“واد النار” و”الكونتينر”.. قصص من رحم التنكيل بالفلسطينيين

“واد النار” و”الكونتينر”.. قصص من رحم التنكيل بالفلسطينيين

“أدخل في حالة اكتئاب شديد، وفي كثير من الأحيان لا أحب الخروج من المنزل”، بهذه الكلمات بدأ السائق بلال الذي يعمل على مركبة عمومية بين بيت لحم ورام الله في الضفة الغربية حديثه عن تحركاته على الطريق الواصل بين المدينتين.

يخرج بلال في كثير من أيام الأسبوع عند الساعة الرابعة فجرا لينقل المواطنين من بيت لحم إلى شرق القدس أو رام الله مرورا بطريق “واد النار” الملتوية التي تنتهي بحاجز “الكونتينر” الشهير بين الفلسطينيين.

يصف بلال الطريق بأنها تأكل من جسده، فالحديث عن طريق ملتوية وخطرة، تمتد على مسافة ثلاثة كيلومترات، وإن استطاع أن يتجاوز حادث سير فيها، فإن الحاجز سيفاجئه بتفتيش قد يضطر للبقاء فيه طوال النهار ويضيع يوم عمله.

يقول السائق للجزيرة نت إنه “يسلك هذا الطريق الوحيد من بيت لحم إلى رام الله في الحالات الجيدة في حوالي ساعة، أما إذا وقع حادث سير أو ظهر حاجز يوقفك الجنود عليه فإنه قد تزيد المدة عن خمس ساعات”.

يقول أحد الركاب في الحافلة “في يوم ما شهد الحاجز ازدحاما كبيرا امتدت المركبات على طول الطريق بالاتجاهين، ثم تبين أن ذلك سببه قيام جندي من جيش الاحتلال بأخذ (سيلفي) علق عليها بأنه يستطيع إيقاف المركبات الفلسطينية ويحتجز الناس بإشارة واحدة منه”.

من جهته، يروي سائق مركبة خاصة آخر -رفض الكشف عن اسمه- أنه عبر الحاجز في يوم ما، وكان أربعة شبان في مركبة أمامه، أنزل الجندي أحدهم واستفزه وأخذه إلى منطقة متوارية عن الأنظار وعن كاميرات المراقبة، ثم أبرحه ضربا برفقة مجندة أخرى، وبدون سبب، للتسلية فقط”.

22 ألف مركبة
عن إيجاد البديل وحل هذه المعضلة، يقول رئيس بلدية العبيدية شرق بيت لحم ناجي ردايدة، التي يقع جزء كبير من طريق” واد النار” في أراضيها، إن هذه الطريق لم تكن إلا للحالات الطارئة.

ويضيف للجزيرة نت أنه كان عدد محدود من المركبات يقطعها وصولا من شرق بيت لحم إلى شرق القدس، لأن الطريق الرئيسي هي بيت لحم/القدس المحتلة/رام الله، وهي لا تحتاج لأكثر من 20 دقيقة.

غير أن إغلاق الاحتلال لمدينة القدس والحواجز والجدار الفاصل، اضطر المواطنين إلى التعامل مع هذه الطريق الصعبة التي مهما أجرينا عليها من تعديلات فإنها تبقى خطرة، فهي طريق من أسفل الوادي إلى رأس الجبل تضطر عند شقها أن تكون ملتوية حتى تستطيع السير فيها”.

ويتابع ردايدة حديثه بأنهم أجروا دراسة إحصائية بينت أن حوالي 22 ألف مركبة تقطع الطريق يوميا من جنوب الضفة إلى وسطها وبالعكس، وذلك عدد مهول لطريق لا تتسع أصلا لثلث هذا العدد في أحسن الأحوال، فهناك أجزاء من الطريق لا يزيد عرضها في الاتجاهين عن خمسة أمتار. وتساءل “هل هذه طريق رئيس يربط فلسطينببعضها؟”.

خياران صعبان
ويرى ردايدة أنهم في البلدية وحتى في وزارة الحكم المحلي الفلسطينية بين خيارين صعبين؛ إما أن يتم تثبيت هذه الطريق وشق طرق حولها وتوسيعها، والتسهيل على حياة الناس؟ أو مساعدة الاحتلال في خلق أمر واقع جديد يريده بديلا عن القدس المحتلة، وبالتالي لا يعود الفلسطيني المتنقل بين أرجاء الضفة إلى القدس.

وأضاف أن صعوبة الطريق والحاجز تكمن في نهايته، يعني إيقاف المركبات الذي قد يمتد الازدحام فيها على طول خمسة كيلومترات، مما يعطل مصالح الناس، كما أن أي حادث سير قد يوقف الطريق، علما بأنه لا توجد طرق بديلة.

واعتبر ردايدة أن حاجز “الكونتينر” هو واحد من 700 نقطة تفتيش منتشرة في أرجاء الضفة الغربية، وهو من أكثر الحواجز تنكيلا بالفلسطينيين، يضاف إليه طريق “واد النار” الذي يوصل إليه، ويهدد حياة الناس دائما.