منذ تأسيسه عام 1979 لم يتلق الحرس الثوري الإيراني صفعة قاسية كالتي تلقاها من واشنطن بتصنيفه منظمة إرهابية في الثامن من الشهر الجاري، الأمر الذي سيلقي بظلاله الثقيلة على البلدان المقربة من إيران، وفي مقدمتها العراق.
ولعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أظهر في كل مرة عداءه للنظام الإيراني قد نفذ وعيده بحق أكثر أجهزته حساسية، واصفا خطوته بأنها “اعتراف بالواقع”.
العراق الذي توجد على أرضه قوات أميركية وقواعد عسكرية أعلن رسميا رفض العقوبات أحادية الجانب.
ويعد الحرس الثوري الذراع الأطول لإيران محليا وإقليميا، لتغلغله ضمن مفاصل الدولة المختلفة، وتحكمه المباشر في تطوير البرنامج النووي الإيراني والصواريخ البالستية والمهام السرية خارج الحدود، ويخضع لإمرة المرشد الأعلى علي خامنئي.
يتجاوز عدد عناصر الحرس الثوري 125 ألف مقاتل عقائدي، ومهمته الأولى حماية أمن النظام في الداخل والخارج والإشراف على قوات الباسيج (التعبئة الشعبية) وفيلق القدس الذي يضطلع بالمهام الخارجية الخاصة.
الموقف العراقي
رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أعلن سياسة النأي بالنفس بعد فشل الوساطة لدى مصر والسعودية لثني ترامب عن قراره تصنيف الحرس الإيراني منظمة إرهابية.
وقال عبد المهدي إن قرار واشنطن قد تكون له عواقب سلبية على العراق والمنطقة.
وأضاف أن بغداد حاولت منع القرار، وأنها ستبذل قصارى جهدها لتحقيق الهدوء في المنطقة، نظرا لاحتفاظها بعلاقات طيبة مع كل من طهران وواشنطن.
ولم يحل موقف الحكومة العراقية دون سماع الأصوات المتوعدة للقوات الأميركية بحرب لا هوادة فيها عند العدوان.
النائب في هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس -الذي وصف القرار الأميركي بشأن الحرس الثوري الإيراني بأنه مثير للسخرية- حذر الولايات المتحدة من أن تبعات القرار الذي اتخذته ستعود عليها بالضرر البالغ.
ما عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي ظافر العاني فانتقد التصريحات الرسمية لرئيس الحكومة ووزير خارجيته، معتبرا أن هذا الموقف لا يصب بمصلحة العراق وحاجته للمجتمع الدولي.
وفي حديثه للجزيرة نت قال العاني “كان حريا بالحكومة العراقية أن تؤيد مثل هذا القرار أو على أقل تقدير أن تلتزم الحياد”.
الداخل والخارج
المواقف والتصريحات التي صدرت من الجهات ذات الصلة بإيران تنتقل من دائرة القرار الرسمي إلى السياسي، بحسب رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري الذي رأى أن ذلك سيؤثر على موقف العراق الرسمي إذا ما أقدمت تلك الجهات على استهداف المصالح الأميركية فيه.
وأكد للجزيرة نت أن تلك الجهات إن لم تفكر بمصلحة الداخل أولا فمن المتوقع أن يكون الاشتباك حاضرا، وسيكون العراق في قلب العاصفة.
وأضاف أن التحذير الذي لوح به ترامب للشركات والمصارف حول العالم في حال تعاملت مع الحرس الثوري فإنها تصنف نفسها -حسب واشنطن- داعمة للإرهاب هو تحذير لا يقبل المساومة أو الاستثناء.
وقد ينطبق ذلك على شخصيات سياسية أو قادة لفصائل مسلحة في الداخل أو الخارج، مما يوضح بجلاء أن التعاطي مع القرار بحاجة للمزيد من التمهل والتعقل.
المتحدث باسم كتلة “صادقون” النيابية التابعة لعصائب أهل الحق نعيم العبودي اعتبر أن تصنيف جيش يتبع دولة منظمة إرهابية هو إجراء بعيد عن القانون الدولي، واصفا الإجراء بسابقة خطيرة هدفها تقوية نفوذ إسرائيل في المنطقة.
وأضاف العبودي في حديث للجزيرة نت أن واشنطن تمكنت من حرف البوصلة لدى العديد من الدول العربية، فبدلا من اعتبار “الكيان الصهيوني” عدوا صارت إيران هي العدو.
خطوة استباقية
وفي الشارع العراقي، لم يبد أبو وائل دهشته من القرار الأميركي عند سؤاله عن تأثيراته المحتملة، قائلا للجزيرة نت إن القرار ربما أتى خطوة استباقية لدعوة إيران الحكومة العراقية للعمل على إخراج القوات الأميركية من أراضيها.
بينما ذهب مواطن آخر إلى أن الخطوة أتت لذر الرماد في العيون، معتبرا أن العلاقة بين طهران وواشنطن علاقة براغماتية، مضيفا أنه لولا وجود إيران لما استطاع ترامب ابتزاز بعض دول الخليج “وحلب الأموال منها”.
المصدر : الجزيرة