شذى خليل*
تعد الموازنة العامة الخُطة المالية المستقبلية التي تضعها الدولة كمنهاج تسير عليه في العام المُقبل ، والموازنة عادة ما تكون طويلة الأجل ، أي لعدة سنوات ، أو لسنة واحدة كما في العراق ، وغالباً ما يتم إصدارها في بداية كل عام ، وتُعتبر الموازنة الأداة الرئيسيّة المهمة لإدارة السياسة الماليّة لأية دولة ، وهي متشابهة في جميع دول العالم تقريباً.
ناقش مجلس النواب العراقي الموازنة المالية لعام 2019 ، بالقراءة الأولى لمشروع قانون الموازنة المالية ، عقب قيام الحكومة بإجراء عدد من التعديلات على فقرات في النسخة السابقة.
وتم الاخذ بنظر الاعتبار التعديلات المطلوبة بشأن الاضافة والتنزيل ، التي وجهها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ، مع وزير المالية وكالة اثناء الاجتماع المنعقد بتاريخ (4/10/2018) ، وحسب الوثائق الصادرة من وزارة المالية ، والموجهة الى الامانة العامة لمجلس الوزراء.
وشملت التعديلات كل من المبالغ المضافة ، والمبالغ المنزلة ، وتعديل بعض النصوص الواردة بمسودة المشروع ، واضافة نصوص أخرى تتعلق بالقروض الأجنبية ، وإعادة احتساب حصة الأقاليم في ضوء التعديلات .
أهم التعديلات على موازنة 2019:
أولاً: المبالغ المضافة:
• 12 مليار دينار عراقي اتعاب محاميي وزارة العدل .
• 100 مليار دينار عراقي ، تعويضات عن قانون 20 / لسنة 2009 والذي ملخصه ، للأسباب الموجبة بهدف تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية ، والأخطاء العسكرية ، والعمليات الإرهابية التي وقعت في العراق إبان وبعد سقوط النظام في 2003 ، وبإجراءات ميسرة ومحاطة بضمانات دقيقة شُرع هذا القانون .
• 40 مليار دينار عراقي عن زيادة المنح التشغيلية لمدريتي الماء والمجاري وتوزع حسب نفوس المحافظات .
• 200 مليار دينار عراقي على مشاريع وزارة الكهرباء .
• 34 مليار دينار عراقي قروض أجنبية أخرى .
ثانياً: المبالغ المنزلة:
• 4000 مليار دينار عراقي عن متأخرات عقود التراخيص .
• 781 مليار دينار عراقي مكافآت التقاعد العسكري .
• 781,470 مليار دينار عراقي تخصيص استيراد الطاقة الكهربائية لعام 2019 .
• 634,4 مليار دينار عراقي ، متأخرات استيراد الطاقة الكهربائية لعام 2018 .
• 1,484 مليار دينار عراقي تخصيص استيراد الوقود لعام 2019 .
• 340 مليار دينار عراقي تخصيص متأخرات استيراد الوقود لعام 2018 على ان تسدد عام 2019 .
بالإضافة الى تعديل بعض النصوص الواردة بمسودة المشروع ، واضافة نصوص تتعلق بالقروض الأجنبية ، وإعادة احتساب حصة الإقليم على ضوء التعديلات .
وتضمنت الموازنة تقدير اجمالي إيرادات الموازنة العامة الاتحادية بأكثر من 105 ترليون دينار عراقي ، واحتساب إيرادات تقديرية من تصدير النفط الخام ، ومعدل تصدير للنفط يومياً بواقع ثلاثة ملايين وثمانمئةٍ وثمانين ألف برميل (8880000) ، بضمنها (250) ألف برميل يومياً عن كميات النفط الخام المنتج في محافظات إقليم الشمال ، بمتوسط سعر تقديري (56 $) دولاراً للبرميل الواحد ، وبسعر صرف (1182) دينار عراقي لكل دولار ، وتقيد جميع الإيرادات لحساب الخزينة العامة للدولة .
وتم احتساب حجم النفقات المالية في مشروع الموازنة ، بلغ أكثر من (128.4) ترليون دينار عراقي (نحو 108 مليارات دولار) ، بعجز مالي قدره (22.8) ترليون دينار (نحو 19 مليار دولار) ، والجدول التالي يوضح ذلك:
وخصصت الموازنة المقترحة مبلغ (133) ترليون دينار للإنفاق على سداد الدين الداخلي والخارجي ، و (33) ترليون دينار للمشاريع الحكومية ، و (100) ترليون للنفقات الجارية.
في حين تم تخصيص مبلغ (200) مليار دينار عراقي احتياطي للطوارئ ضمن اعتمادات المصروفات الأخرى لموازنة وزارة المالية الاتحادية.
وتضمنت الموازنة ، معالجة العجز المالي الذي سيتم تغطيته من الوفرة المالية المتحققة من زيادة أسعار النفط الخام ، أو زيادة صادرات النفط خلال العام 2019.
واكد عبد المهدي ، ان رؤيـة الحكومة الجديـدة واقعية ، فلا يمكن تغيير كل أبـواب الموازنـة ، ونأمل ان يسهم التعاون بين السلطتين بالإسراع في إقرارها.
وأضاف عبد المهدي “سنبحث موازنة إقليم كردستان بشكل واقعي ، ولا استطيع ان أقرر شخصياً ذلك ، وهناك مجلس وزراء ، ووزارة مالية ، ومجلس نواب ، وإقليم كردستان ، وستكون هناك لجنة أخرى تضم ممثلين عن الإقليم والمحافظات لحل العقبات”.
وشدد عبد المهدي ، على تحقيق العدالة بين المحافظات والشعب العراقي بشكل متوازن ، وأكد عم وجود قرارات فوقية في الموازنة ، وأن الموازنة ستناقش حصصهم وفق قواعد واضحة ، ولابد من مسوغات قانونية ومالية لتحقيق التوازن.
وبين النائب عن كتلة الاصلاح والاعمار ، حسن فدعم ، ان مجلس الوزراء الحالي لديه ملاحظات على الموازنة ينبغي معالجتها ، ومعالجة الاعتراضات ، للوصول إلى صيغة متفق عليها بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، لتناقش جميع الملفات العالقة للموازنة ، وأن المسودة الحالية للموازنة لا تتفق مع المرحلة المقبلة التي تتطلب أموالاً للإنفاق على المشاريع.
وأكد فدعم ، ان التوجه الحالي بزيادة التخصيصات للموازنة الاستثمارية ، ومنح الأموال التي كانت مخصصة للوزارات المنقولة صلاحياتها إلى المحافظات ، كون التجربة اثبتت بأن الادارات المحلية هي الأكفأ على تنفيذ المشاريع ، مع منح الصلاحيات المناسبة للقيام بذلك الإجراء.
وأضاف ، بأن نسبة إقليم كردستان البالغة (12 %) مناسبة وكافية ، ولا يوجد أي توجه لزيادتها أو إعادتها إلى ما كانت عليه في السابق ، وان حصول الإقليم على حصته مرهون بالاتفاقات النفطية المتعلقة بأن يكون البيع عبر شركة التصدير العراقية (سومو) ، شددا على أن بقاء الموازنة بنصوصها ، يعني أن مجلس النواب لن يحاسب الحكومة الحالية التي سوف تتذرع في حال فشلها بأنها لا تمتلك التخصيصات المالية المناسبة للقيام بالمشاريع وتوفير فرص العمل ، وكذا الحال بالنسبة لتخصيص الدرجات الوظيفية في مؤسسات الدولة.
كما أوضح النائب عن تحالف البناء ، عبد الأمير المياحي ، ان مجلس النواب يطالب الحكومة بإعداد موازنة تتفق مع البرنامج الذي أعده رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي ، كونه تحدث عن مشاريـع ومـدد زمنية محددة للإنجاز ، مضيفاً ان مشكلات عديدة تواجه المحافظـات ، وتتطلـب رؤية أخرى من أجل التعامل معها ، فلدينا مـدن مدمرة في الانبار وباقي المناطق المحررة ، كما أن المحافظات الجنوبية تعاني نقصاً كبيراً في الخدمات وتفشياً للبطالة بين اوساطها الشبابية.
وخلص المياحي إلى القول: إن المسودة الحالية لا تتضمن مشاريع واستثمار وتوفير فرص عمل ، وانما هي موازنة تشغيلية للرواتـب ، مـع سـداد القـروض التي تم استدانتهـا مـن الخارج “اليابان والولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا”.
واكد عضو اللجنة المالية البرلمانية ، هيثم الجبوري ، ان الموازنة تمثل (75 %) منها للجانب التشغيلي ، والباقي استثماري ، ما يعني تراجع خطير ، فالموازنة خصصت (250) مليار دينار للمناطق المحررة ، وهذا لا يغطي (1 %) من احتياجاتها ، وان النفقات التشغيلية لا يمكن إيقافها لأنها تتعلق برواتب الموظفين .
موضحاً أن العراق يستطيع تحسين الموازنة في حال أجلنا دين الكويت ونادي باريس ، وأن مجموع ما يستلمه البرلمان ورئاستي الجمهورية والوزراء لا يتجاوز (0.003 %) من الموازنة ، وأن المخصص لمكتب رئيس الوزراء هو (12) مليار دينار في السنة من الموازنة ، وان مخصصات الموازنة للوقفين الشيعي والسني تبلغ (750) مليار دينار عراقي ، مشيراً الى أن (33) ألف من موظفي العقود في وزارة الكهرباء سيثبتون على الملاك الدائم خلال الفترة المقبلة ، مضيفاً أن الموازنة لا يمكنها أن تغطي كافة احتياجات المواطن .
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية