بغداد – يتجه رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي، إلى البقاء “مدة طويلة” على رأس حقيبتي الداخلية والدفاع، في ظل تعثر محاولات التوافق بشأن المرشحين إليهما.
وعلمت “العرب” من مصادر سياسية مطلعة، أن رئيس الحكومة العراقية أجرى تعديلات في المراكز العليا لوزارتي الداخلية والدفاع، قادت إلى تكليف ضباط بارزين فيهما بمهام قيادية.
وقالت المصادر إن “التغييرات التي يجريها عبدالمهدي، بين شاغلي المناصب الرفيعة في الوزارتين، تؤكد أنه يتوقع بقاءه مدة طويلة على رأسيهما”.
وبعد نجاح تحالف الإصلاح الذي يرعاه رجل الدين العنيد مقتدى الصدر، في تجميد مرشح تحالف البناء، الذي يضم معظم القوى السياسية الشيعية والسنية القريبة من إيران لحقيبة الداخلية فالح الفياض، بات الاتفاق على بديل له أمرا معقدا للغاية، مع الأفضلية البسيطة التي يحظى بها وزير الأمن الوطني الأسبق شيروان الوائلي.
ووفقا لأعراف العمل السياسي السائدة في العراق، فإن فشل الطبقة السياسية الشيعية في الاتفاق على مرشح للداخلية يعني، بشكل آلي، تجميد المرشح السني لحقيبة الدفاع.
ويؤكد مقربون من الصدر أنه لن يسمح بتمرير مرشح حزبي لحقيبة الداخلية، حتى إذا تطلب ذلك إبقاء الوزارة من دون وزير حتى نهاية ولاية عبدالمهدي.
ووفقا لهؤلاء، فقد أبلغ الصدر عبدالمهدي بأن لا مانع لديه من بقائه وزيرا للداخلية والدفاع بالوكالة، مهما تطلبت عملية اختيار مرشحين مستقلين من وقت.
وفي آخر القوائم المتداولة لأسماء مرشحي الداخلية، يرد اسم حسين الطحان، محافظ بغداد الأسبق، إلى جانب الوائلي والفياض.
وعلى مستوى الدفاع، يتنافس رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري مع الضابط المخضرم هشام الدراجي للظفر بالحقيبة، مع أفضلية نسبية للأخير في الكواليس السياسية.
وأقر المحلل السياسي، حسين علاوي، الذي يعمل في مركز أبحاث تابع للحكومة، بأن الفصل التشريعي الأول للبرلمان العراقي، قد ينتهي بالتصويت على الموازنة فقط، من دون استكمال الحقائب الوزارية المتبقية في حكومة عبدالمهدي.
مراقبون: رئيس الوزراء يفضل الابتعاد عن جدل الأحزاب بشأن حصصها الحكومية، لذلك سلم حقيبة العدل إلى أول كردي وجده على طاولة اجتماعات مجلس الوزراء
وكان يفترض أن يشهد الفصل التشريعي الأول منح حكومة عبدالمهدي الثقة كاملة، لكن الانتهاء من إقرار الموازنة، سيجبر البرلمان على إعلان انتهائه، بعد تمديده بشكل مفتوح لحسم خلافات بشأن التخصيصات المالية لبعض المشاريع والخدمات.
وسيشكل انتهاء الفصل التشريعي الأول من عمر البرلمان، من دون اكتمال الكابينة الوزارية، مؤشرا على صعوبة حسم هذا الملف.
لكن مراقبين يقولون إن عبدالمهدي يضع خططا ملائمة للتعامل مع وضعية تعجز فيها الكتل عن حسم خلافاتها بشأن الحقائب الوزارية الشاغرة.
وإلى جانب الدفاع والداخلية، يستمر الخلاف الكردي الداخلي بشأن حقيبة العدل.
وأسند عبدالمهدي، مهمة إدارة هذه الحقيبة وكالة، إلى وزير الإعمار بنكين ريكاني، الذي ينتمي إلى حزب مسعود البارزاني.
ويعتقد مراقبون أن “عبدالمهدي يفضل الابتعاد عن جدل الأحزاب بشأن حصصها في الحكومة، لذلك سلم حقيبة العدل، وهي من حصة الأكراد، إلى أول كردي وجده على طاولة اجتماعات مجلس الوزراء”.
وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون بهاء نوري إن مجلس النواب منشغل حاليا بقضية الموازنة الاتحادية، ما أثر على مستوى الاهتمام بملف الحقائب المتبقية.
وأضاف أن رئيس الوزراء لم يرسل حتى اللحظة أسماء أي مرشحين جدد للحقائب المتبقية، باستثناء فالح الفياض المطروح سابقا، مؤكدا استمرار الخلافات السنية والكردية على مرشحي الدفاع والعدل.
وأكّد رئيس الوزراء العراقي مرارا أنّ “الاتفاق كان أن تسمّي الكتل مرشحيها ورئيس الوزراء ينتقي منها (…) في مسألة حقيبتي الداخلية والدفاع، هذا خيار الكتل السياسية وليس رئيس الوزراء”.
وأضاف “كانت لنا حرية اختيار ثمانية أو تسعة وزراء، أما البقية فهي نتيجة اتفاقات سياسية”.
وتواجه حكومة عبدالمهدي تحديّات كبيرة بينها إعادة الإعمار خصوصا في مناطق تعرّضت للدمار جرّاء المواجهات مع الجهاديين، بالإضافة إلى تأهيل بنى تحتية متهالكة في عموم البلاد خصوصا ما يتعلّق بالكهرباء، ومحاربة الفساد الذي ازداد بشكل جعل العراق الدولة الـ12 في تسلسل الدول الأكثر فسادا في العالم.
العرب