نوبل للسلام .. مناصفة بين ملالا الباكستانية وساتوارثي الهندي

نوبل للسلام .. مناصفة بين ملالا الباكستانية وساتوارثي الهندي

جائزة نوبل للسلام للباكستانية ملالا والهندي ساتيارثي

فازت الفتاة الباكستانية ملالا يوسف زاي، والناشط الهندي في حقوق الأطفال كايلاش ساتوارثي، بجائزة نوبل للسلام لهذا العام 2014. وذكرت لجنة نوبل النرويجية في بيان لها حول الإعلان عن الجائزة:” إنها نقطة مهمة لرجل هندوسي هندي وفتاة مسلمة باكستانية، للانضمام في نضال مشترك من أجل التعليم والوقوف ضد التطرف”.
وبهذا الفوز تكون اللجنة قد لفتت الانتباه إلى عدد من المشاكل، التي لا تزال قائمة عالمياً، ومنها: عمالة الأطفال، والقيود المفروضة على النساء والفتيات من قبل الإسلاميين المتطرفين.
من هم الفائزان ؟
تعد الناشطة ملالا يوسف زاي، التي ولدت في 12 تموز/ يوليو 1997، والبالغة من العمر 17 ربيعاً أصغر شخص يفوز بجائزة نوبل للسلام. وقد حاربت من أجل حقوق الفتيات بالتعليم في ظل ظروف توصف بانها الأكثر خطورة، حيث رفعت راية الدفاع عن حق الفتيات في التعليم، إذ صرحت في مقابلة لها مع “بي بي سي” تشرين الاول/أكتوبر الماضي: “أريد أن أصبح في المستقبل امرأة سياسية.. أريد أن أغير مستقبل بلادي وأن أجعل التعليم إجباريا”.
وقالت ملالا ان حصولها على جائزة نوبل يشعرها بالمزيد من القوة والشجاعة، مؤكدة انها فخورة بها كونها أول باكستانية وأول امرأة شابة تحصل على الجائزة، مضيفة “هذه ليست نهاية المطاف، ليست هذه هي نهاية حملتي، بل هي البداية.”
وكانت ملالا يوسف زاي بدأت في عام 2009 بكتابة يومياتها في بي بي سي أوردو، باسم مستعار. وتناولت تجربة العيش تحت حكم طالبان في وادي سوات شمال باكستان. ونشرت تغريدات بصدد تعليم الفتيات منتقدة القيود التي تفرض على تعليمهن، لتصبح داعية لحقوق المرأة وتعليمها، مما أثار غضب حركة طالبان الباكستانية، التي اوقف اثنان من مسلحيها سيارة المدرسة التي كانت تقل ملالا في يوم 9 تشرين الاول/ اكتوبر، 2012، عندما كانت في طريق عودتها من المدرسة، ، وأطلقوا عليها النار في الرأس، مما ادى الى اصابتها بجراح بالغة نقلت على اثرها الى المستشفى، ثم ارسلت دولة الامارات العربية المتحدة طائرة تقلها للعلاج هناك.
ومحاولة الاغتيال هذه لم توقف ملالا، من مواصلة حملتها في جميع أنحاء العالم لزيادة الوعي بالتعليم، الامر الذي دفع أكثر من مليوني باكستاني للتوقيع على عريضة، دعت للتصديق على الحق في التعليم ببلدها ليصبح اولوية.
وبعد أقل من عام على تعرضها لمحاولة الاغتيال، ألقت ملالا في عيد ميلادها الـ 16 كلمة أمام الأمم المتحدة في نيويورك، اعربت فيها عن صمودها واستعدادها للاستمرار في النضال من أجل حق الأطفال والنساء في التعليم. وقالت في خطابها: “أفضل أن يتذكرني الناس كناشطة أطلقت حملات من أجل المساواة في حق التعليم للبنات، وليس كفتاة تعرضت لمحاولة اغتيال من قبل حركة طالبان”.
ونتيجة لمواقف ملالا البطولية وتشبثها بمبادئها فانها تحظى بشهرة عالمية، حيث تم تكريمها بالعديد من الجوائز المحلية والعالمية القيمة، ومن بينها: “الجائزة الوطنية الأولى للسلام” في باكستان، و جائزة السلام الدولية للأطفال التي تمنحها مؤسسة “كيدس رايتس الهولندية”. وجائزة آنا بوليتكوفسكايا التي تمنحها منظمة راو إن ور البريطانية غير الحكومية في 4 أكتوبر 2013. كما تسلمت الناشطة الباكستانية ملالا، التي أصبحت رمزا عالميا للدفاع عن حقوق الأطفال، جائزة سخاروف لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي. وقالت كريستينا لامب، التي شاركت في كتابة كتاب عن ملالا “أعتقد أنه أمر رائع للغاية”، ولا يمكن ان تعطى لشخص أفضل منها، انها عملت على إحداث فرق وخاطرت بحياتها لذلك، بحيث تنبغي مكافأتها “.
أما الفائز الاخر فهو الهندي كايلاش ساتوارثي، الذي يبلغ من العمر 60 عاماً، وهو مهندس كهرباء وناشط في مجال حقوق الأطفال، ويركز في انشطته على الاستغلال الخطير للأطفال لتحقيق مكاسب مالية.
أسس “حركة إنقاذ الطفولة” في عام 1980، وهو ناشط متحفظ لا يخرج عن صمته إلا للدفاع عن قضية الأطفال، ويرأس حركة “المسيرة الشاملة ضد عمل الأطفال” التي تضم نحو 2000 جمعية وحركة اجتماعية في نحو 140 بلدا.
وقالت لجنة نوبل ان ساتيارثي، الذي يقود منظمة هندية غير ربحية، لإنقاذ الطفولة، أظهر شجاعة كبيرة في التصدي لهذا الاستغلال؛ وبذلك فان “هذه الجائزة هي اعتراف وتكريم لمئات وملايين الأطفال الذين ما زالوا يرزحون في العبودية، وما زالوا محرومين من طفولتهم، وحق التعليم، والرعاية الصحية، ومن حقوقهم الأساسية.”
ونشط ساتيارثي على مدى عقود في مجال مكافحة تهريب الأطفال والعمل القسري في الهند، وانقذت منظمته 83000 طفل هندي من نير العبودية .
وعلى الرغم من ان العمل دون السن القانونية على الصعيد العالمي آخذ في الانخفاض، لكن الأطفال لا يزالون يكدحون، في مصانع الطابوق والمصانع، وخدم في المنازل.
وتقول الامم المتحدة ان هناك 168 مليون طفل عامل في عام 2012، قياساً بأرقام عام 2000، اذ بلغ عددهم نحو264 مليون طفل؛ علماً انه لدى الهند أكثر من 280 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و 14، وفقا لتعداد 2011 في البلاد، تقول اليونيسيف ان نسبة عمالة الاطفال تبلغ 12٪ ، بيد ان الأرقام الرسمية في الهند تقول انها 1.5٪ فقط ما يعادل 4.3 مليون طفل.
وقال ساتيارثي عند تسلمه الجائزة: “ان الحكومة الهندية فشلت بالتأكيد مع الأطفال في البلاد، وهو ليس فشلها وحدها، بل انه فشل جماعي للمجتمع الدولي”؛ ومن هنا ينبغي أن ينظر إلى الجائزة على انها اعتراف بمساهمات المجتمع المدني النابض بالحياة بالهند في معالجة المشاكل الاجتماعية المعقدة مثل عمالة الأطفال.
وقالت لجنة نوبل عن الفائز الهندي إنه: “حافظ على تقاليد المهاتما غاندي في استخدام مختلف أشكال الاحتجاجات السلمية، مع تركيزه على الاستغلال الخطير للأطفال لتحقيق مكاسب مالية”.
وأثنى الكثير من الناشطين على اختيار الفائزين لهذا العام باعتبارهم أكثر انسجاما مع روح نوبل. وبهذا الصدد قالت آنا إيك، رئيسة جمعية السلام والتحكيم السويدية: “هذا اختيار ممتاز، ووسيلة للاعتراف بالناس الذين يحاولون تغيير العالم بالوسائل السلمية على المستوى الشعبي”.
وأضافت “هناك رمزية لطيفة جدا في تقاسم الجائزة بالاشتراك بين هندي وباكستانية. ونأمل أن يكون جرعة إيجابية تجاه حل ذلك الصراع والضغط على القادة لاعتماد نهج آخر، بين الدولتين”.

جائزة-نوبل

وتعد جائزة نوبل من أهم الجوائز في العالم اذ تبلغ قيمتها النقدية 8 ملايين كرون (1.1 مليون دولار) وتسلم دائما في الـ 10 من ديسمبر/كانون الأول من كل عام، في ذكرى وفاة مؤسس الجائزة ألفريد نوبل عام 1896، وإلى جانب الجوائز المالية يتلقى الفائزون شهادة وميدالية ذهبية.
وقدم الفريد نوبل، رجل الصناعة السويدي الثري الذي اخترع الديناميت، بضعة توجيهات لكيفية اختيار الفائزين بجائزته، مؤكدا أن لجان منح الجائزة يجب أن تكافئ أولئك الذين “يقدمون أكبر قدر من المنفعة للبشرية”.
العرب ونوبل للسلام
تجدر الاشارة الى انه هناك عددا من الشخصيات العربية حصلت على جائزة نوبل للسلام، فالرئيس المصري الراحل أنور السادات، كان اول عربي حاز عليها، وتقاسمها في عام 1978 مع رئيس وزراء اسرائيل آنذاك مناحيم بيغن، بسبب تزعمهما لمفاوضات التسوية بين بلديهما. وفي عام 1994 فاز بها رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات مناصفة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي شمعون بيريز، تقديرا لجهود الطرفين في محادثات التسوية. ونالها الدكتور محمد البرادعي عام 2005 عندما منحت الجائزة للوكالة الدولية للطاقة ومديرها، اعترافا بالجهود المبذولة من جانبهما لاحتواء انتشار الأسلحة النووية، كما فازت بها اليمنية توكل كرمان في العام 2011 وهي كاتبة وشاعرة وإحدى أبرز الناشطات في المجال الاجتماعي في اليمن بالتقاسم مع الرئيسة الليبيرية إلين جونسون سيرليف والناشطة الليبيرية ليما غوبوي.
اسماء من قائمة المرشحين لهذا العام
ضمت قائمة المرشحين لجائزة نوبل للسلام هذا العام عددا أكبر من الترشيحات من ذي قبل، حيث بلغ عدد المرشحين رقما قياسيا وهو 231 فردا و47 منظمة منهم: بابا الفاتيكان فرنسيس الاول، والموظف السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية ومسرب المعلومات إدوارد سنودن، الذي كشف عن برامج تجسس تديرها وكالة الامن القومي الامريكية.
وتشمل قائمة هذا العام ايضا: صحيفة “نوفايا جازيتا” الروسية اليومية بسبب تقاريرها المستقلة والطبيب الكونغولي دينيس موكويدج، الذي يدير مستشفى يعالج الالاف من ضحايا جرائم الاغتصاب الجماعي، التي تورطت فيه جماعات متناحرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.