اقتصاد مدينة النجف يشكو العقوبات الأميركية على إيران

اقتصاد مدينة النجف يشكو العقوبات الأميركية على إيران

النجف (العراق) – ألقت العقوبات على إيران وانخفاض قيمة عملتها بظلال كثيفة على الأسواق والشركات التجارية في مدينة النجف العراقية التي كانت، إلى عهد قريب، مقصدا سياحيا رئيسيا للزوار الشيعة وخاصة من إيران.

ويزور مئات الألوف من الإيرانيين ضريح الإمام علي في النجف كل عام، والذي يعد أحد أهم المراقد المقدسة عند الطائفة الشيعية، إضافة إلى الزوار من الطوائف الأخرى.

ويؤكد سكان النجف إنهم لم يعودوا يرون سوى قليل من السياح الإيرانيين يتحدثون باللغة الفارسية في شوارع المدينة وأسواقها التجارية مقارنة بالأشهر السابقة عندما كانت شوارع المدينة تعج بالمتسوقين الإيرانيين.

ويقول تجار المدينة إن أعمالهم في وضع سيء ومبيعاتهم تراجعت نتيجة الهبوط الحاد في قيمة الريال الإيراني بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران، والتي دخلت مرحلتها الأولى حيز التنفيذ في 7 أغسطس الماضي.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو الماضي انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين طهران والقوى العالمية، والذي تم بموجبه تخفيف العقوبات الدولية عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

وتمثل السياحة الدينية العمود الفقري لاقتصاد مدينة النجف العراقية. ويقول أصحاب المتاجر بها إن الإيرانيين يمثلون معظم زوار المدينة.

ويقول التاجر جبار عليوي، صاحب محل ملابس في مدينة النجف، إنه كان يبيع الكثير بالعملة الإيرانية قبل فرض العقوبات الأميركية، وأنه يمر الآن أسبوع أو عشرة أيام دون أن يبيع شيئا بالريال الإيراني.

ومع دخول المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية حيز التنفيذ الشهر المقبل، والتي ستقيد صادرات النفط، يخشى بعض الإيرانيين أن تدخل بلادهم في حالة ركود اقتصادي قد يكون أسوأ مما عايشته في الفترة من عام 2012 إلى عام 2015.

وهوى سعر الريال في السوق غير الرسمية إلى 145 ألف ريال مقابل الدولار من نحو 42 ألفا قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.

وأوضح صاحب محل لبيع المصوغات الفضية ويدعى مرتضى العذاري أن العديد من التجار في المدينة أغلقوا متاجرهم بعد أن تراجعت أرباحهم لدرجة لا تغطي إيجارات المحلات.

وقال المعدلات الشرائية للزوار الإيرانيين انخفضت بشكل ملحوظ وهي تشكل سوى 3 أو 4 بالمئة من مبيعاته بعد أن كانت تشكل نحو 70 بالمئة منها. وأضاف أن ذلك أثر بشكل كبير على النشاط الاقتصادي في النجف وأن بعض المتاجر أغلقت أبوابها.

ويرفض بعض التجار الآن قبول العملة الإيرانية من الزبائن بعد فقدانها لنحو 70 بالمئة من قيمتها خلال 5 أشهر. وأصبحوا يطلبون الدولار الآمن، والذي لا يزال يستخدم على نطاق واسع في العراق.

ونظرا للهبوط الحاد في عدد زوار النجف، تضرر قطاع الفنادق في المدينة، مما أجبر عددا كبيرا من الفنادق على الإغلاق وتسريح العاملين بها.

وقال صائب أبوغنيم، رئيس رابطة فنادق ومطاعم النجف إن هناك 285 فندقا في المدينة، يعمل منها حاليا في حدود 53 فندقا أي أن 230 فندقا أغلقت أبوابها.

وأكد ماجد الجشعمي، صاحب فندق أغنار “بعد فرض العقوبات انعدم نشاط الفنادق بالنسبة للسياحة الدينية بنسبة 98 بالمئة. وأُغلقت 78 بالمئة من الفنادق أبوابها بسبب غياب الزوار الإيرانيين”.

وأضاف أن عددا قليلا من الفنادق لديها زوار من دول الخليج وبعض الزوار من الهند ودول أخرى. أما العراقيون فنسبتهم ضئيلة جدا.

وقال الجشعمي إن الفنادق كانت تستقبل حوالي 1200 إلى 1400 زائر إيراني يوميا. أما الآن فإنها لا تستقبل سوى أقل من 50 زائرا يوميا.

ورجح أن تزداد الأحوال سوءا بالنسبة للفنادق. وقال إن معظم الفنادق أغلقت رسميا وأبلغت السلطات بذلك، مشيرا إلى تداعيات كبيرة على استثمارات أصحابها والعاملين فيها إضافة إلى سوء الوضع الاقتصادي والمعيشي في المدينة.

ويرتبط الاقتصاد العراقي وخاصة في وسط وجنوب البلاد بشكل وثيق بإيران لدرجة أن بغداد طلبت من واشنطن السماح لها بإعفاءات من العقوبات على جارتها.

ويستورد العراق مجموعة واسعة من السلع من إيران، بينها أغذية ومنتجات زراعية وأجهزة منزلية ومكيفات هواء وقطع غيار سيارات.

وبلغت قيمة الصادرات الإيرانية للعراق نحو 6 مليارات دولار خلال الاثني عشر شهرا المنتهية في مارس الماضي، وهو ما يعادل نحو 15 بالمئة من إجمالي واردات العراق العام الماضي.

وتستهدف العقوبات الأميركية، التي دخلت حيز التنفيذ في أوائل أغسطس الماضي، تجارة إيران في الذهب والمعادن النفيسة الأخرى، ومشترياتها بالدولار وصناعة السيارات.

وستطال المرحلة الثانية في نوفمبر المقبل شريان الحياة الاقتصادية الرئيسي وهو صادرات النفط.

العرب