فقد الوسط الإعلامي والصحافي المصري واحداً من أبرز قاماته، إذ غيب الموت مساء أمس الإعلامي حمدي قنديل (82 عاماً) بعد صراع مع المرض، وشيعت جنازته أمس من مسجد الرحمن الرحيم بطريق صلاح سالم، عقب صلاة ظهر الخميس، وووري جثمانه في مقابر الأسرة في البساتين.
ولد قنديل في القاهرة لأسرة متوسطة العام 1936 في كفر عليم في مدينة بركة السبع محافظة المنوفية (دلتا مصر)، واستكمل دراسته في طنطا والتحق بالإذاعة المصرية مبكراً، وكان من رواد المذيعين الذين انتقلوا للعمل في التلفزيون المصري عند إنشائه في مطلع ستينات القرن العشرين.
هو من رواد الصحافة التلفزيونية في مصر والعالم العربي، وبدأ تقديم برنامج «أقوال الصحف» عام 1961 ولم قد تجاوز الـ26. وامتزجت مسيرته الإعلامية بالسياسة، إذ كان واحداً من قيادات «التنظيم الطليعي»، وعرف بانتمائه الناصري الذي لم ينكره يوماً بل كان مبعث افتخاره، ودفع ثمن مواقفه السياسية على مدار مسيرته المهنية المديدة، إذ استبعد من العمل عقب أحداث 15 أيار (مايو) 1971، وهو الانقلاب الذي شنه الرئيس الراحل أنور السادات ضد الناصريين.
وعلى رغم العثرات والعقبات المهنية أضحى قنديل نجماً تلفزيونياً ساطعاً على مستوى الوطن العربي، فقدم برنامجه الشهير «رئيس التحرير» عبر شاشة التلفزيون المصري، الذي عرف بجرأته وضراوة انتقاداته على غير المعهود آنذاك، ووجه أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2003، انتقادات حادة إلى الحكومات العربية بسبب تخاذلها عن دعم القضية، ما أدى إلى وقف برنامجه، فاضطر إلى الانتقال إلى إحدى الدول العربية حيث قدم برنامج «قلم رصاص»، الذي تم وقفه عقب سنوات، فانتقل إلى قناة «الليبية» وجرى أيضاً منع برنامجه لأسباب سياسية وبأوامر مباشرة من نظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك الذي عارضه قنديل. وكان من بين المؤسسيين لحركة «كفاية» و «الجبهة الوطنية للتغيير» التي عارضت مبارك ورفضت توريث الحكم. وخلال السنوات الأخيرة انسحب تدريجاً بهدوء من الساحتين السياسية والإعلامية.
وأكد مقربون من حمدي قنديل في تصريح إلى «الحياة» أنه تحلى بالأخلاقيات والمثل العليا، وكان نبيلاً وشجاعاً، واتسمت شخصيته بالوضوح والصدق، لا يتورع عن الاعتراف بأخطائه إن وجدت.
وتعتبر قصة حبه وزواجه من الفنانة نجلاء فتحي مثابة حكاية ملهمة استمرت أكثر من 20 سنة، إذ بادرت فتحي بطلب الزواج منه على عكس السائد في المجتمعات الشرقية، كما اتسمت علاقتهما بالسمو الشديد، اتضحت عند مرض الفنانة التي عاملها باحترام وتبجيل اتضح خلال أحاديثه عنها، فيما لم يخجل من الاعتراف أنه السبب في عدم قدرته على الانجاب، ما يعكس مدى تقديره للمرأة.
ألف قنديل كتاب «عشت مرتين» دوّن خلاله سيرته الشخصية الذاتية وسرد عبر صفحاته تجربته الحياتية، متناولاً الشخصيات المثيرة للجدل التي التقاها وعمل معها على مدار حياته، من ساسة ومثقفين ورؤساء ومفكرين.
وتصدر هاشتاغ «حمدي قنديل»، قائمة الأكثر تدويناً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ نعاه عدد كبير من الشخصيات العامة والإعلاميين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي. ورثاه المذيع شريف عامر عبر صفحته الشخصية على تويتر قائلاً: «يا سبحان الله! لا إله إلا الله. أمسكت بكتابك ووضعته على مكتبي لإعادة القراءة ظهر اليوم! عشت مرتين وعلمتنا مرات ومرات. سلامنا لكل من نفتقد معك يا أستاذ حمدي».