“أبو خطاب” جهادي كردي من حلبجة يقود هجوم “الدولة الاسلامية” على كوباني

“أبو خطاب” جهادي كردي من حلبجة يقود هجوم “الدولة الاسلامية” على كوباني

أبو خطاب جهادي كردي

من مقاتل “رومانسي” يظهر ببندقية تحمل وردة في فوهتها الى جهادي اصولي يرفع شعار التوحيد امام جثامين المقاتلين الاعداء من ابناء جلدته الاكراد في كوباني، انه ابو خطاب الكردي القائد العسكري لعمليات تنظيم الدولة الاسلامية في كوباني الكردية. وينحدر ابو خطاب من مدينة حلبجة العراقية. وتظهر صور تداولتها المواقع الجهادية، ابو خطاب وهو في عدة مواقع آخرها داخل كوباني.
ويخبرنا قيادي كردي اسلامي يقاتل مع احد فصائل الثوار شمال حلب بأن ابو خطاب، يقود مجموعة من الاكراد الجهاديين القادمين من كردستان العراق، وقد التحق بهم ضمن تنظيم الدولة بعض الشبان الكرد الاصوليين من الحسكة وريف حلب، ورغم ان اعدادهم ظلت محدودة الا انهم شكلوا قوة مؤثرة لتنظيم الدولة خلال هجومه على القرى الكردية في ريف كوباني وقبلها الحسكة في الاشهر الماضية.
وتشير الانباء الواردة من جرابلس ومنبج المجاورتين لكوباني بريف حلب الى ان ابو خطاب استقدم في اليومين الاخيرين تعزيزات من بلدتي جرابلس ومنبج ضمت بعض الشباب الكرد المنتمين للدولة الاسلامية، وتمكنت هذه التعزيزات من مساندة الهجوم الذي شنته قوات النخبة لاقتحام كوباني خلال الساعات الماضية بقيادة ابو خطاب الكردي.
ولابو خطاب ثأر قديم مع حزب بي واي دي PYD الكردي الذي يقاتل في كوباني، فإضافة الى العداء الايديولوجي فإن شقيق ابو خطاب قتل في مواجهات مع حزب بي واي دي في ريف الحسكة قبل اشهر، وهو الهجوم الذي تشير مواقع الجهاديين الى ان ابو خطاب الكردي تولى قيادته بتكليف من ابو عمر الشيشاني. وفي اولى العمليات في الحسكة نفذ تنظيم الدولة الاسلامية عملية نوعية اعتمد فيها على خمسة مقاتلين اكراد اقتحموا مقر حزب البعث وقتلوا كل من فيه وابرزهم عضو قيادة حزب البعث حنا عطاالله الذي كان يقود مجموعات للشبيحة في الحسكة وتمكن المقاتلون الاكراد من رفع علم تنظيم الدولة على مبنى الحزب قبل ان يتمكن النظام من استعادته بعد ساعات.
واضافة الى كردستان العراق فإن التيار الاسلامي له حضور ايضا عند اكراد سوريا، وهو تيار لا ينسجم مع التيار اليساري الثوري الكردي الذي يحظى بالنفوذ الاكبر بين اكراد ريف حلب الشمالي، على عكس اكراد دمشق الذين تكاد لا تميزهم عن العرب بسبب غلبة الهوية الدينية الاسلامية عليهم، بينما تغلب الهوية القومية والميول اليسارية على اكراد شمال سوريا .
وبدا ذلك واضحا عندما التقيت في حلب وريفها بالعديد من الشباب الكرد المنضوين في مجموعات كردية ذات ميول الاسلامية (ككتائب صلاح الدين) والتي فضلت القتال الى جانب مجموعات الثوار الاسلاميين على القتال ضمن مجموعات الـ PYD واليسارية التي كانت تتمركز في حيي الاشرفية والشيخ المقصود الكرديين بحلب، ويومها التقيت بقائد في احدى مجموعات الجيش الحر ينتمي لعائلة التمو الكردية والتي ينتسب لها المناضل الكردي الراحل مشعل التمو. القيادي الكردي الذي التقيته كان ملتحيا وقال انه اسلامي، وعندما سألته عن سبب التحاقه بالجيش الحر قال انه “يفضل القتال مع العرب الاسلاميين على القتال مع الكرد اليساريين.” ثم اضاف “انا منتم لشعبي الكردي ومشعل التمو ابن عمي”.
في كردستان العراق تبدو الأزمة في تصاعد، فالسلطات الكردية اعلنت في الفترة التي لحقت سقوط الموصل عن اعتقال نحو خمسين شابا بتهمة الانتماء لتنظيم الدولة، وبعدها نشرت احصاءات كردية رسمية تفيد بمقتل نحو خمسين شابا اخر خلال قتالهم في صفوف تنظيم الدولة، كما ان اذاعة كردية قالت ان سبعة اكراد منضوين في صفوف داعش قتلوا خلال معارك سد الموصل، معظمهم من السليمانية ويقودهم جهادي من بلدة “بادينان” في محافظة دهوك بكردستان العراق.
بينما تتداول وسائل اعلام كردية عن تقديم اسر كردية لبلاغات تفيد باختفاء ابنائها، يعتقد انهم انضموا الى تنظيم “الدولة الإسلامية” وهو ما دفع السلطات الكردية بحسب صحافيين اكراد تحدثنا اليهم في اربيل الى القيام بعدة حملات اعتقال احداها اسفرت عن اعتقال ثلاثين شابا من حلبجة واطراف اربيل بتهمة الارتباط بداعش، وسط تقديرات تشير الى ان عدد المنتمين لها من الاقليم يتجاوز الخمسمائة.
وتحاول السلطات الكردية دعم جهود رجال الدين الصوفيين الذين يحضون على نبذ الافكار المتشددة، وينشط رجال دين نقشبندية ومن طرق صوفية اخرى عرفت بعدائها للتيار السلفي في القيام بحملات دعوية في اوساط المناطق الفقيرة بكردستان العراق.
وللتيار الجهادي تاريخ قديم في كردستان العراق، فتنظيمات كأنصار الاسلام وانصار السنة نشأت منذ عقود في كردستان، وشاركت بدور فاعل في ارسال جهاديين للقتال في افغانستان ، ويعد الملا كريكار احد ابرز رموز هذه الجماعة، وعلينا ان لا ننسى ان الزرقاوي اختبأ في معسكرات “انصار الإسلام” عند دخوله كردستان العراق قادما من ايران، وتعرض هناك للقصف الامريكي، وظل الزرقاوي يثق بمساعده البارز ابو عمر الكردي الذي نفذ عملية اغتيال محمد باقر الحكيم في النجف، قبل ان يعتقل الكردي ويعدم بعد اعترافه بتنفيذ اكثر من مئتي تفجير بسيارات مفخخة.
وبعد “انصار الإسلام” انشق تنظيم “انصار السنة” بقيادة ابو عبد الله الشافعي الذي اعتقلته القوات الامريكية لسنوات، وشارك تنظيم “أنصار السنة” في العراق في المقاومة العراقية الى جانب تنظيم القاعدة والفصائل الاسلامية الاخرى، وهو ما زال ناشطا حتى اليوم، وبعد سيطرة الدولة الاسلامية على الموصل، وقعت مصادمات بينه وبين تنظيم الدولة في محافظة كركوك في اطار اصرار تنظيم الدولة على منع اي تنظيمات اخرى من القتال خارج قيادة داعش الموحدة وتحت رايتها، وقد انتهت الصدامات بحسب ما اعلن عن تسوية مؤقتة بقيام انصار السنة بميايعة التنظيم ما اطلق عليه “بيعة القتال”.
وهكذا فإن احد مصادر قوة تنظيم الدولة الاسلامية هو اختراقه لكل المجتمعات السنية عربا وكردا وتركمانا، فتركمان تلعفر لهم دور قيادي في التنظيم في محيط الموصل، والاكراد يدفع بهم التنظيم للواجهة عندما يهاجم مناطق كردية، كذلك الحال في المناطق العشائرية العربية بالأنبار مثلا، اذ يضم التنظيم قيادات وعناصر من معظم العشائر الكبرى التي يقاتلها في الرمادي، فتجد قائدا شهيرا كشاكر وهيب من عشيرة البو فهد وابن عمه قيادي في الصحوات التي يقاتلها التنظيم، لذلك فان احد ابرز مشكلات الصراع مع داعش انه سيؤدي الى اقتتال سني ـ سني عنيف بعد ان بات تنظيم الدولة متغلغلا في كل المناطق السنية.

وائل عصام صحيفة “القدس العربي”
http://www.alquds.co.uk/?p=233274