استراتيجيا إدارة ترامب لمكافحة الإرهاب: أدوات غير عسكرية لمواجهة إيران وحلفائها

استراتيجيا إدارة ترامب لمكافحة الإرهاب: أدوات غير عسكرية لمواجهة إيران وحلفائها

شدّدت واشنطن ضغوطها على طهران، بعدما كشف جون بولتون، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الأمن القومي، استراتيجيا جديدة لمكافحة الإرهاب تحوّل أولوية الولايات المتحدة لإيران والتنظيمات المتطرفة التي تدعمها، لا سيّما من خلال وسائل غير عسكرية، وإن واصلت مواجهة «تحدٍ» تشكّله الجماعات الأخرى الإسلامية.

في المقابل أكد الجنرال حسين سلامي، نائب قائد «الحرس الثوري» الإيراني، أن بلاده «تجاوزت كل العقبات»، وزاد: «المشكلات الاقتصادية أصغر من عزيمة شعبنا. قدراتنا عظيمة جداً، وسنقطع يد أميركا في العالم الإسلامي». وتطرّق إلى هجوم صاروخي شنّته إيران على مواقع لتنظيم «داعش» في سورية قبل أيام، قائلاً: «استهدفنا بصواريخ إرهابيين قرب الأميركيين، ثم يوجّهون إلينا رسالة بأن نقيم خط اتصال معهم، لإبلاغهم بالضربات الصاروخية قبل تنفيذها. بلغت إيران مكانة تتحدث فيها قوى عظمى معها بهذا الشكل من الاحترام».

وتابع: «الكيان الصهيوني ليس في دائرة تهديدنا، حزب الله (اللبناني) طوى صفحته. نقول لرئيس وزرائه الجوّال (بنيامين نتانياهو): بدل تحريض العالم على تقدّم إيران، تعلّم السباحة في (البحر) المتوسط، إذ ليس أمامك سوى الفرار إلى البحر، إذ إننا سنشهد قريباً زوال هذا الكيان المزيف».

إلى ذلك، أعدّت إدارة ترامب استراتيجيا لمكافحة الإرهاب، هي الأولى منذ عام 2011، عندما ركّزت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما على التهديد الذي يشكّله تنظيم «القاعدة»، بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن في باكستان.

وتعكس الأولوية الممنوحة لإيران، في الاستراتيجيا الجديدة، سعي ترامب إلى احتواء نفوذها في الشرق الأوسط، وتقليص برنامجها الصاروخي ودعمها جماعات «متطرفة»، وإرغامها على العودة إلى طاولة المفاوضات، من خلال إعادة فرض عقوبات عليها، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المُبرم مع طهران عام 2015.

وفي استراتيجيا مكافحة الإرهاب لعام 2011، ذُكرت إيران مرة واحدة، في الصفحة قبل الأخيرة، بوصفها دولة «نشطة» ترعى «الإرهاب». لكن الوثيقة الجديدة تضعها في صلب المخاوف الأميركية، وإن واصلت تركيزها على جماعات مسلحة «سنّية» في سورية والعراق.

وقال بولتون: «تواجه الولايات المتحدة تهديدات إرهابية من إيران التي لا تزال أبرز دولة راعية للإرهاب، ومموّله الرئيس منذ عام 1979. الجماعات الإرهابية التي ترعاها إيران، مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، ما زالت تشكّل تهديداً للولايات المتحدة ومصالحها. نراقب كل الأيديولوجيات التي نواجهها، وليس فقط الأيديولوجيات السنّية» التي يتبنّاها تنظيم «داعش».

ونبّه إلى أن «الجماعات الإرهابية الإسلامية المتطرفة» تشكّل تهديداً عابراً للحدود، بالنسبة إلى الولايات المتحدة، مُقراً بـ «تحديات إضافية لا تزال قائمة»، على رغم أن القوات المدعومة من واشنطن استعادت غالبية المناطق التي سيطر عليها «داعش» في سورية والعراق.

وستعتمد الاستراتيجيا الجديدة على العمل العسكري التقليدي لمحاربة الإرهابيين، كما ستسعى إلى تعزيز التركيز على الوسائل غير العسكرية، لمحاربة «داعش» والتنظيمات المدعومة من إيران وجماعات أخرى. وقال بولتون: «نواجه أيديولوجيا إرهابية، ويعتبر الرئيس (ترامب) منذ فترة طويلة أننا لا نستطيع التعامل مع التهديد الإرهابي في طريقة مناسبة، من دون إدراك أننا في صراع أيديولوجي. هذه الاستراتيجيا تركّز أكثر على حماية الوطن، ومنع الهجمات، وتخفيف تأثير هجوم، في حال حدوثه».

ولفت إلى أن التوجّه الأساسي للاستراتيجيا الجديدة يتضمّن متابعة المتطرفين «إلى مصدرهم»، وإبعادهم عن «مصادر دعمهم»، وهما مما يستهدف دعم إيران «حزب الله» والحوثيين في اليمن. وتشير الاستراتيجيا إلى ضرورة تحديث أدوات مكافحة الإرهاب، ومكافحة التطرف، وحماية البنية التحتية للولايات المتحدة، وتعزيز أمن الحدود والحدّ من قدرة المسلحين على التجنيد عبر الإنترنت.

وتطرّق بولتون إلى الحزمة الثانية من العقوبات التي ستفرضها واشنطن على طهران، في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وتطاول القطاعين النفطي والمصرفي في إيران. وقال: «هدفنا هو الامتناع عن منح إعفاءات من العقوبات، وأن تنخفض صادرات النفط والغاز والمكثفات الإيرانية إلى صفر. لا أقول إننا سنحقق ذلك بالضرورة، ولكن يجب ألا تكون لدى أحد أوهام في شأن ذاك الهدف. يمكنكم درس إمكان خفضٍ يؤدي إلى صفر، ربما يجب ألا يحدث ذلك فوراً».

الحياة