عدن (اليمن) – أكدت مصادر في الحكومة اليمنية لـ“العرب” تواصل مساعي الأمم المتحدة لإقناع الحكومة المعترف بها دوليا باستئناف التواصل مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، في ظل أنباء عن رفض الرئيس عبدربه منصور هادي التعامل معه أو استقباله خلال زياراته الأخيرة للرياض.
وبحسب وسائل إعلام عربية من المتوقع أن تلتقي وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري دي كارلو، بالرئيس هادي في وقت لاحق، لهذا الغرض.
وقالت مصادر “العرب” إن الحكومة قطعت أي اتصال مع غريفيث في أعقاب الرسالة شديدة اللهجة التي بعث بها الرئيس اليمني إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي دافع عن مبعوثه الخاص إلى اليمن ووعد في ردّه على رسالة هادي بالعمل على تغيير النهج الأممي في اليمن والذي تصفه الحكومة الشرعية بالمنحاز للحوثيين.
ووفقا لمصادر دبلوماسية تحدثت لـ”العرب” فقد ترافقت محاولات الأمم المتحدة ترميم علاقاتها بالحكومة اليمنية مع البحث في كواليس المنظمة الدولية عن البديل المحتمل لغريفيث، وأشارت المصادر إلى تردد اسم الدبلوماسي الألماني مارتن كوبلر كخليفة محتمل له، كما كشفت مصادر قريبة من الأمم المتحدة لـ”العرب” عن تكليف الأمين العام للأمم المتحدة مستشارَه الخاص لمنع الإبادة الجماعية السنغالي أداما ديينغ، بمهام خاصة في الملف اليمني، الأمر الذي يعزز من فرضيات إعفاء غريفيث من مهام عمله في اليمن.
وعلى الصعيد الميداني شهدت الحديدة مواجهات عنيفة بين قوات المقاومة المشتركة من جهة والميليشيات الحوثية من جهة أخرى إثر قيام الحوثيين بقصف مواقع سكنية في جنوب وشرق الحديدة في المناطق المحررة.
وذكرت مصادر محلية لـ”العرب” استمرار الحوثيين في حشد المزيد من التعزيزات العسكرية، في مؤشر على استئناف المواجهات العسكرية نتيجة الفشل في المسار السياسي.
وفي تصريح لـ“العرب” قال الصحافي اليمني سياف الغرباني من الحديدة إن ميليشيا الحوثي رفعت منسوب التحرك المسلح، في المدينة ومناطق جنوب المحافظة، في غضون إخراج مسرحية الانسحاب الثانية من الموانئ الثلاثة.
واعتبر الغرباني أن تماهي الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث، مع خطة الالتفاف على اتفاق السويد، والجزء الخاص بترتيب ملف الحديدة تحديدا، فتح شهية الحوثيين لنسف الاتفاق برمته، والذهاب في التصعيد العسكري إلى أبعد مدى، مشيرا إلى أنه في الأيام القليلة الماضية، شهدت مدينة الحديدة ومناطق ريفها الجنوبي، تصعيدا مسلحا كبيرا من جانب الحوثيين، تجاوز مربع الخروقات، إلى المعركة الشاملة، بالتوازي مع إجراء استعراض عسكري داخل المدينة، استخدموا فيه سيارات أممية، واستقدموا مقاتلين من محافظات ريمة وحجة والمحويت.
ومع بروز مؤشرات انهيار المسار السياسي في اليمن وتصاعد خيارات استئناف المواجهات العسكرية في الحديدة على وجه التحديد، من المتوقع ان تلجأ الدول الفاعلة في الملف اليمني إلى مجلس الأمن لاستباق أي خطوات تصعيدية قد يقدم عليها الفرقاء اليمنيون.
وفي هذا السياق كشفت مصادر إعلامية عن تبني بريطانيا وعدد من الدول الفاعلة في مجلس الأمن لمقترح ما زال محل نقاش في كواليس الأمم المتحدة، يدور حول إمكانية استصدار قرار من مجلس الأمن في جلسته القادمة المخصصة لليمن في السابع عشر من يونيو لإرسال قوات حفظ سلام إلى الحديدة.
ويهدف هذا التصعيد في الموقف الدولي إلى تجاوز الصلاحيات التي ما زالت تمتلكها الحكومة اليمنية كسلطة شرعية والحوثيين كسلطة أمر واقع في مناطق سيطرتهم، والحفاظ على ما يعتبره المجتمع الدولي استحقاقات فرضتها اتفاقيات السويد والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع.
ولفت مراقبون إلى أن المقترح الذي تروج له لندن سيضع اليمن تحت الوصاية الدولية في حال تم إقراره، وسيصب في اتجاه تكريس الوضع الحالي الذي ترفض الحكومة الشرعية الرضوخ له أو القبول بنتائجه.
وحذر المراقبون من استمرار حالة اللاّسلم واللاحرب التي عطلت المسارين السياسي والعسكري على حد السواء وفتحت الأبواب أمام الحلول المسقطة المفروضة من المجتمع الدولي الذي تسعى أطراف فيه لاستثمار الأزمة اليمنية لخلق توازنات إقليمية جديدة لا تراعي خلفيات الصراع اليمني وأبعاده الجيوسياسية والاستراتيجية ومن بينها متطلبات الأمن القومي لدول المنطقة.
العرب