أفادت تسريبات إسرائيلية الأحد، بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون زار إسرائيل من أجل الحديث مع قادتها في موضوع علاقاتها مع الصين بالأساس، وأن موضوع سوريا والانسحاب منها يأتي بالدرجة الثانية، بينما تعمل إسرائيل نحو ابتزاز اعتراف أمريكي بسيادتها على هضبة الجولان المحتل.
وبعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن إيران قادرة على فعل ما تشاء داخل سوريا، التقى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بمستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي التزم بعدم انسحاب بلاده من سوريا قبل ضمان أمن إسرائيل بالكامل، كما قال السبت في مؤتمر صحافي مع السفير الأمريكي في القدس المحتلة.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن بولتون، تأكيده لكل دولة في المنطقة يساورها الشك حول دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وبحقها في الدفاع عن نفسها، “أنه من الأجدر بها إعادة النظر بذلك “.
من جهته طالب نتنياهو، أن تعترف واشنطن بسيادة الاحتلال في الجولان وهذه ليست أول مرة يطالب فيها نتنياهو بذلك، الأمر الذي اعتبرته “يديعوت أحرونوت”، محاولة ابتزاز إسرائيلية للحصول على “تعويض عن الانسحاب الأمريكي من سوريا”.
مطالبة نتنياهو باعتراف واشنطن بسيادة الاحتلال في الجولان محاولة ابتزاز إسرائيلية للحصول على “تعويض عن الانسحاب الأمريكي من سوريا”.
وفي محاولة لإبعاد الشك عنه، قال نتنياهو إنه يرغب بمرافقة بولتون لهضبة الجولان السوري المحتل ليرى بنفسه ويفهم لماذا لن ننسحب يوما من هناك ولماذا من المهم اعتراف الدول بسيادتنا فيها.
لكن تصريحات وتسريبات إسرائيلية كثيرة كشفت أمس أن الولايات المتحدة، قلقة من العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل وبين الصين، أكثر من الشأن السوري، مما دفعها لإرسال بولتون للمنطقة في محاولة غير معلنة، للتأثير على حليفتها إسرائيل أمام خصمها وربما عدوها الصيني الأكثر خطرا من روسيا.
تحذيرات رئيس سابق للموساد
وفي تصريحات لإذاعة جيش الاحتلال حمل رئيس الموساد الأسبق إفرايم هليفي على الحكومة، من عدم التأني في علاقاتها مع الصين رغم التوتر المتصاعد بين الأخيرة وبين الولايات المتحدة.
وقال هليفي إنه يفهم قلق الولايات المتحدة من التعاون المتزايد بين إسرائيل وبين الصين ويراه قلقا حقيقيا، وتابع: “كان من الممكن رؤية هذا التوتر بين واشنطن وبكين قبل سنوات، وسبق وحذرنا من ذلك حينما اهتم الصينيون ببناء ميناء حديث في إيلات على ساحل البحر الأحمر وبناء سكة حديد في النقب”.
وفي تحذيره لحكومة الاحتلال قال هليفي، إن هذه ليست مشاريع اقتصادية فحسب بل استراتيجية، ومن المقلق أننا نستيقظ فقط اليوم على موضوع استحق التنبه والعلاج قبل سنوات، بسبب حساسيته بالنسبة لحليفتنا الكبرى الولايات المتحدة.
كما استذكر هليفي أن واشنطن سبق وحذرت من مشروع بناء طائرة مقاتلة بالتعاون بين إسرائيل وبين الصين قبل سنوات، وبناء على طلب البيت الأبيض تم تجميد ذلك، وأضاف: “هذه قضايا لا ترتبط بهذه الإدارة الأمريكية أو تلك بل مصلحة أمريكية عليا”.
وردا على سؤال قال هليفي إنه لا يقترح القطيعة مع الصين بل تحديد نظام واضح لمتابعة العلاقات الاقتصادية معها، منبها إلى أن أرصدة صناديق التقاعد الإسرائيلية موجودة بأغلبيتها الساحقة بيد شركات استثمار صينية وهذا “خلل خطير” بالنسبة لإسرائيل أيضا.
يشار الى أن شركات صينية كانت قد تقدمت لعطاءات خاصة لتطوير وتوسيع ميناء حيفا، وتشغيله لخمس وعشرين عاما، على غرار فوز شركة صينية بعطاء لتطوير ميناء أسدود.
ميناء حيفا وقطار تل أبيب
وتقوم شركة صينية ببناء شبكة قطارات أنفاق أسفل مدينة تل أبيب، الأمر الذي استهجنه المحلل السياسي للقناة الإسرائيلية العاشرة باراك رافيد، وقال إن الصينيين يحفرون على بعد عشرين مترا من مقر وزارة الدفاع في تل أبيب.
أمريكا لإسرائيل: “نظّموا موضوع التجارة مع الصين، أو سننظمه نحن”
ونقلت “هآرتس”، عن مسؤولين أمريكيين تحذيراتهم للمسؤولين الإسرائيليين بأن “نظّموا موضوع التجارة مع الصين، أو سننظمه نحن”.
وقال مسؤولون إسرائيليون للصحيفة قبل بضع شهور إن المسؤولين الأمريكيين “انفجروا في وجهنا غضبا بسبب العلاقات مع الصين”.
ويوضح المحلل الأمني، عاموس هرئيل أن الرد الأمريكي يعكس رغبة متصاعدة لدى مسؤولين كثر في الإدارة الأمريكية، للنظر إلى الصين كتهديد استراتيجي للولايات المتحدة، لا كمنافسة تجارية، وهو ما انعكس أكثر من مرّة في تصريحات ترامب.
وأكد هارئيل أن الجانب الأمريكي يضغط على إسرائيل للوقوف إلى جانب الولايات المتحدة وقام المسؤولون الأمريكيون بتذكير الإسرائيليين بأن “جزءا كبيرا من الأبحاث وتطوير الوسائل الأمنية الإسرائيلية يستند إلى تعاون وثيق مع شركات أمريكية، دون الحديث عن المساعدات العسكرية الأمريكية الضخمة المقدمة لإسرائيل، وتبلغ نحو 3.8 مليار دولار في كل سنة.” موضحا أن الهدف الأمريكي ليس منع إسرائيل من الاتّجار مع الصين نهائيا، إنما منع استيراد إسرائيل لتكنولوجيا صينيّة قد يكون لها تأثيرات استخباراتيّة وعسكريّة.
طائرات فالكون
وكانت الولايات المتحدة قد حالت في عام 2000 دون بيع إسرائيل طائرات مراقبة إسرائيليّة من نوع “فالكون” للصين، عن طريق التهديد بتخفيض المساعدات السنويّة لإسرائيل، حسب رئيس الموساد الأسبق افرايم هليفي.
وتستذكر “هآرتس” ازدياد قلق دول غربية في السنوات الأخيرة من إمكانية استغلال الحكومة الصين لتكنولوجيا “مدنية” تنتجها شركات صينية مثل الهواتف وأنظمة للحواسيب، لأهداف مثل جمع معلومات اقتصادية وحتى استخباراتية، موضحة أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية اتخذت إجراءات أقل حدة من أخرى أوروبية مماثلة لعدم استخدام التكنولوجيا الصينية في قطاعات الأمن، إذ أوصت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية العاملين فيها بعدم شراء هواتف صينية، وهو تحذير وصل حتى المنع أحيانا خشية التجسس.
وأوضحت أيضا أن جيش الاحتلال يشدد على أن تكون مناقصات شراء هواتف لضباطه الكبار من نوع آيفون أمريكية الصنع فقط، بالإضافة إلى تحديثه خلال السنوات الماضية للضوابط المستخدمة في شراء معدات الحواسيب العسكرية.
يشار الى أن المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي، خصص قبل نحو شهرين جلسة لمناقشة التأثيرات المحتملة لدخول شركات صينية لمشاريع بنى تحتية ضخمة في إسرائيل، بالإضافة إلى نقاش إمكانية تشريع قوانين لتكثيف المراقبة الحكومية على الاستثمارات الأجنبية على ضوء الانتقادات الأمريكية.
ويحذر مراقبون إسرائيليون من تنامي التوتر بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة حول العلاقات مع الصين وذهب نائب وزير الخارجية السابق لحد القول إن الأزمة مع واشنطن مسألة وقت. كما حذر من أن الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين ستزيد ابتعاد الأولى عن المنطقة والاهتمام أكثر بالشرق الأقصى.
القدس العربي