اندلعت معركة مخيم جنين، قبل 17 عاما، وكانت الأشرس في الضفة الغربية إبان الانتفاضة الثانية المسلحة التي اندلعت في 28 سبتمبر 2000 ، ودارت المعركة بين قوات الاحتلال ومئات المقاومين، انتهت باستشهاد 58 شهيدا ومقتل 23 جنديا اسرائيليا.
في ساعات مبكرة من صباح الموافق 2-4-2002 ، شرعت دبابات الاحتلال بمحاصرة مخيم جنين، شمال الضفة الغربية الذي تحصن فيه عشرات المقاومين. وكانت المدينة ومخيمها مركزا للمقاومة المسلحة في الانتفاضة الثانية، التي اندلعت عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينها أرئيل شارون للمسجد الأقصى، عقب فشل مفاوضات كامب ديفيد.
عشرة أيام من القتال الشرس في زقاق المخيم انتهت بتدمير أحياء كاملة واستشهاد 58 شهيدا، أغلبهم من الأطفال والنساء، بينما أعدمت قوات الاحتلال قائد المعركة المعروف بـ”أبو جندل” فيما قتل 23 جنديا اسرائيليا.
في حينها اتهمت منظمات دولية حقوقية إسرائيل بارتكاب أعمال القتل العشوائي، واستخدام الدروع البشرية، والاستخدام غير المتناسب للقوة، وعمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب، ومنع العلاج الطبي والمساعدة الطبية.
اليوم، وبعد سنوات طويلة من الهدوء النسبي داخل ما عرف في حينها بعش “الدبابير” تعود الرغبة الى تلك الأيام، العودة إلى السلاح مع تزايد الضغوط وغياب أفق الحل ومع تداعي السلطة الفلسطينية، وفقا لما قال الشاب أحمد فريحان من مخيم جنين لـ”القدس العربي”، وأضاف الشاب الذي ينشط بصفوف تنظيم حركة “فتح”، ان الجميع لا يريد عودة تلك الأيام الصعبة “لكن ما يحدث قد يدفع باتجاه الانفجار”.
مظاهر انفجار الأوضاع في الضفة الغربية تتزايد، حيث سجلت الأشهر الأخيرة أعلى معدلات إطلاق للنار، منذ الهدوء النسبي الذي يسود الضفة الغربية منذ سنوات، بحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، وتزايد مظاهر حمل السلاح في استقبال الأسرى وتوديع الشهداء وهي مظاهر كانت تسود في بداية الانتفاضة الثانية.
التقارير الإسرائيلية تتحدث بشكل مستمر عن انفجار وشيك بالضفة الغربية، وعن احتمالية عودة رجالات الانتفاضة الثانية إلى “أماكنهم”
التقارير الإسرائيلية تتحدث بشكل مستمر عن انفجار وشيك بالضفة الغربية، وعن احتمالية عودة رجالات الانتفاضة الثانية إلى “أماكنهم” عقب التفاهمات التي توصلوا اليها مع الرئيس محمود عباس وإسرائيل، أنهت بموجبها إسرائيل مطاردة المئات من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح ، الذين كانوا يقودون عمليات إطلاق النار في الانتفاضة الثانية.
تلك المظاهر بدأت فجر ليلة الاثنين، بإطلاق مقاومين الرصاص على قوات اقتحمت مدينة جنين، حيث دار اشتباك مسلح عاد بذاكرة المدينة الى أيام الاجتياحات، وتم تداول فيديو وثق عملية الاشتباك على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
الجهات الأمنية الإسرائيلية باتت تحذر بشكل أكبر من أي وقت مضى من احتمالية حدوث انفجار أمني قريب بالضفة الغربية
الجهات الأمنية الإسرائيلية باتت تحذر بشكل أكبر من أي وقت مضى من احتمالية حدوث انفجار أمني قريب بالضفة الغربية مع استمرار الوضع القاتم، وفي ظل تراجع قدرة السلطة على الايفاء بالتزاماتها المالية، إضافة الى ترجيح الجهات الأمنية الإسرائيلية، قيام السلطة بإشعال الضفة في إطار مواجهة صفقة القرن المرتقبة.
وفي ظل احتمالية الانفجار، دفعت إسرائيل بكتائب إضافية إلى الضفة، ونشرت قوات النخبة التي عملت بالضفة إبان عملية السور الواقي في الانتفاضة الثانية، لمواجهة احتمالية الانفجار وعمليات إطلاق النار المتزايدة، بحسب تقارير إسرائيلية.
وفي الإطار، قال الخبير بالشؤون العسكرية، اللواء المتقاعد واصف عريقات، في حديث مع “القدس العربي”، إنه “ما زال من المبكر الحديث عن اندلاع انتفاضة مشابهة للانتفاضة الثانية، لكن قد نكون أمام عمليات تصدٍ واسعة على شكل مقاومة شعبية ومسلحة”.
وتابع: “في حال استمرار حالة الضغط على الشعب الفلسطيني، وإذا ما أقدمت إسرائيل على ضم أجزاء من الضفة الغربية وما يترتب على ذلك من إنهاء أي أمل للحل، وفي ظل حالة الغليان داخل السجون، وعمليات التهويد للقدس، والقتل اليومي، والاعتقالات، من المرجح حدوث الانفجار الذي تحذر منه جهات فلسطينية وإسرائيلية، وهو انفجار سيكون شديدا وعنيفا”.
وكان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حسين الشيخ، تحدث بصراحة عقب اندلاع أزمة اقتطاع أموال المقاصة، ان عدم إيفاء السلطة بالتزاماتها المالية سيدفع نحو “الفوضى”. وهو سيناريو بات يقترب أكثر بحسب اعتقاد بعض المراقبين، خاصة عقب تصريح الرئيس محمود عباس بأن “الفلسطينيين مقبلون على قرارات مصيرية وأيام بغاية الصعوبة”.
وانفجار الأوضاع بالضفة الغربية، هو سيناريو تتفق عليه الجهات الأمنية الإسرائيلية وخبراء السياسة، خاصة إذا ما وجدت السلطة نفسها عاجزة عن التصدي “لصفقة القرن” التي قد تحول السلطة الفلسطينية من مشروع دولة، إلى منظمة تدير التجمعات السكانية في مناطق “أ” بالضفة، عقب تزايد مخاوف احتمالية سيطرة إسرائيل على مناطق “سي” التي تشكل أكثر من 61% من مساحة الضفة.
القدس العربي