منذ 22 فبراير/شباط الماضي، خرج ملايين الجزائريين في حراك شعبي غير مسبوق للتنديد بترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية انتخابية خامسة، رغم حالة العجز الصحي التي يعاني منها منذ عام 2012.
غير أن من أبرز الدوافع التي جعلت الجزائريين يكسرون حاجز الصمت ويعبرون عن منسوب كبير جدا من السخط على السلطات الحاكمة، هو تفشي الفساد في مختلف دواليب القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وما نتج عن ذلك من ضياع مقدرات البلاد، وبالتالي تردي أوضاع الشعب الجزائري.
فماذا تقول التقارير الدولية عن أوضاع الفساد في الجزائر؟
تقرير التنافسية العالمية
يصنف تقرير التنافسية العالمية لفترة 2018-2019 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الجزائر في المرتبة 92 عالميا من أصل 140، وذلك بعد حصولها على 53.8 نقطة من أصل مئة.
وضمن المؤشرات الفرعية التي استند عليها واضعو مؤشر التنافسية، نجد أن البلاد احتلت موقعا متخلفا جدا في مجال انتشار ظاهرة الفساد بحلولها في المرتبة 96 عالميا، وأيضا في مجال شفافية الميزانية (المرتبة 116).
وفي مجال الرقابة ومعايير الإفصاح، جاءت الجزائر في المرتبة 131 عالميا، وهي المرتبة نفسها التي حصلت عليها البلاد في مجال وضع تشريع لمحاربة تضارب المصالح.
مؤشر إدراك الفساد
ويفيد مؤشر إدراك الفساد لعام 2018 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية (ترانسبرنسي)، بأن الجزائر احتلت المرتبة 105 عالميا من أصل 180 دولة بمعدل 35 نقطة من أصل 100، وقد تحسن ترتيب البلاد قليلا مقارنة بمؤشر الفساد لعام 2017، إذ كانت في المرتبة 112.
دراسة “الناس والفساد”
وأجرت منظمة الشفافية الدولية دراسة مسحية بالشراكة مع مؤسسة “الباروميتر الأفريقي” و”شركاء وطنيون لشبكة الباروميتر العربي” عن الناس والفساد، وصدرت النتائج في عام 2016، وشملت الدراسة تسع دول عربية بينها الجزائر، فكانت النتائج كالآتي:
34% من الجزائريين قالوا إن الكل أو الأغلبية في القطاع العام متورطون بالفساد، في حين قال 41% إن البعض فقط متورطون.
وردا على سؤال الدراسة: هل تعتقد أن جهود الحكومة جيدة أم سيئة في محاربة الفساد؟، قال 69% من الجزائريين إن سجل الحكومة سيئ، غير أن 14% من العاملين في القطاع الحكومي بالبلاد فقط قالوا إنهم دفعوا رشوة في الأشهر الـ12 الماضية.
وعن أكثر القطاعات فسادا، قال الجزائريون المشاركون في الاستطلاع -وعددهم 1200- إن مسؤولي الضرائب يتصدرون القائمة (40% من المشاركين)، يليهم أعضاء البرلمان والمسؤولون الحكوميون وأعضاء المجالس المحلية (39%)، ثم مديرو الشركات (37%) فالرئيس ورئيس الوزراء (31%)، ثم القضاة ومأمورو المحاكم (28%).
تقرير الحرية الاقتصادية
صنف آخر تقرير سنوي عن الحرية الاقتصادية في العالم -والذي تعده مؤسسة هيرتيج الأميركية- الجزائر في المرتبة 171 عالميا و14 إقليميا (منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط).
وذكر التقرير أن الفساد منتشر في القطاعات الاقتصادية الخاصة وفي القطاع الحكومي، ولا سيما في مجال الطاقة، العمود الفقري للاقتصاد الجزائري.
أوراق بنما
نشر التحالف الدولي للصحفيين الاستقصائيين قبل بضع سنوات تسريبات عن تورط شخصيات في الجزائر بتهريب أموال إلى ملاذات ضريبية، في إطار تسريبات أوراق بنما وتسريبات أوراق بردايز.
وذكرت التسريبات أسماء 79 شخصية ومؤسسة اقتصادية في الجزائر متورطة في هذه الممارسات، ومن ذلك امتلاك شركات في ملاذات ضريبية في أفريقيا مثل غينيا ونيجيريا، وفي أوروبا مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وفي دول عربية مثل مصر والإمارات.
وأشار الموقع الإلكتروني للتحالف في 10 سبتمبر/أيلول 2018 إلى أن الحكومة الجزائرية باشرت تحقيقات في ممارسات غسيل الأموال عقب المعلومات التي كشفت عنها التحقيقات الصحفية.
وشملت تحقيقات السلطات قيام رجل أعمال جزائري باستعمال شركتين مسجلتين في ملاذات ضريبية بتضخيم فواتير استيراد حليب مجفف إلى الجزائر، وذلك من أجل الاستفادة من أكبر قدر من المعونات الحكومية المخصصة لهذه المادة الغذائية الحيوية، وهو ما كبد خزينة الدولة ملايين الدولارات.
تحقيق بي بي سي
نشرت قناة بي بي سي البريطانية في العام الماضي تحقيقا تحت عنوان “الجزائر: كيف ينخر الفساد قلب كرة القدم؟”، كشف عن ممارسات فساد ممنهجة للتلاعب بنتائج مباريات هذه الرياضة الشعبية.
وأوضح التحقيق الذي استمر ثلاث سنوات، أن رشوة اللاعبين والمسؤولين في الجزائر أمر مألوف لدرجة وضع “قائمة أسعار” شبه رسمية تتفق عليها كل الأطراف، ويستند عليها كمرجعية في تحديد المبالغ اللازمة لشراء ذمم اللاعبين والمسؤولين؛ فمثلا كلف منح ضربة جزاء من جانب حكم فاسد قرابة مليون دينار (8375 دولارا).
وقال وسطاء للقناة البريطانية إنهم ما زالوا نشطين في مجال التلاعب بنتائج المباريات في عام 2018، بحيث يقومون بترتيب نتيجة مباراة كرة قدم مهمة مقابل 68 ألف دولار.
المصدر : مواقع إلكترونية