يحط وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في دولة الإمارات العربية ضمن جولة خليجية قادته إلى قطر والسعودية والكويت، بحث خلالها مجموعة واسعة من قضايا المنطقة، وفي عدادها الأوضاع في سوريا واليمن وليبيا، والمفاوضات الفلسطينية ــ الإسرائيلية المتوقفة. كذلك شملت مباحثاته مع زعماء هذه الدول تطوير العلاقات التجارية المشتركة، والتعاون في مجالات الطاقة وأسعار النفط وفرص الاستثمار.
وفي الأهداف المعلنة للجولة أشارت التقارير إلى مشاورات التحضير لأعمال «منتدى التعاون الروسي ــ الخليجي» الذي سينعقد في منتصف نيسان/ ابريل المقبل وتعلق موسكو عليه الكثير من الآمال في ترسيخ نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري على امتداد الخليج العربي. كذلك أعلن لافروف عن زيارات مرتقبة سوف يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الدوحة والرياض وعواصم خليجية أخرى، تسير في المنحى ذاته وقد تتناول أيضاً إمكانية التوسط في إنهاء الحصار الذي تفرضه السعودية والإمارات والبحرين ومصر على دولة قطر.
وأما أبرز الأهداف غير المعلنة من وراء زيارات لافروف فهو حث قطر والسعودية والكويت على إعادة فتح سفاراتها في دمشق واستئناف الصلات مجدداً مع النظام السوري والضغط من أجل إلغاء القرار الخاص بتجميد عضويته في الجامعة العربية. وما خلا أبو ظبي التي سارعت إلى فتح أبواب سفارتها في دمشق أواخر العام المنصرم، فإن لافروف لم يحقق نجاحاً ملموساً على هذا الصعيد، خاصة وأن زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى طهران مؤخراً أسقطت الذريعة الإماراتية القائلة بأن الانفتاح على الأسد يخلصه من النفوذ الإيراني.
كذلك يلوح أن وزير الخارجية الروسي سوف يفشل في إقناع العواصم الخليجية بالمساهمة المالية النشطة في المشاريع والأشغال التي سوف تندرج في إطار إعادة إعمار سوريا، والتي تعتبرها موسكو ذروة المثوبة الاستثمارية وراء تدخلها العسكري في سوريا لصالح النظام. فهذه المساعي تصطدم برفض بعض العواصم التعاطي مع نظام ارتكب المجازر وجرائم الحرب وكان المسؤول الأول عن تدمير سوريا وتخريبها، أو بامتثال عواصم أخرى لإملاءات أمريكية ترى أن الوقت غير ملائم الآن لمنح موسكو هذه المكرمة. ومن غير المنتظر أن يلقى اقتراح لافروف باستضافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موسكو آذاناً صاغية من الأخير، خاصة في هذه المرحلة التي تشهد اشتداد الأزمات السياسية والقضائية حول نتنياهو.
وفي كل حال سوف يسعى لافروف إلى قطف ثمار السياسة التي اعتمدتها موسكو في مساندة ولي العهد السعودي خلال افتضاح عملية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي واستغلال حاجة الرياض الراهنة إلى أدنى أشكال الدعم السياسي والدبلوماسي الدولي، وكذلك البناء على «إعلان الشراكة الاستراتيجية» الذي وقعه ولي العهد الإماراتي في موسكو الصيف الماضي. ولكن من الواضح في المقابل أن الفشل الذريع سوف يكون حليف الرياض وأبو ظبي لجهة استمالة موسكو ضد طهران على سبيل المثال، أو تجميد المفاوضات الروسية ــ القطرية الراهنة حول تزويد الدوحة بصواريخ إس ـ 400 المتطورة، أو دفع بوتين إلى فضّ التفاهمات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص منطقة إدلب السورية.
هي جولة أقرب إلى تربيع الدائرة إذن، لأنها رهينة العوائق والتناقضات.
القدس العربي