حملت لقاءات قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، مع رجال دين سنة في العراق إشارات إلى رغبة إيران في احتواء القيادات الدينية السنية لمنع بروز مجموعات متشددة مناوئة لإيران وللأحزاب الدينية التابعة لها في العراق مثل القاعدة أو داعش.
ولا يخفي هذا الغرض الظاهر من الزيارة ممارسة سليماني ضغوطا واسعة لجلب قيادات سنية ونواب من مختلف الكتل لدعم خيار إيران في تعيين قائد الحشد الشعبي فالح الفياض وزيرا للداخلية.
والتقى مفتي أهل السُنة والجماعة في العراق، مهدي الصميدعي، الثلاثاء، قائد فيلق القدس الإيراني في مسجد وسط بغداد.
وقال مصدر مطلع في دار إفتاء أهل السنة والجماعة إن المفتي التقى في مسجد أم الطبول بقائد فيلق القدس، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس.
وأوضح، أنه جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية، والتأكيد على أهمية إبقاء التنسيق الأمني؛ منعا لعودة تنظيم داعش.
وأشار إلى أن اللقاء بحث أيضا الملف السياسي المتعلق بإكمال تشكيل الحكومة العراقية.
وكان قاسم سليماني، ينتقل بصورة متكررة بين المدن العراقية بين عامي 2014 و2017 خلال الحرب ضد تنظيم داعش.
لكن جولاته التي تتسم بالسرية في أغلب الأحيان قلت على نطاق واسع منذ انتهاء الحرب ضد داعش، وظهوره، الثلاثاء، هو الأول منذ مايو الماضي.
وتشير أوساط عراقية إلى أن الزيارة تهدف بالأساس إلى توسيع دائرة نفوذ إيران بين مختلف الطوائف العراقية، وأنها بعد أن نجحت في جعل أغلب المجموعات الشيعية موالية لها ولو بدرجات متفاوتة تريد أن توسع دائرة نفوذها بين القيادات السنية، وذلك لإضفاء حزام أوسع للعملية السياسية التي تديرها إيران، وهي أكبر مستفيد منها.
ولفتت هذه الأوساط إلى أن طهران تريد أن تحاصر رهان بعض الدول الإقليمية على بعض المجموعات السنية، وقد نجحت بالفعل في جلب قيادات سنية إلى التحالف الحكومي في العراق.
ولاحظت أن وجود نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي يؤكد أن الزيارة ليست زيارة مجاملة أو لفتح قنوات حوار عادية، مشددة على أن الهدف هو التحشيد لدعم التيار الموالي لإيران في حكومة عادل عبدالمهدي، خاصة ما تعلق بحقيبتي الدفاع والداخلية التي تضغط طهران لجعلها من نصيب إحدى أبرز أذرعها في العراق فالح الفياض قائد الحشد الشعبي.
وقال ائتلاف النصر بقيادة رئيس الحكومة المتخلي حيدر العبادي إن معلومات توافرت لديه تفيد بأن قائد فيلق القدس كان في بغداد للضغط من أجل تعيين الفياض وزيرا للداخلية.
وأشار القيادي في الائتلاف علي السنيد في تصريحات صحافية إلى أن سليماني تواجد في بغداد “من أجل الضغط لتمرير تعيين الفياض وزيرا للداخلية، لكن هذه التدخلات رفضت”.
وأخفق رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، الثلاثاء، في تمرير باقي تشكيلته الوزارية داخل البرلمان؛ بسبب الخلافات العميقة بين الكتل السياسية بشأن المرشحين.
وعرقل نواب عراقيون غاضبون محاولة عبدالمهدي استكمال باقي أعضاء حكومته، حيث عطلوا جلسة للبرلمان كان من المقرر أن تشمل تصويتا على مرشحيه للوزارات الرئيسية.
وأثار الجمود بشأن تشكيل الحكومة احتمال حدوث المزيد من الاضطرابات في وقت تكافح فيه الدولة لإعادة الإعمار والتعافي بعد ثلاث سنوات من الحرب مع تنظيم داعش.
وقال أحد النواب إن أعضاء بالبرلمان أخذوا يضربون على الطاولات ويهتفون “باطل” فيما تسبب في إنهاء الجلسة في نهاية المطاف بينما غادر عبدالمهدي والمرشحون الذين كان يسعى لتعيينهم البرلمان.
وكان أغلب هؤلاء النواب ينتمون إلى تحالف الصدر والعبادي. واعترض هؤلاء على مرشحي رئيس الوزراء لحقيبتي الداخلية والدفاع اللتين يدور حولهما تنافس شديد.
وقال عبدالمهدي في وقت لاحق إنه سينتظر أن يقترح البرلمان موعدا للتصويت، وهو ما يعني فعليا إلقاء الكرة في ملعبهم لاختيار أسماء مناسبة للحقائب الوزارية الثماني التي لا تزال شاغرة.
وتظهر الواقعة بوضوح عمق الخلاف بشأن من ينبغي تعيينه في المناصب الوزارية الباقية، وكذلك ضعف موقف عبدالمهدي في مواجهة الانقسامات بين أقوى تكتلين في البرلمان.
وحسب مراسل الأناضول، أرجأت رئاسة البرلمان العراقي التصويت على المرشحين إلى، الخميس، إثر فشل انعقاد الجلسة لعدة مرات نتيجة عدم اكتمال النصاب القانوني لعدد الأعضاء الحاضرين المقدر بـ165 من أصل 329 هم إجمالي عدد النواب