الاجهزة الامنية العراقية: فشل في الاداء.. وغياب المهنية

الاجهزة الامنية العراقية: فشل في الاداء.. وغياب المهنية

السجون

تعد الاجهزة الامنية الخاصة في اي بلد من بلدان العالم الداعم الاساسي لحفظ امن المواطن وسلامته، والسهر على راحته، وتحقيق الامن الوطني له بمنع الاعداء ومخططاتهم، من النيل من سيادة وامن البلد الذي يعيش فيه.

وتمتلك هذه الاجهزة منهجية لتحقيق ما تقدم، ممثلة بخطط استراتيجية محكمة، تتعلق بكيفية تحقيق الامن ورسم الاطر الاساسية, في تحجيم الاعمال المعادية، وايجاد فعاليات لأفشال اي مخطط يراد منه المس بالأمن الوطني والقومي للبلد.

ومنذ عام 2003 اضحى العراق وامنه وسيادته، تحت نفوذ واهواء من يحكمه ومن تسلط عليه بفعل الغزو الامريكي والنفوذ الايراني, والتلاعب بمقدراته وامكاناته السياسية والعسكرية والامنية، وبسبب هذه الاوضاع اصبحت الاجهزة الامنية العراقية، محل تساؤل عن مدى جديتها في معالجة تدهور وسوء الاوضاع الامنية في البلاد، بالرغم من الدعم المادي والفني والتكنولوجي، الذي حظيت به من خلال اعدادها  وتدريبها من قبل الاجهزة الاستخباراتية الامريكية وباشراف مباشر منها.

ان تبعيات كل هذه المعايير جاءت بسبب السياسات الخاطئة والهيمنة الشخصية واسلوب التعامل السطحي، الذي سلكه نوري المالكي الذي حكم العراق لمدة ثماني سنوات مع هذه الاجهزة، والتي اتسمت بالاتي:

  • اختيار جميع رؤساء الاجهزة الامنية من قيادات تعمل ضمن تنظيمات حزب الدعوة، الذي يشرف عليه المالكي والتي تتسم بضعفها وعدم جديتها وقابليتها المحدودة، لكنها تجتمع على تأييد سياسة المالكي ودعمه والولاء له.
  • غياب وتغييب القيادات المهنية، القادرة على تحقيق الأهداف الامنية الاستراتيجية، التي تتمتع بأعلى درجات الرشد والموضوعية، ليصار الى تحديد المسؤوليات والمهام، ودعم الالتزام بالقوانين والأنظمة، التي تعزز الثقة والمصداقية، وترسخ مبدأ الشفافية، بما يسهم في بناء جسر من التواصل مع المواطنين.
  • عدم قيام هذه الاجهزة بتعزيز سيادة القانون بحيث يغدو ذلك آليّة تضمن احترام حقوق الانسان، وفقاً للمعايير العالميّة والاتّفاقيّات الدولية، التي تهدف الى الارتقاء بحقوق الانسان، والاخذ بمبدأ مساءلة المواطنين لممثّليهم السياسيّين، وتسلّط الضوء على من أغفلت الأنظار عنهم وفشلت المحاكمات القانونيّة في حمايتهم. فلكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية، من دون أيّ تفرقة أو تمييز.
  • تدور سياقات عمل هذه الاجهزة، بعيداً عن حماية المواطن وتحقيق امنه، بقدر سعيها لتحقيق امن الحاكم، ممثلاً برئيس الوزراء السابق، وتسخير جميع امكاناتها لخدمته واسناد حكمه .
  • عدم وجود خطط ومعايير امنية استراتيجية وتعبوية لحماية العراق من المخاطر والتحديات التي تواجهه، وفشل هذه القيادات في ايجاد قاعدة امنية رصينة تكون انطلاقا لحماية البلاد.
  • توظيف امكانية هذه الاجهزة لمتابعة خصوم المالكي السياسيين، و رصد تصرفاتهم، ثم ابتزازهم، لجهة التأثير على قراراتهم بفضحهم في حال عدم تأييد سياساته.
  • تسخير جميع جهود العاملين في هذه الاجهزة لخدمة السياسة العدوانية التي انتهجها المالكي، بقمع واستبداد واضطهاد لابناء الشعب العراقي.
  • اعتقال المعارضين له، واغتيال الشخصيات الوطنية والعشائرية، التي تقف بالضد من نهجه الطائفي وسياساته القاصرة.
  • ايجاد اكثر من جهاز يرتبط بالمالكي، والهيمنة عليهم بسطوته وبطشه وعنفه، والتهديد المستمر للعاملين معهم بالتنفيذ اوامره و توجهاته.
  • غياب سياسة واضحة في جميع الاجهزة المرتبطة بالمالكي، فضلاً عن فسادها الامني، وعدم جديتها بالعمل، وانتشار الرشوة والمحسوبية بينهم، والفتك بحياة المواطنين، وانعدام الصلة الحية ما بين المواطن و الاجهزة الامنية، ليكون الاول عين الدولة ومجس استشعار لها، يساعد في كشف الخلل.

10-يكمل ما تقدم من تدني مستوى ثقافة الحكم الرشيد، لمنتسبي الأجهزة الأمنية، فاغلب البرامج التدريبية على مستوى القيادات العليا والوسطى لا تتوافر على معرفة بهذا المفهوم، اضافه الى خلو المناهج الدراسية في كلية الشرطة، والمعهد العالي للتطوير الامني والاداري منه.

11- تعدد الاجهزة واختلاف مسمياتها، وضياع اختصاصات كل جهاز وتنوعاتها وامتداداتها عبر وزارتي الداخلية، والدفاع ومكتب رئيس الوزراء، ومكتب القائد العام للقوات المسلحة، ما جعل العمل الامني فيها يتسم بالتخبط واللامبالاة وضياع الاموال الكبيرة والتخصيصات المالية، لتكون هذه الاجهزة اداة طيعة بيد رئيس الوزراء السابق.

  • كثرة السجون والمعتقلات، وتزايد حملات الاعتقال، التي اجتاحت العراق خلال فترة حكم المالكي، كنتيجة طبيعية لسياستها الفاشلة، و عدم استيعاب حقيقة الخطر الامني الخارجي، الذي يواجه العراق، إذ اقتصر دور هذه الاجهزة في متابعة حركة المواطن، وامعان الاذى به وبحياته واستيلاب حريته ومنعه من الادلاء بآرائه ومعتقداته الفكرية.

12- تعامل المالكي بقوة مع المعتصمين، وفضت بالقوة الاعتصامات في الحويجة والرمادي وكركوك، ليسقط العشرات من القتلى والمئات من الجرحى الذين خرجوا للمطالبة بوقف التهميش والطائفية والاعتقال والظلم، الذى يتعرض له جميع العراقيين.

كل هذه المؤشرات والدلائل، ادت الى غياب متغيري التميز والجودة، في العمل الامني والاستخباري، ما افضى الى خلل امني واضح، سمته الرئيسة عجز في وضع الخطط الامنية والاستراتيجية ليشهد البلد حالات خرق مستمر على صعيد امنه الوطني والقومي، لتتسبب في ما وصل اليه العراق الان …

مركز الروابط للدراسات و الابحاث الاستراتيجية