المعركة الدائرة بين الفرقاء السياسيين على منصبي وزير الداخلية ووزير الدفاع في حكومة عادل عبدالمهدي بصدد التحوّل إلى معركة كسر عظم يرفض كل طرف التراجع عنها والتسليم بالهزيمة فيها، ليكون الخاسر الأكبر هو الحكومة ذاتها ورئيسها الواقع تحت ضغط الوقت ويطمح إلى طي ملف استكمال تشكيل الحكومة بأقصى سرعة والمرور إلى معالجة ما هو أهم من ملفات متراكمة شديدة التعقيد.
بغداد – تعقدت مهمة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي لاختيار وزيري الداخلية والدفاع في حكومته، قبل جلسة حاسمة في السادس من الشهر الجاري، ينتظر أن تشهد التصويت على مرشحي الحقائب الوزارية المتبقية في الكابينة الجديدة.
ومنح البرلمان العراقي الثقة لـ14 وزيرا في حكومة عبدالمهدي في وقت سابق، ومازال على رئيس الوزراء الحصول على ثقة مجلس النواب لـ8 مرشحين آخرين، أبرزهم المرشحيْن لحقيبتي الداخلية والدفاع.
ولا يتردّد متابعون للشأن العراقي في التشكيك بإمكانية استكمال تشكيل الحكومة ونيل جميع أعضائها ثقة مجلس النواب، ويقول أحد المحللّين السياسيين “إنّ الأحزاب ربما أرادت بتسهيل تمرير جزء من الحكومة إيهام الشارع بأنّها تخلّت عن السعي لتحصيل المناصب، وتصوير حكومة عبدالمهدي كما لو أنها مختلفة عن الحكومات السابقة”.
وتقول مصادر “العرب” في بغداد إن “مرشح حقيبة الداخلية، عالق بين رغبة الزعيم الشيعي العنيد مقتدى الصدر في اختيار شخصية مستقلة للمنصب وبين رغبة حلفاء إيران في البرلمان العراقي بإسناد المنصب إلى فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي”.
وتضيف المصادر أن “طهران متمسكة بالفياض وتضغط على مختلف الأطراف السياسية لضمان مروره عبر البرلمان”، فيما يبدي الصدر، وحلفاؤه، ممانعة شديدة.
ويؤكّد نائب عراقي سابق “إنّ أكثر ما يهم إيران في قضية وزير الداخلية هو أن تظل الملفات الأمنية مغلقة ولا يتم تصفّحها إلاّ من قبل رجالها”، متوقّعا “أن الصدر وحلفاءه غير مختلفين حول هذه النقطة مع طهران، وسيتم استرضاؤهم بشخصية ليست إشكالية بالرغم من أنها توالي إيران بشكل مطلق”.
وتطرح كتلة سائرون النيابية، التي يرعاها مقتدى الصدر، خيار عرض جزء من أعضاء الكابينة المؤجلين، خلال الجلسة القادمة، الأمر الذي وصفه حلفاء إيران بـ”المناورة التي تريد إسقاط الفياض عبر تكرار تأجيل عرض اسمه على التصويت”.
الأحزاب أرادت بتسهيل تمرير جزء من الحكومة إيهام الشارع بأنها تخلت عن السعي لتحصيل المناصب والمكاسب
وحتى الساعة لا يدري رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي ما إذا كان التحالف الصدري قادرا على الإطاحة بالفياض عندما يعرض على التصويت في البرلمان، وفقا لمقربين منه. وفي حال اضطر عبدالمهدي لعرض اسم الفياض على البرلمان فإنه قد يواجه انقلابا صدريا، يضع حكومته تحت الضغط مستقبلا.
وتقول المصادر إن عبدالمهدي يبحث عن مخرج من هذه الأزمة، مؤكدة أنه اقترح أكثر من مرشح بديل على حلفاء إيران، لكنهم رفضوا بحث الأمر من الأساس.
وتعتقد كتلة البناء التي تضم جميع حلفاء إيران في البرلمان العراقي، بأنها قادرة على ضمان الأغلبية اللازمة لمرور الفياض، وهو ما يخشى الصدر تحققه فعلا.
ونجحت “البناء” في تجاوز اعتراضات قوية على ترشيح محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان وتمكنت من وضعه في المنصب، بالرغم من الممانعة الصدرية.
ويقول مراقبون إن “وصول الخلاف إلى نقطة التحدي بين الصدر والبناء، سيحول عملية التصويت على مرشح الداخلية إلى معركة كسر عظم في البرلمان”.
وتؤكد المصادر أن عبدالمهدي سيواصل سعيه خلال الأيام القليلة القادمة، لإقناع أحد الطرفين بالتنازل عن موقفه المتشدد بشأن حقيبة الداخلية، وإلاّ فإن حكومته قد تتلقى ضربة قاصمة، في حال اندلع نزاع برلماني بين سائرون والبناء.
ووفقا لمصادر سياسية، فإن “السفارة الأميركية في بغداد تضغط على عبدالمهدي للإصغاء إلى الصدر”. لكن مراقبين يشيرون إلى أن الولايات المتحدة تمارس دورا خجولا في ملف تشكيل حكومة عبدالمهدي، وسط توقعات بألا يكون لجهودها أثر واضح.
في موازاة ذلك، تتأرجح حقيبة الدفاع بين مرشحين يمثلون قوى سنية متقاطعة. وحتى الآن، بلغ عدد الأسماء التي رشحتها أطراف سنية، بشكل رسمي، لهذا المنصب، سبعة مرشحين. وتقول قائمة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي إن المنصب من حصتها وفقا للاستحقاق الانتخابي، لكن حركة الحل بزعامة جمال الكربولي تطالب بالحقيبة أيضا.
وتسربت أنباء عن تفاهم بين علاوي وزعيم “المشروع العراقي” جمال الضاري، على الدفع بمرشحين جددا لحقيبة الدفاع، لتجاوز الخلافات بشأن الأسماء القديمة.
العرب