أنهى قطاع غزة العام الماضي على أسوأ وضع اقتصادي يمر به منذ سنوات، هذا ما اتفقت عليه مؤسسات رسمية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ووصف علي الحايك، رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين (قطاع خاص)، غزة بداية 2019 بالمنطقة “المنكوبة”، من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
وقال الحايك إن انهيار القطاع الخاص بغزة أدى إلى حدوث كوارث اقتصادية واجتماعية وتعليمية وصحية.
ويصنف الوضع الاقتصادي في غزة خلال 2018 على أنه “الأسوأ”، حيث شهد “انهيارات اقتصادية، وإفلاس تجار ورجال أعمال، وإغلاقا للمئات من المنشآت الصناعية والمحال التجارية”، على حدّ قوله.
وبيّن أن جمعيته أطلقت، بداية العام الجاري، تحذيرا من استمرار حالة الانهيار في القطاع الاقتصادي في حال لم يتم معالجة “مُسببّات” ذلك التدهور.
ونتيجة التراجع الاقتصادي الحاد، ارتفعت نسب الفقر في القطاع فوق 75 في المئة، بينما بلغت نسبة البطالة 52 في المئة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
الحايك شدد على أن القطاع الخاص يعتبر “المشغّل الأكبر للعمالة والخريجين في الوطن؛ في ظل انعدام قدرة القطاع العام على استيعاب أعداد العمالة الكبيرة”.
وبيّن أن انهيار القطاع الخاص يقود باتجاه “انهيار المنظومة الاقتصادية بالوطن”، لكن الحل لذلك هو “المصالحة الفلسطينية”، كما قال.
انهيار القطاع الخاص يقود باتجاه انهيار المنظومة الاقتصادية في غزة، والحل لذلك هو “المصالحة الفلسطينية”
ومنذ بدء الحصار الإسرائيلي، بلغت خسائر القطاع الخاص ما يزيد عن 11 مليار دولار، بحسب الحايك.
أسباب الانهيار
يرجع الحايك أسباب انهيار القطاع الخاص (الاقتصادي) إلى عدة عوامل رئيسية أبرزها استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي للعام الـ13 على التوالي.
إلى جانب، ما ترتب على حالة الانقسام من فرض حصار إسرائيلي شامل على القطاع وإغلاق لكافة المعابر التجارية؛ باستثناء معبر كرم أبو سالم جنوبي القطاع، وعدم إدخال المواد الخام ومنع التصدير، ورفض إدخال العمّال الفلسطينيين للعمل في الأراضي المحتلة عام 1948 (داخل إسرائيل)، كما قال.
وتابع: “بالإضافة إلى تقييد الحركة من وإلى قطاع غزة، وأزمة الكهرباء التي تعتبر المادة الخام الأولى في عملية التشغيل والتصنيع، ومنع دخول المؤسسات الدولية، وعدم تمكن المستثمرين بغزة والمتواجدين في الخارج من دخول القطاع”.
ومنذ بداية الحصار الإسرائيلي، أغلقت نحو 600 منشأة صناعية وآلاف المحال التجارية نتيجة تردّي الأوضاع الاقتصادية، بحسب الحايك.
في حين أن الحروب الثلاثة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة منذ نهاية 2008 تسببت بتدمير المئات من المنشآت الصناعية التي لم يتم تعويض أصحابها حتى اليوم، على حدّ قوله.
وأضاف: “بداية العام الماضي، والذي تزامن مع التنفيذ المبدئي لاتفاق المصالحة الأخير، حمل الكثير من الآمال لدى القطاع الخاص بإمكانية إيجاد تعويض للمنشآت والمحال التجارية التي دمّرت خلال الحروب”.
وأوضح أن ارتفاع نسب البطالة في صفوف العاملين والخريجين الجامعيين تسبب بانهيار حقيقي للوضع الاقتصادي.
ارتفاع نسب البطالة في صفوف العاملين والخريجين الجامعيين تسبب بانهيار حقيقي للوضع الاقتصادي في قطاع غزة
وفي 2018، ازدادت حالات الملاحقات والمطالبات المالية لرجال الأعمال والصناعيين والتجاريين نتيجة عدم قدرتهم على الإيفاء بالتزاماتهم المالية وتسديد مديونياتهم، بحسب الحايك.
وبفعل الحصار والانقسام، تقول بيانات أممية نشرت العام الماضي، إن قرابة 80 في المئة من الفلسطينيين في القطاع يعيشون على المساعدات الإنسانية.
ووفق تقرير أصدره برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فإن ما يقرب من 70 في المئة من سكان قطاع غزة، “يعانون من انعدام الأمن الغذائي”.
القوة الشرائية
انهيار الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، تسبب بشكل مباشر في انهيار القوة الشرائية لدى المواطنين.
ويقول “الحايك” إن المنشآت الصناعية باتت تعمل بنسبة 10 في المئة فقط يوميا، بسبب عدم وجود إقبال من المواطنين على الشراء.
وزاد: “المحال التجارية انخفضت نسبة المبيعات لديها بشكل كبير، نتيجة عدم توفر السيولة لدى سكان القطاع”.
كما انخفضت مدخلات البضائع التجارية عبر معبر كرم أبو سالم (جنوبي القطاع) العام الماضي بنسبة 30-40 في المئة، وفق الحايك، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية.
ويرجع انعدام القوة الشرائية للمواطنين، إلى تأثير اقتطاع الحكومة الفلسطينية لأجزاء من رواتب موظفيها العاملين في غزة وصرف حركة حماس سلف مالية لموظفيها العاملين في القطاعين الحكومي والتنظيمي الخاص، في القطاع.
وفي 7 فبراير/ شباط الجاري، قالت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان (أهلية)، في بيان، إن الحكومة الفلسطينية قطعت قبل يومين، رواتب أكثر من 5 آلاف من موظفي السلطة بغزة، يعملون في القطاعين المدني والعسكري، بحجة انتماءاتهم السياسية.
ووفق احصائيات حصلت عليها المؤسسة، فإن 1719 من المقطوعة رواتبهم من الموظفين المدنيين، و1624 من الموظفين العسكريين، و1700 من الأسرى والجرحى.
وسبق وأن خصمت الحكومة ما نسبته 30-50 في المئة من رواتب موظفيها بغزة في أبريل/ نيسان 2017، لتتراجع عن ذلك الشهر الماضي وتخفّض نسبة التقليص إلى 25%.
وطالب القيادة الفلسطينية بضرورة “إيجاد حلول سريعة لإنقاذ الوضع الاقتصادي، وإبعاد القطاع الخاص والجانب الاقتصادي عن الخلافات والمشاكل السياسية”.
الأناضول