“المنطقة العازلة”في إدلب شبه خالية من السلاح الثقيل

“المنطقة العازلة”في إدلب شبه خالية من السلاح الثقيل

باتت المنطقة العازلة في محيط إدلب شبه خالية من السلاح الثقيل بعد اتمام الفصائل المعارضة والجهادية سحب الجزء الأكبر منه، عشية انتهاء المهلة المحددة لذلك بموجب الاتفاق الروسي التركي.
ويحدد اتفاق أعلنته موسكو وأنقرة الشهر الماضي، اليوم، كمهلة أخيرة لاتمام كافة الفصائل سحب سلاحها الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح والتي تشمل أطراف محافظة إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة تحت سيطرة الفصائل المعارضة والمتطرفة، على خطوط التماس مع قوات النظام.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الثلاثاء إن “المنطقة العازلة باتت شبه خالية من السلاح الثقيل عشية انتهاء المهلة المحددة لذلك”.
وأنهت فصائل المعارضة المقربة من أنقرة الإثنين سحب كافة أسلحتها الثقيلة من هذه المنطقة، وفق ما أعلنت وكالة الأناضول التركية ومتحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير، ائتلاف فصائل غير جهادية.
وحذت الفصائل المتطرفة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) حذو الفصائل المعارضة في سحب السلاح بشكل غير علني في عملية بدأت قبل ثلاثة أيام واستمرت ليلا، وفق المرصد السوري.
وأكد عبد الرحمن “سحب الفصائل المعارضة والجهادية لسلاحها الثقيل من غالبية المواقع في المنطقة العازلة المرتقبة باستثناء ريف اللاذقية الشمالي، حيث لم يتم رصد أي عمليات نقل سلاح ثقيل خارجها” مرجحا أن “يكون قد تم نقله الى خنادق ومقرات سرية”.
وتشمل المنطقة المنزوعة السلاح، والتي يراوح عرضها بين 15 و20 كيلومترا، أطراف محافظة إدلب ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة والمتطرفة في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي.
وتسحب الفصائل سلاحها الثقيل من مواقعها في المنطقة العازلة إلى مقرات تابعة لها على خطوط الجبهة الخلفية. ويؤكد متحدثون باسمها تلقيهم ضمانات عن توجه تركيا لتعزيز وجود قواتها على الجبهات الأمامية مع قوات النظام.
في إدلب، وعلى بعد أكثر من عشرين كيلومتراً عن المنطقة العازلة المرتقبة، شاهد مراسل فرانس برس في موقع تابع للجبهة الوطنية للتحرير عينة عن العتاد الثقيل الذي تم سحبه. ويتضمن دبابات وعربات من طراز “بي أم بي” ومدفعية ثقيلة.
وقال إن مقاتلين عملوا على نقل مجنزرات، الواحدة تلو الأخرى، الى حفر محصنة لحمايتها من القصف الجوي. كما أقدموا على تغليف فوهات المدفعية بشوادر لحمايتها من العوامل الجوية.
ولم تعلن هيئة تحرير الشام التي تسيطر مع مجموعات متشددة أقل نفوذا على نحو ثلثي المنطقة العازلة أي موقف من الاتفاق الروسي التركي، الذي جنّب إدلب ومحيطها هجوما واسعا لوحت به دمشق على مدى أسابيع.
وقال مصدر محلي مقرب من هيئة تحرير الشام لفرانس برس ليل الإثنين إن “الجميع اضطر للموافقة على هذه المبادرة (الاتفاق) وعلى مضض، لكي ينعم الأهالي بشيء من الأمن والأمان بعدما عانوا ولسنوات طويلة من همجية النظام وحلفائه”.
وتؤوي إدلب ومحيطها نحو ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم نازحون من مناطق أخرى وبينهم عشرات الآلاف من المقاتلين المعارضين الذين تم اجلاؤهم من محافظات أخرى، بعد هجمات شنتها قوات النظام على معاقلهم.
ورجّح عبد الرحمن أن تستكمل الهيئة سحب سلاحها من دون الإعلان رسمياً عن ذلك، ليصبح الجزء الأول من الاتفاق نافذا “بحكم الأمر الواقع”.
وشدد على أن “كافة الفصائل من معارضة وجهادية لا تستطيع أن تتحمل تبعات أي تصعيد قد ينتج عن عدم تطبيق بنود الاتفاق”.
وبحسب المصدر المحلي المقرب من هيئة تحرير الشام، فإن سحب الهيئة وفصائل أخرى لسلاحها الثقيل يأتي بعد حصولهم على “تعهدات تركية بأنه ليس لدى روسيا أو النظام أو ايران نية بالانقلاب على الاتفاق، وبأن وجود القوات التركية ونقاطها سيحول دون أي عمل عسكري” ضد مناطق سيطرتها.
وترسل تركيا الراعية لاتفاق إدلب منذ أسابيع، قوات وآليات الى نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب ومحيطها، والموجودة أساساً في المنطقة بموجب اتفاق خفض التصعيد.
ويرى الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيكولاس هيراس لفرانس برس أن “الجزء السهل من الاتفاق قد تم انجازه” بعدما مارست تركيا “ضغوطاً كبيرة على الفصائل المسلحة” لتسليم سلاحها الثقيل.
وتقع على عاتق تركيا مهمة الاشراف على تنفيذ الاتفاق من جهة الفصائل، في خطوة توقع محللون أن تكون صعبة خصوصاً في ما يتعلق بالتنظيمات الجهادية التي عليها أن تنسحب من المنطقة المنزوعة السلاح في مهلة أقصاها الاثنين المقبل.
ويعرب الباحث نوار أوليفر من مركز عمران للدراسات ومقره اسطنبول في تصريحات لفرانس برس عن اعتقاده بأن “هيئة تحرير الشام لن تكون مشكلة في تنفيذ الاتفاق” بخلاف ما كان متوقعاً.
ويرى أنها “تكسب وقتاً اضافياً (..) خصوصاً أنها ستبقى موجودة في ادلب وهي لا تسلم سلاحها أو مقاتليها بل تسلّم المنطقة (العازلة) الى جهة محايدة هي تركيا والجبهة الوطنية للتحرير”.
وتراهن الفصائل على دور الضامن التركي في حماية مناطق سيطرتها، في وقت اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد ان الاتفاق “اجراء مؤقت”، مؤكداً عزم قواته استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية.

الغد