تقول الكاتبة ليوبوف شفيدوفا إن الأميركيين لم يعودوا يمثلون أكبر مشاكل سوريا، لأنهم قرروا الانسحاب من البلاد لكن النظام السوري منشغل الآن بقضية إدلب المتنازع عليها بين مختلف القوى.
وتضيف في مقال نشرته صحيفة “سفابودنايا براسا” الروسية أن قضية إدلب لا تشغل النظام السوري وحده، وإنما تشغل مختلف الفصائل المسلحة المعارضة للنظام والموالية له، إلى جانب تركيا التي تسعى لبسط نفوذها هناك.
وتشير إلى أن روسيا انضمت إلى النزاع القائم على هذه المنطقة على الرغم من نجاح موسكو إلى حد ما في لعب دور صانع السلام واستعادة دمشق السيطرة على عدد من المحافظات السورية.
وتضيف الكاتبة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصر خلال سبتمبر/أيلول من العام الماضي على الهدنة في الشمال الغربي السوري، مشيرا إلى التبعات الوخيمة التي قد تنتج عن الحرب.
دوافع تركيا
وتقول الكاتبة إن دوافع تركيا تعتبر واضحة لأن الأتراك سيتأثرون بصفة مباشرة بحالة الحرب في سوريا، خاصة أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا يقارب عدد السوريين الموجودين في سوريا نفسها، كما أن وصول موجة جديدة من اللاجئين إلى تركيا قد يهدد الاقتصاد التركي، لذلك يبذل أردوغان قصارى جهده من أجل الحفاظ على وضعية السلام في سوريا.
وتشير إلى أنه نتيجة للجهود التركية فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل المقترح التركي لكن دون أخذ موقف دمشق بعين الاعتبار، وأن بوتين يكون بذلك قد ساوى بين موقف دمشق وموقف معظم الجماعات المعارضة التي تسيطر على إدلب من حيث الأهمية.
وتضيف أن دمشق أعربت عن رفضها التام لهذا الاتفاق بين بوتين وأردوغان، وقد تم الإعلان عن ذلك في مختلف وسائل الإعلام الحكومية السورية.
وتشير الكاتبة إلى أن لهجة دمشق تجاه موسكو أصبحت تدريجيا أكثر عدوانية، حيث عبرت عن عدم قبولها قرارات موسكو المتعلقة بمحافظة إدلب.
كما أعلنت دمشق أنها لن تلتزم بالشروط المعلن عنها لأنها لم توافق في المقام الأول على هذه الشروط ولم تشارك في المفاوضات، ولكن يشك الخبراء العسكريون في قدرة الجيش السوري على التعامل مع الوضع في إدلب بشكل صائب، بيد أنه قد يتمكن من التعامل مع القوى المعارضة.
حرب إدلب
وتوضح الكاتبة أن حرب دمشق من أجل إدلب مستمرة من حيث المبدأ، وتضيف أنه قبل بضع ساعات من اجتماع قادة وروسيا وإيران وتركيا في سوتشي ألحق الجيش السوري هزيمة بمجموعة من المسلحين وفقا لما أكدته العديد من وسائل الإعلام الرسمية.
وتنقل الكاتبة عن الخبير العسكري الروسي ألكسي ليونكوف أن إدلب تعتبر أكثر المناطق إشكالية في سوريا، وأنه سيكون صعبا للغاية حل هذه المسألة لكنه يؤكد أن أحد العوامل الرئيسية للنجاح هو التخلص من وكلاء النفوذ الغربيين بالمنطقة.
ويشير الخبير العسكري إلى أن إدلب تمثل مقر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، علما أن ممثلين من بريطانيا والولايات المتحدة حكموا هذه القوى المعارضة التي يلقبونها بالمعارضة المعتدلة في الغرب، وأنه لا يزال هناك العديد من عملاء النفوذ من هذه الدول إلى جانب ممثلين عن القيادة السياسية لمختلف الجماعات المسلحة.
وتشير الكاتبة إلى أن زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي كان قد التقى مع عضو مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين في إدلب في 2013.
المعارضة السورية
وبحسب هذا الخبير العسكري، فإن المعارضة السورية تضم العديد من المجموعات مثل جبهة النصرة، والمعارضة الموالية لتركيا، والجيش السوري الحر، ومن شأن هذا التنوع أن يؤدي إلى تعقيد الوضع في المستقبل بالمنطقة.
ولضمان استقرار الوضع في الشرق الأوسط من الضروري التخلص من عملاء النفوذ من بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي معرض إجابته عن كل ما يعنيه ذلك بالنسبة لدمشق وما إذا كانت الحرب هي الحل الوحيد لهذه المعضلة، بين ليونكوف أن استخدام القوة هو شكل من أشكال السياسة في الشرق الأوسط، وإذا كنت تتصرف بهدوء فسيتم سحقك ببساطة.
ومن هذا المنطق تحتاج دمشق للقوة والدبلوماسية في آن واحد، وبما أن سوريا دمرت بشكل تام وسئم السوريون من الحرب فإن أي حرب مقبلة لن تمنح نظام الأسد أي مكاسب.
أما فيما يتعلق بالعامل التركي فأوضح الخبير العسكري الروسي أن “تركيا تكتسب نفوذا سياسيا، ويحتاج أردوغان إلى السلام في سوريا الذي سيؤثر إيجابا على كل البلدان المجاورة لسوريا، وإذا تمكنت سوريا من تحقيق السلام فستصبح جزءا من طريق الحرير الجديد الذي سيمر عبرها وعبر تركيا”.
ونقلت الكاتبة عن الخبير العسكري الروسي أن أردوغان قد يتصالح مع الأسد عاجلا أو آجلا، كما أكد الخبير أن اللقاءات المنتظمة بين بوتين وأردوغان قد تؤدي إلى تدمير بعض الجماعات المسلحة الإرهابية مثل جبهة النصرة.
لكن من غير الواضح إلى حد الآن ما إذا كانت روسيا ستقوم بعملية مشتركة في هذا الصدد أم ستتولى تركيا وحدها هذه المهمة، وفي كلتا الحالتين من المرجح أن كلا الطرفين سيتوصل إلى رأي مشترك في النهاية.
الجزيرة