بعد مرور أسبوع على دخول الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران حيز التنفيذ، لا زالت السوق الإيرانية تحافظ على حالتها السابقة.
ولم تظهر على الاقتصاد الإيراني أي ردة فعل حتى الآن، على عكس ما شهده من تخبط عقب فرض الحزمة الأولى من العقوبات في أغسطس/آب الماضي.
واستهدفت الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية، التي دخلت حيز التنفيذ في 5 نوفمبر/كانون الثاني الجاري، قطاع صادرات النفط والغاز والبتروكيميائيات الإيرانية.
وإحدى أبرز مؤشرات الهدوء الذي ما زال يسود السوق الإيراني هو حفاظ أسعار صرف العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي على مستوياتها السابقة، على عكس ما حدث عقب إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اعتزام بلاده الانسحاب من اتفاقية النووي في مايو/أيار الماضي، عندما شهد الريال الإيراني هبوطاً حاداً أمام الدولار في السوق الموازية.
يومها بلغ الدولار الواحد 100 ألف ريال، وواصل هبوطه ليحطّم الرقم القياسي في سبتمبر/أيلول بتخطيه مستوى 190 ألف ريال، بعد أن كان في مستوى 60 ألفا قبل إعلان ترامب.
أما عقب الحزمة الثانية من العقوبات، ما يزال سعر صرف العملة الإيرانية أمام الدولار الأمريكي يحافظ على مستواه السابق عند 145 ألف ريالا للدولار الواحد.
وكانت أسواق القطاعات المختلفة في إيران، قد شهدت حالة من الارتباك الواضح بعد 7 أغسطس الماضي، حيث حدثت موجة غلاء لأسعار غالبية السلع بدءاً من الأغذية، وليس انتهاء باللباس، والعقارات وغيرها.
غير أنه في هذه المرة كانت إيران اكثر استعدادا لمواجهة تداعيات العقوبات، التي تمس أهم مورد لعائداتها من العملات الأجنبية.
فقد صرح محافظ البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، أنه تم اتخاذ كافة التدابير اللازمة عبر وضع الموارد والنقد الأجنبي ضمن نظام معين، وقال ان احتياطي النقد الأجنبي للبلاد في المستوى المطلوب لمواجهة احتياجات البلاد من الوارداتً.
ويرى مراقبون ان آلية التجارة البديلة المزمع إنشاؤها مع الاتحاد الأوروبي، وإعفاء الولايات المتحدة 8 بلدان من تعد من المستوردين الرئيسيين للنفط الإيراني، والموقف التركي إزاء العقوبات، كانت من العوامل الرئيسة التي قلصت من تأثيرات العقوبات الأخيرة حتى الآن.
ورغم عدم ظهور تأثيرات العقوبات في الشارع الإيراني، خلال الأيام الأولى من سريانها، إلا أنه من المنتظر إقبال حكومة الرئيس حسن روحاني، والشعب الإيراني على أيام صعبة، وتضرر الاقتصاد الإيراني بشكل كبير لاحقاً.
وحاليا يرى عالم الأعمال وغرف التجارة في إيران أن الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية لن تؤدي إلى التأثيرات المتوقعة، نظراً لاعتياد الشعب والاقتصاد الإيرانيين على هذه العقوبات التي يتعرضان لها منذ 40 عاماً. كما يعلق مسؤولو أبرز المنظمات المهنية في إيران آمالهم على تركيا في التخلص من آثار العقوبات، نظراً لإعفائها بشكل مؤقت منها، وسط إشادة بموقف أنقرة في هذا الخصوص.
وقال فضل همامي، المدير العام لاتحاد الصلب والمعادن الإيراني، أنه من المتوقع أن يواجه الإيرانيون صعوبات وتحديات خلال الأيام المقبلة، نتيجة العقوبات، إلا أنه أعرب عن ثقته في قدرتهم على تجاوزها بفضل التدابير المتخذة. وأشار إلى أن العقوبات الأمريكية، ستشكّل فرصة لزيادة التبادل التجاري مع تركيا المعفية من العقوبات، مشيداً بمساندة أنقرة لطهران في مثل هذه الحالات طوال السنوات الـ 40 الماضية.
واستبعد محمد علي زيغامي، نائب رئيس غرفة التعاون التي تعد من أهم المؤسسات التجارية في إيران، أن تؤدي العقوبات الأمريكية الأخيرة، إلى تغييرات كبيرة في البلاد، مؤكداً ان التركيز سيكون على الإنتاج خلال المرحلة المقبلة.
وشدد على أن عالم المال والأعمال الإيراني، اعتاد على مثل هذه العقوبات، وبات لديه الخبرة الكافية للتعامل معها. وأشار إلى أن إيران ستستضيف الشهر المقبل، اجتماعاً اقتصادياً دولياً تشارك فيه 150 شركة من 26 بلد حول العالم، مبيناً أن الاجتماع مؤشر على تجاهل عقوبات واشنطن. على صعيد آخر أعلن عضو لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان الإيراني، عبد الرضا عزيزي، أمس ان الدولة ستقدم مساعدات غذائية لـ 11 مليون شخص من الذين تقل إيراداتهم الشهرية عن 3 ملايين تومان (قرابة 215 دولارا).
وأشار إلى أن راوتب العمال والموظفين لا تكفيهم لسد احتياجاتهم، جراء ارتفاع أسعار السلع بسبب ارتفاع التضخم في الفترة الأخيرة.
وأوضح ان النية تتجه إلى رفع عدد المستفيدين من المساعدات الغذائية إلى 30 مليونا في المراحل المقبلة (إجمالي عدد السكان نحو 82 مليون).
وأكد عضو لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان الإيراني أن المستفيدين من المساعدات الغذائية، سيقدّم إليهم أيضا مساعدات مالية.
القدس العربي