مليونية الجمعة تطالب بوتفليقة بالرحيل

مليونية الجمعة تطالب بوتفليقة بالرحيل

الجزائر – تظاهر عشرات الآلاف من الجزائريين في احتجاج سمي بـ”مليونية الجمعة” تنديدا باعتزام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الترشح لولاية خامسة في أكبر مظاهرة تشهدها العاصمة في ثماني سنوات. واتسمت أغلب المسيرات في أنحاء البلاد بالسلمية لكن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريق المتظاهرين الذين احتشدوا في العاصمة بعد صلاة الجمعة.

وجدد الجزائريون تمسكهم بمطالب رفض ترشيح الرئيس بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، والدعوة إلى رحيل القوى السياسية والمالية الموالية للسلطة. وطرد المحتجون وجوها سياسية بارزة كانت تريد استثمار الغضب الشعبي مثل موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، الذي تم طرده من ساحة البريد المركزي، وكذلك رجل الأعمال المعروف يسعد ربراب.

وعملت وسائل إعلام السلطة على ثني الشارع عن الخروج إلى التظاهر الجمعة، عبر إشاعة أجواء من الخوف بتسريبات عن تعبئة الحكومة لقوات من البلطجية لجر المظاهرات إلى العنف، وتسخير إمكانيات بشرية أمنية ولوجستية ضخمة بغية التأثير على تفاعل الرافضين مع دعوات شبكات التواصل الاجتماعي.

وشهدت المسيرات انخراط قوى سياسية معارضة ونخب رمزية وأكاديمية في الحراك الشعبي، على غرار حزب طلائع الحريات، وحزب العمال اليساري، فضلا عن شخصيات مستقلة وحتى منتسبين إلى أحزاب السلطة، كجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.

وقال رئيس الحكومة السابق والمترشح للانتخابات علي بن فليس إنه “قرر النزول إلى الشارع بصفته الشخصية وليس كقيادي حزبي”.

وفي تسجيل صوتي ليلة المسيرات الشعبية، أعلنت رئيسة حزب العمال اليساري لويزة حنون عن “انخراطها الفردي في الحراك الشعبي، وعن نزول مناضلي الحزب ومسؤوليه للمشاركة في المظاهرات الشعبية، للتعبير عن انخراطه في المطالب السياسية المرفوعة من بداية الحراك الشعبي”.

وجدد المتظاهرون الذين خرجوا في مختلف المناطق نفس الشعارات والمطالب، على غرار “لا نريد، لا نريد بوتفليقة ولا السعيد”، “نظام قاتل”، “جمهورية ثانية”، “سلمية سلمية”.

وكانت من بين المحتجين واحدة من أشهر أبطال حرب التحرير ضد فرنسا في الفترة من 1954 وحتى 1962 وهي جميلة بوحيرد التي تبلغ من العمر الآن 83 عاما. وقالت للصحافيين “أنا سعيدة لأنني هنا”.

ونزلت بوحيرد رفقة العديد من الرفاق والشخصيات المستقلة، إلى ساحة أول مايو بوسط العاصمة، كالرائد في جيش التحرير لخضر بورقعة، ورئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، وأكاديميين بارزين.

وبالتوازي مع استعمال الغاز المسيل للدموع من بعض وحدات الأمن، فإن صورا وتسجيلات عكست تضامنا من أفراد الأمن مع المحتجين.

وأفاد مصدر أمني لـ”العرب” بأن “الحكومة استقدمت ليل الخميس، وحدات من الدرك (جهاز تابع لوصاية الجيش)، إلى العاصمة، يصل تعدادها إلى خمسة آلاف فرد من فرق محاربة الشغب، من أجل المساهمة في إجهاض المسيرات الشعبية، وتأمين بعض المؤسسات الحساسة، كما هو الشأن بالنسبة لمقر رئاسة الجمهورية، الذي تم تطويقه بوحدات أمنية وعسكرية، لمنع المتظاهرين من الوصول إليه.

وصرح رضا محمدي، وهو شاهد عيان يقيم في حي حيدرة الراقي في أعالي العاصمة، في اتصال مع “العرب”، بأن السلطات الحكومية تحاول خلق نوع من الصراع بين سكان العاصمة وسكان الأحياء الشعبية المحيطة بها، حيث منعت مئات الشباب من سكان الحي، من الالتحاق بالمتظاهرين في وسط العاصمة، وسخرت حواجز كبيرة، واستعملت الغاز المسيل للدموع بغية إضفاء الشعور بالفوارق والصراعات الاجتماعية.

وشدد المتحدث على أن “سكان الضاحية من مختلف الفئات هم جزء من نسيج العاصمة، ومن كل المجتمع الجزائري، وتواجدهم في حي راق لا يتصل بتمركز مصالح وإقامات السلطة في الضاحية”.

وعرفت بعض مدن منطقة القبائل، كالبويرة وبجاية، وغرداية في جنوب البلاد، خروج المتظاهرين بداية من صبيحة نهار الجمعة.

ورغم لجوء الحكومة إلى قطع شبكة الإنترنت والتشويش على الشبكات الهاتفية للحيلولة دون نقل الوقائع بالشكل الواسع والسريع، فإن المسيرات المختلفة اخترقت كل الحواجز، خاصة في ما يتعلق بالطابع السلمي والهادئ وتفويت الفرصة على المتربصين بانزلاق الحراك إلى العنف والشغب.

وإلى الآن، لم يوجه بوتفليقة أي خطاب مباشر للمحتجين. وقالت السلطات إنه سافر إلى جنيف لإجراء فحوص طبية لم يكشف عنها على الرغم من عدم صدور تأكيد رسمي بشأن سفره.

العرب