بغداد – أطلق رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، حملة تعديلات واسعة في المناصب الأمنية العليا في العراق، مستغلا توليه مسؤولية إدارة حقيبتي الدفاع والداخلية، بالوكالة، بانتظار التصويت على المرشحين لهما.
وقالت مصادر سياسية رفيعة في بغداد لـ”العرب” إن “عبدالمهدي أبعد نحو 110 ضباط كبار، في وزارتي الدفاع والداخلية، فضلا عن جهاز مكافحة الإرهاب، وهو القوة العسكرية الضاربة في البلاد”.
وأضافت أن “بعض هؤلاء الضباط يشغل مناصب قيادية في الوزارتين والجهاز المذكور”.
وتقول المصادر إنه “لا أسباب غير طبيعية تقف خلف هذه الإجراءات”، مشيرة إلى أن “جميع الضباط المحالين إلى التقاعد تجاوزوا حاجز السن الذي يسمح لهم بشغل مهامهم منذ أعوام، لكن متطلبات الحرب على داعش فرضت إبقاءهم بشكل مؤقت”.
وبحسب أحد الضباط في وزارة الداخلية، فإن الإحالة الجماعية على التقاعد “شملت ضباطا محسوبين على الخطين الأميركي والإيراني داخل المؤسسة العسكرية”. ويقول هذا الضابط إن “الإجراءات طالت ضباطا معروفين بصلاتهم مع الولايات المتحدة أو إيران، يشغلون مراكز حساسة في أجهزة عسكرية وأمنية”.
ورفض ساسة مقربون من عبدالمهدي التعليق عما إذا كانت هناك دوافع سياسية خلف هذه الإجراءات.
وحتى الآن، لا تلوح في الأفق ملامح أي توافق بشأن المرشحين لشغل حقيبتي الدفاع والداخلية في حكومة عبدالمهدي، لكن جميع الاحتمالات قائمة خلال جلسة للبرلمان، الثلاثاء، يتوقع أن تكون ساخنة.
وتشير الأجواء في بغداد إلى أن “الأطراف السياسية العراقية القريبة من إيران، ربما تضطر إلى خوض معركة كسر عظم، مع الائتلاف السياسي الذي يرعاه رجل الدين الشيعي العنيد مقتدى الصدر، لفرض رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض وزيرا للداخلية في حكومة عبدالمهدي”.
ويعارض الصدر بشدة وجود الفياض على رأس الداخلية. ويقول حلفاء إيران في العراق، إن الصدر يحاول فرض رؤيته على حكومة عبدالمهدي، بعدما دعم وصول مستقلين إلى حقائب رئيسية في الكابينة الحكومية، بينها الخارجية والكهرباء والصحة.
وتنظر الأوساط السياسية العراقية إلى الفياض على أنه “مرشح إيران” لحقيبة الدفاع، لذلك فإنه يحظى بمعارضة شديدة من الصدر.
ويقول أعضاء في البرلمان العراقي إن حلفاء إيران في مجلس النواب العراقي بدأوا حملة لإقناع النواب العراقيين بالتصويت للفياض وزيرا للداخلية، في حال عرض اسمه على التصويت اليوم. في المقابل، يحاول الصدر معرفة عدد النواب الذين يقفون إلى جانبه ضد الفياض.
ويقول نواب عراقيون إن “جميع الاحتمالات قائمة في جلسة الثلاثاء، بما فيها عرض الفياض على التصويت، وفوزه، أو تأجيل هذه العملية برمتها”.
ولن يكون بمقدور السنة أن يمرروا مرشحهم لحقيبة الدفاع، ما لم يحسم الشيعة أمرهم بشأن حقيبة الداخلية.
ويقول أحد النواب السنة في البرلمان إن “النواب الشيعة لن يسمحوا للسنة بالتصويت على مرشحهم منفردا لهذه الحقيبة الأمنية المهمة”.
وازدادت حظوظ مرشح زعيم الكتلة “الوطنية” إياد علاوي، في الحصول على حقيبة الدفاع، بعدما برأته المحكمة الاتحادية من تهمة المشاركة في قمع انتفاضة شيعية ضد نظام صدام حسين اندلعت العام 1991.
ويبدو رئيس الوزراء العراقي بعيدا عن هذا الجدل، وإن كان يتعلق باثنين من أهم حقائب حكومته. وتقول المصادر إن عبدالمهدي يسعى لاستغلال فترة الفراغ في منصبي وزيري الداخلية والدفاع لإجراء سلسلة تغييرات في الوزارتين.
ويشير مراقبون إلى أن إجراءات عبدالمهدي ربما تغضب الأطراف التي من المنتظر أن تتسلم الحقيبتين، فيما رأى آخرون أن رئيس الحكومة استغل شغله لمنصبي وزيري الدفاع والداخلية بالوكالة، لتنصيب موالين له في مواقع حساسة في الوزارتين.
لكن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يمسك بيده مفاتيح تشكيل الحكومة، وضع عبدالمهدي تحت ضغط شديد، أمس، في رسالة مفتوحة وجهها له ونشرت على نطاق واسع، وأمهله عاما “لإثبات نجاحه” وإلا فإنه سيتحول إلى جبهة معارضة لحكومته.
وحث الصدر رئيس الحكومة العراقية على عدم “الانصياع إلى ما يجري خلف الكواليس، من تقاسم المناصب”، و”الإملاءات والتدخلات الخارجية”، وأن يسارع إلى تشكيل حكومته في أقرب وقت، مشددا على أن يكون وزيرا الدفاع والداخلية “تكنوقراطا، ومستقلي الهوى والقرار”.
وأضاف موجها حديثه لعبدالمهدي “إذا نجحت في وضع الأسس الصحيحة دعمناك وقومنا حكومتك، لا سيما إن أثبت نجاحك في توفير الخدمات الضرورية للشعب المحروم منها وحماية الحدود وإعادة العراق إلى حاضنته العربية والإقليمية والدولية”.
وتابع “أما لو كان هناك قصور أو تقصير شخصي منك، سنكون آنذاك معارضين لحكومتك، ومقومين لها بطرقنا الخاصة”
العرب