق أن تتسلم منصب رئاسة الجمهورية.
وقال في بيان إن «تحالفه لن يصوت لأي مرشح لرئاسة الجمهورية دعم استفتاء إقليم كردستان ودعا إليه، لأنه لا يصلح أن يكون رئيساً لجمهورية العراق وهو مؤمن بتقسيم البلد»، داعياً الكرد إلى «الاتفاق فيما بينهم وتقديم شخصية وطنية يستحق أن يتسنم منصب رئيس الجمهورية ويكون رئيساً للعراق بمعنى الكلمة حاميا لدستوره وأرضه وسمائه».
وأضاف: «من غير الممكن لمن ترسخت في عقله فكرة الانفصال وتقسيم البلد أن يكون رئيساً لجمهورية العراق، وهو قبل فترة قصيرة ينادي بالانفصال وتقسيم والبلد، لذلك على الكتل الكردية أن تقدم مرشحا يتمتع بالمواصفات التي تؤهله أن يكون رئيساً للجمهورية يستحق أن يصوت له ثلثي أعضاء مجلس النواب».
وأشار إلى أن «الجلسة المقبلة، ستكون حاسمة داخل قبة البرلمان على اعتبار أن المدة التي حددها الدستور قد انتهت»، متابعاً «يجب أن يكون رئيس الجمهورية المقبل حامياً للدستور لا أن يحتمي به كما حصل من قبل الرؤساء السابقين، لذلك نأمل أن يكون الرئيس المقبل قوياً قادراً على حماية الدستور وحماية البلد من أي اعتداء داخلي أو خارجي، وأن يكون رئيساً للعراقيين جميعا لا لإقليم كردستان أو قوميته فقط».
القدس العربي