الخوخة (اليمن)- اندلعت اشتباكات عنيفة في مدينة الحديدة اليمنية لليلة الثانية على التوالي، في تصعيد يأتي قبل ساعات من زيارة يعتزم مبعوث الأمم المتّحدة مارتن غريفيث القيام بها إلى صنعاء في محاولة لعقد مفاوضات سلام بين أطراف النزاع اليمني قبل نهاية العام.
وبعد هدوء عمّ جبهات القتال خلال النهار، إثر اشتباكات ليلية عنيفة شهدتها المدينة المطلّة على البحر الاحمر ليل الاثنين-الثلاثاء وكانت الأولى منذ توقّف المعارك تماماً قبل نحو أسبوع، تجدّدت المعارك ليل الثلاثاء-الأربعاء.
وفي الجهة الشرقية، أفاد سكان أنّ اشتباكات عنيفة تدور أيضاً عند أطراف أحياء سكنية، وأنّ شظايا القذائف تتساقط في هذه الأحياء.
معارك عنيفة
وتأتي هذه المعارك قبيل ساعات من زيارة متوقّعة لغريفيث إلى صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين لبحث فرص عقد مفاوضات سلام في السويد قبل نهاية العام بهدف إنهاء النزاع المتواصل منذ 2014.
وبعدما حصل على تأكيد رسمي من الحكومة المعترف بها دوليا بالحضور، سيسعى غريفيث في العاصمة الخاضعة لسيطرة المتمردين لإعداد خريطة طريق لمشاركة الحوثيين في المحادثات التي يسعى لعقدها في السويد قبل نهاية العام. ومن المتوقع أن يلتقي غريفيث في صنعاء مسؤولين في صفوف المتمردين بدءا من الاربعاء.
وأعرب أطراف النزاع خلال الأيام الماضية عن دعمهم لجهود المبعوث الدولي، لكن هذا الدعم لم يمنع المعارك العنيفة من أن تعود لتندلع في مدينة الحديدة بعد فترة من الهدوء أعطت أملا بامكانية إنهاء النزاع المتواصل منذ أكثر من أربع سنوات.
واشتدّت المعارك في مدينة الحديدة غرب اليمن في بداية نوفمبر، قبل أن توقف القوات الحكومية، بحسب قادة ميدانيين على الأرض، محاولة تقدّمها في المدينة الأربعاء الماضي، في ظلّ دعوات دولية لوقف إطلاق النار.
وتحاول القوات الموالية للحكومة منذ يونيو الماضي استعادة الحُديدة التي تضم ميناءً حيوياً تمرّ عبره غالبية السلع التجارية والمساعدات الموجّهة الى ملايين السكان.
هدنة فورية
وقبل عودة المواجهات، تلقّت الجهود الأممية الهادفة لعقد مفاوضات سلام زخماً من أطراف النزاع الذين أبدوا تأييدهم إعادة إطلاق العملية السياسية. ففي عدن، أعلنت الحكومة المعترف بها بشكل رسمي مشاركتها في محادثات السلام المقترحة.
وفي صنعاء، طالب محمد علي الحوثي القيادي البارز في صفوف الحوثيين قيادة التمرد بـ”التوجيه بوقف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على دول العدوان”، ودعاها إلى تأكيد استعدادها “لتجميد وإيقاف العمليات العسكرية في كل الجبهات”.
ومنذ تدخّل السعودية في النزاع اليمني على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 دعماً لقوات الحكومة، يطلق المتمردون بشكل متواصل صواريخ بالستية على المملكة ويعلنون عن شنّ هجمات بطائرات من دون طيار ضدّ أهداف فيها.
وقد تعكس دعوة القيادي البارز رغبة لدى الحوثيين لتهدئة الأوضاع في أفقر دول شبه الجزيرة العربية قبيل زيارة غريفيث، رغم أنّ قرار السلم والحرب يبقى في يد زعيم التمرّد عبدالملك الحوثي.
في هذه الأثناء وزعت بريطانيا على أعضاء مجلس الأمن الدولي الاثنين مسودة قرار حول النزاع في اليمن تدعو إلى هدنة فورية في مدينة الحديدة وتحدد مهلة أسبوعين للمتحاربين لإيصال المساعدات إلى البلد الفقير الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ودعت أيضا إلى تزويد الاقتصاد اليمني بكميات كبيرة من العملات الصعبة عبر المصرف المركزي لدعم العملة اليمنية المتداعية ولدفع الرواتب المتأخرة للموظفين الحكوميين والمدرسين وموظفي وزارة الصحة في غضون شهر. ولم يتم بعد تحديد موعد للتصويت على المشروع.
كما حذّرت “مجموعة الازمات الدولية” في تقرير حول النزاع في مدينة الحديدة اليمنية من تبعات إنسانية وعسكرية وسياسية “مدّمرة” لهذه الحرب التي تهدد ميناء يعتمد عليه ملايين السكان، داعية المجتمع إلى التدخل فورا لوقفها.
ضمانات بالعودة
وقال غريفيث في مقابلة مع قناة “سكاي نيوز” إنّه يأمل أنّ يلتقي الغرماء في اليمن في السويد “خلال الأسابيع القليلة المقبلة” للتوصّل إلى “صيغة مناسبة لاشتراك جماعة انصار الله (الحوثيين) والاطراف السياسية الأخرى في اليمن في حكومة وحدة”.
وأفادت محطة سكاي نيوز أنّه تمّ التوصّل لاتفاق يضمن مشاركة ممثّلي الحوثيين في المؤتمر دون خوف من منعهم من العودة لليمن، وهو الأمر الذي شكّل عائقاً أفشل عقد مباحثات سلام سابقة في جنيف في سبتمبر.
ويقول مراقبون إن السعودية والإمارات تريان في تصعيد الضغط على الحوثيين أحد الروافد غير المباشرة للعقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي. ويضع الهجوم على الحديدة إيران في موقف أضعف كثيرا، ويسحب المبادرة من الحوثيين.
العرب