فرنسا تلعب دور الملاك الحارس الغربي للواء حفتر

فرنسا تلعب دور الملاك الحارس الغربي للواء حفتر

في الوقت الذي استقبل فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر -الذي أشعل لتوّه حربا أهلية ثالثة في ليبيا، ووجّه ضربة قوية لعملية السلام- تستمر فرنسا في موقفها الغامض باسم مكافحة الإرهاب.

ويتفق موقع ميديابارت مع صحيفة ليبراسيون على أن فرنسا “لم تغير عقيدتها”، رغم الخسائر الكبيرة التي سببها حفتر، وما زالت تتستر وراء مكافحة الإرهاب والحفاظ على أمن الفرنسيين من أجل الإبقاء على علاقتها الغامضة مع اللواء الليبي.

ونبّه موقع ميديابارت إلى النفاق الذي تتضمنه البيانات المتتالية المتشابهة الصادرة عن الحكومة الفرنسية، إذ تؤكد كلها أن فرنسا تريد السلام في ليبيا، وتريد “أن تستأنف جميع الأطراف الليبية طريق التفاوض تحت سلطة الأمم المتحدة”، كما تسعى “لوقف إطلاق النار تحت إشراف دولي”.

ومع ذلك يقول الموقع إن فرنسا فعلت كل شيء للإسهام في الحرب هي وغيرها من البلدان المؤثرة، على مذابح الانقسامات والمصالح المتنوعة ومكافحة الإرهاب.

كما أشارت ليبراسيون إلى المأزق الذي وقعت فيه فرنسا بعد اللقاءات التي أجراها حفتر أثناء زيارته لها؛ بين رغبة المجتمع الدولي في وقف الأعمال القتالية ورؤية اللواء الذي صرح بأن شروط وقف إطلاق النار “لم يتم الوفاء بها”، خاصة أنه لا يرى أن هناك طرفا ينبغي التفاوض معه لأن حكومة الوفاق الوطني –حسب رأيه- “موبوءة بالمليشيات”.

خطط حفتر
وفي مقابلة مع الباحث جلال حرشاوي من معهد كليغندايل في لاهاي، حاولت ليبراسيون فك تشفير إستراتيجية حفتر وتحالفاته، منطلقة من السؤال: هل يستطيع حفتر الفوز في معركة طرابلس؟

وقال الباحث إن حفتر كانت لديه خطة (أ)، لتأسيس وجود في العاصمة خلال 24 أو 48 ساعة، بإقامة مواقع في وسط المدينة من شأنها أن تعطيه هالة لدى السفارات وسيطرة على المؤسسات، بما في ذلك البنك المركزي والشركة الوطنية للبترول، مما يسمح له بأن يعكس القصة للظهور كسلطة شرعية اعتدي عليها من الخارج.

وتفاوض حفتر مع مدن ومجتمعات جنوب طرابلس للوصول بسرعة إلى مركز المدينة، ولكنه تسرع وفضل الخيار العسكري، مقللا من تماسك خصومه الذين استطاعوا التنسيق فورا لمنعه من تحقيق مبتغاه، رغم ما بينهم من كره وعداوات.

ومع هذه الخطة كانت لدى حفتر خطة (ب)، فهو يعلم أنه حتى في حالة الفشل العسكري لن يستطيع مؤيدوه الأجانب كمصر والإمارات والسعودية وروسيا وفرنسا التخلي عنه لشدة تورطهم في الشأن الليبي.

لذلك فهو يراهن –حسب الباحث- على جمع الأسلحة والدعم الدبلوماسي والمالي، ليجبر رعاته على التورط معه إذا تعثر هجومه، ويقوم بتثبيت روتين حرب يمكن أن يستمر سنوات، ويظل هو خلالها رقما لا يمكن تجاوزه، ويتم تمويل مجهوده الحربي.

وعند السؤال عن إمكان صد حفتر تماما عن طرابلس، رأى الباحث أن الوضع لن يعود إلى حاله السابق، وأن اللواء لن يخرج بصورة كاملة من غرب ليبيا، لأن جزءا من جيشه من مدن القذافي في الغرب مثل ورشفانة وترهونة وغريان.

ومع ذلك، نبه الباحث إلى أن خطرين يتربصان بحفتر: الأول احتمال قطع خطوط الإمداد ونأي القبائل الشرقية عنه إذا عانى جيشه من نكسات شديدة، مما قد يؤدي إلى انهيار كتائبه القادمة من الشرق.
أما الخطر الثاني فهو الهجوم المضاد من قبل خصومه بعيدا عن طرابلس، في منطقة الهلال النفطي -على سبيل المثال- أو في الجنوب، لأن فقدانه المواقع الإستراتيجية قد يؤدي إلى الإضرار بمكانته المتضررة أصلا.

وقال الباحث إن ماكرون باستقباله خليفة حفتر، أراد قتل عصفورين بحجر؛ إذ كانت خطة الإليزيه هي بسط السجادة الحمراء له، ولكن مع تأنيبه قليلا، وطلب قبول وقف إطلاق النار منه، وبذلك تبدو باريس حكما وصانع سلام وشقيقا كبيرا، وفي الوقت نفسه سيحصل حفتر على مقدار من الشرعية، وربما من خلال وقف إطلاق النار على أنحاء طرابلس التي استولى عليها.

جهود الحلفاء
ومع أن اللواء منعته كبرياؤه من الموافقة على العرض –حسب الباحث- فإنه قد يقبل به لاحقا، خاصة أن قواته لم تحرز أي تقدم، ورغم هذا الرفض لم يتغير الموقف الفرنسي في ليبيا، إذ لم يتم التشكيك في أسس السياسة الموالية لحفتر.

وعند سؤال الصحيفة عن المدى الذي يمكن أن يصل إليه الدعم الفرنسي لحفتر، قال الباحث إن اللواء يتمتع منذ 2017 بدعم لوجستي وإستراتيجي وإعلامي من فرنسا باسم مكافحة الإرهاب، لكن المساعدات الأكثر أهمية هي ذات طبيعة دبلوماسية؛ إذ غيّر اجتماع يوليو/تموز 2017 حفتر من أمير حرب إلى شريك سلام.

وفي أبريل/نيسان أيضا، كانت باريس هي التي حالت دون إدانة حفتر من قبل الاتحاد الأوروبي عندما شن هجومه على طرابلس، وبذلك تبقى فرنسا تلعب دور الملاك الحارس الغربي للجنرال.

ومن المفارقات –حسب الباحث- أن حفتر دمّر خطط السلام التي كانت ترعاها الأمم المتحدة بهجومه على طرابلس، في وقت كان يتمتع فيه بعدد كبير من الحلفاء، ذلك لأنه عرف أن لديه كوكبة مناسبة لبدء العمل.

وختم الباحث بأن هذا التوافق الدبلوماسي المؤيد لحفتر كان نتيجة لسنوات من الجهود التي بذلتها الإمارات والسعودية ومصر، وأضيف لها التشجيع المفاجئ من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ووجدت ظروفا مواتية في دعم موسكو وانشغال الجزائر بثورتها والمملكة المتحدة بخروجها من الاتحاد الأوروبي وإيطاليا بتأرجحها.

 

المصدر : ميديابارت,ليبيراسيون

\