بكين تتخلى عن طهران مع ظهور بوادر انفراجة مع واشنطن

بكين تتخلى عن طهران مع ظهور بوادر انفراجة مع واشنطن

لندن – ربطت تقارير عالمية بين إيقاف الصين للتعاملات المصرفية مع إيران وبين بوادر انفراجة في حربها التجارية مع الولايات المتحدة. وبدا أن بكين تخلت عن طهران لإنقاذ مصالحها الكبيرة مع واشنطن.

ونقلت وكالة “تسنيم” الإيرانية أمس عن رئيس غرفة التجارة الإيرانية الصينية، أسد الله عسكر أولادي، تأكيده أن المصارف الصينية أوقفت أمس جميع التعاملات مع الشركات الإيرانية بسبب العقوبات الأميركية.

وقال إن جميع المصارف الصينية لم تعد تعمل مع رجال الأعمال الإيرانيين، وأكد أن صادرات إيران إلى الصين وصلت إلى حد التوقف بالكامل بسبب وقف المصارف الصينية علاقاتها مع الشركات الإيرانية.

وأكد أن المباحثات التي يجريها البنك المركزي الإيراني لمواصلة التعاون مع المصارف الصينية لم تصل إلى أي نتيجة.

وتزامن ذلك مع تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد اتصال هاتفي مع الرئيس الصيني، أن المفاوضات التجارية بين البلدين تحرز تقدما وذلك بعد أيام من تأكيده إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري.

وأعرب الرئيس الصيني شي جينبينغ أيضا عن تفاؤله بالقول إن الصين والولايات المتحدة، أكبر اقتصادين في العالم، سيكون بمقدورهما تعزيز علاقات صحية ومستقرة وتوسيع التعاون الثنائي في مجال التجارة.

ويرى محللون أن الصين وجدت نفسها بين خيار إنقاذ مصالحها الكبيرة مع الولايات المتحدة وبين مصالح ضئيلة ومحفوفة بالمخاطر مع إيران، وأن بوادر انفراج المواجهة التجارية مع واشنطن حسمت الاختيار.

وفي بكين كشفت مصادر مطلعة أن بنك كونلون الحكومي الصيني، الذي يعد القناة الرسمية الرئيسية للمدفوعات المالية بين الصين وإيران، أبلغ عملاءه بأنه أوقف التعاملات مع إيران اعتبارا من مطلع الشهر الحالي، أي قبل أربعة أيام من تطبيق العقوبات الأميركية.

ونسبت وكالة رويترز إلى المصادر تأكيدها أن الإيقاف لم يقتصر على تعاملات الدولار بل امتد حتى إلى التعاملات التي تتم باليوان الصيني وجميع التمويلات والمدفوعات التجارية.

وذكرت المصادر أن البنك نفذ قراره بشكل مفاجئ ودون إعلان رسمي. واكتفى بإبلاغ جميع عملائه بإيقاف التعاملات ولم يصدر عنه رد على استفسارات وسائل الإعلام.وتأتي الخطوة بعد إعلان أكبر شركتي نفط حكوميتين في الصين وهما سينوبك وشركة النفط الوطنية (سي.أن.بي.سي) إيقاف شراء النفط الإيراني في الشهر

الحالي. والصين هي أكبر مستورد للنفط الإيراني وتمر جميع المدفوعات النفطية ومعظم التعاملات التجارية الأخرى عبر بنك كونلون.
وكانت واردات الصين من النفط الإيراني قد بدأت بالتراجع منذ سبتمبر الماضي حين انخفضت بأكثر من الثلث، ثم تقلصت بدرجة أكبر الشهر الماضي. ويرجح مراقبون أن تتضاءل وربما تتوقف في الشهر الحالي بعد إعلان أكبر الشركات الحكومية إيقاف تحميل النفط الإيراني.

وترتبط الشركات الحكومية الصينية بعلاقات واسعة مع السوق الأميركية وبعضها مثل شركة سينوبك مدرجة في بورصة وول ستريت في نيويورك، وقد فضلت حماية تلك المصالح.

وكان المحللون يعتبرون الصين آخر وأكبر نوافذ إيران لتخفيف قسوة العقوبات الأميركية سواء بشراء النفط أو بالتعاملات التجارية الأخرى. وسيقلب القرار الصيني المفاجئ جميع التقديرات السابقة بشأن تداعيات العقوبات على إيران. وبالتزامن مع ذلك بدأ المسؤولون الإيرانيون بتهيئة الرأي العام الإيراني بشأن قسوة العقوبات.

وأقر الرئيس حسن روحاني هذا الأسبوع بأن الإيرانيين قد يواجهون أوقات صعبة عندما يبدأ سريان العقوبات الأميركية الجديدة يوم الأحد المقبل.

بنك كونلون هو القناة الرئيسية للتعاملات المالية الصينية مع إيران وقد أوقف تلك التعاملات أمس

وحذر الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي من اندلاع احتجاجات شعبية في البلاد “إذا أصرّ النظام على أخطائه”. وقال إن الانتقادات ستتحول إلى مظاهرات، وليس من الواضح ما الذي سيحل بمصير البلاد بعد ذلك”. وتوقفت اليابان وكوريا الجنوبية ومعظم شركات التكرير الهندية عن شراء النفط الإيراني بعد يأسها من الحصول على إعفاءات أميركية. وتجد تركيا نفسها في وضع صعب في ظل إصرارها على مواصلة الشراء في ظل توتر علاقات أنقرة مع واشنطن.

ولم يعد أمام إيران سوى نافذة خجولة يحاول الاتحاد الأوروبي فتحها عبر آلية تتيح شراء النفط الإيراني ومواصلة بعض التعاملات التجارية. لكن الخبراء يجمعون على أنها مهمة صعبة للغاية من الناحية التقنية وتعرض المشاركين فيها لانتقام واشنطن.

ومن المستبعد أن تغامر أي شركة أوروبية لديها مصالح مع الولايات المتحدة بالتعامل مع إيران، وقد أعلنت جميع الشركات الأوروبية الكبرى إيقاف تعاملاتها بالفعل.

ويبدو من شبه المؤكد أن الآلية الأوروبية لن تجد عوائد تذكر من صادرات النفط عبر القنوات الرسمية من جهة ولن تجد شركات كبيرة لتصدير منتجات إلى إيران من الجهة الأخرى. ويمكن أن نتخيل حجم الشركات التي لا تملك أية مصالح مع الولايات المتحدة التي تمثل ربع الاقتصاد العالمي.

العرب