أسست فرنسا وألمانيا وبريطانيا آلية أوروبية للتجارة مع إيران بغير الدولار لتفادي العقوبات الأمريكية، لكن دبلوماسيين أقروا بأن من المستبعد أن يتمخض ذلك عن معاملات تجارية كبيرة تقول طهران أنها تحتاج إليها لإبقاء الاتفاق النووي قائما.
ورفض الحلفاء الأوروبيون الرئيسيون لواشنطن قرار الرئيس دونالد ترامب العام الماضي بالتخلي عن الاتفاق المبرم في 2015، والذي رُفعت بموجبه العقوبات الدولية عن إيران مقابل قبول طهران كبح برنامجها النووي.
وهددت إيران بالانسحاب من الاتفاق ما لم تتح القوى الأوروبية لها الحصول على منافع اقتصادية. وتعهد الأوروبيون بمساعدة الشركات على ممارسة أنشطة مع إيران طالما التزمت بالاتفاق.
وأفلحت العقوبات الأمريكية الجديدة إلى حد كبير في إقناع الشركات الأوروبية وبالتخلي عن خطط للاستثمار في إيران.
وجرى ابتكار الآلية التجارية الأوروبية الجديدة كوسيلة لمقايضة صادرات النفط والغاز الإيرانية مقابل مشتريات السلع الأوروبية. لكن يبدو أن تلك الطموحات انحسرت، إذ قال دبلوماسيون إن استخدام الآلية قد يقتصر في الواقع على تجارة أصغر حجما تسمح بها إدارة ترامب، كالمنتجات المستخدمة لأغراض إنسانية والأغذية على سبيل المثال.
ورغم أن الآلية التي أطلق عليها «أداة دعم المبادلات التجارية «إنستيكس»، هي مشروع وضعته ثلاث دول، إلا أنها ستحصل على مصادقة رسمية من جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ28. وتم تسجيلها تحت مسمى «الشركة ذات الغرض الخاص» في باريس يوم الثلاثاء الماضي وسيرأسها المصرفي الألماني بير فيشر المدير السابق لمصرف «كومرتسبنك». وينص نظام الآلية على أنه يمكن لإيران الاستمرار في توريد النفط ومنتجات أخرى إلى أوروبا، ولكن الأموال التي سيتم دفعها مقابل ذلك، لن يتم تحويلها إلى إيران عن طريق بنوك، وإنما سيتم تحويلها إلى شركات أوروبية تبيع لإيران أدوية أو سلع غذائية مثلا أو معدات هندسية، وبذلك سيتم تقويض العقوبات الأمريكية ضد نظام الدفع مع إيران. وأوضح اتحاد الصناعات الألمانية أنه طالما يمكن لإيران تصدير مواد خام، سيكون مضمونا أن هذا النظام يعمل بشكل جيد، وأكد أن النظام يعد بشكل عام «تعبيرا عن موثوقية الشركاء الأوروبيين».
ويأمل مؤسسو الآلية في انضمام دول أخرى في وقت لاحق، على الرغم من أن مسؤولا ألمانيا كبيرا قال إن هذا لن يكون وشيكا.
من جانبها قالت السفارة الأمريكية في ألمانيا أمس أنها تسعى للحصول على تفاصيل إضافية بشأن الآلية، لكنها لا تتوقع أن تؤثر على حملة واشنطن لممارسة أقصى ضغط اقتصادي على طهران. وقال متحدث باسم السفارة «كما أوضح الرئيس، الكيانات التي ستشارك في أنشطة خاضعة للعقوبات مع إيران ستواجه عواقب وخيمة، من بينها عدم إمكانية استخدام النظام المالي الأمريكي، أو التعامل مع الولايات المتحدة أو الشركات الأمريكية».
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية أمس ان الولايات المتحدة لا تتوقع أن تؤثر آلية التجارة، التي تؤسسها دول أوروبية لتسهيل التجارة مع إيران، على الحملة الرامية إلى ممارسة «أقصى ضغط اقتصادي» على طهران.
القدس العربي