مع اعلان انتهاء مدة سداد قيمة القرض المستحق عليها ،تقف اليونان على مفترق طرق بعد التوصل الى طريق مسدود مع دائنيها ، حتى لو اتفق اليونان ودول منطقة اليورو ينبغي على الدولة المتعثرة دفع 8 مليارات يورو أخرى للبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي في تموز/ يوليو و آب / أغسطس.
اما صندوق النقد الدولي فقد اعلن عن عجز اليونان سداد ديونها للصندوق، أذ لم تتمكن من دفع المبالغ المستحقة عليها و البالغة نحو مليار ونصف مليار يورو.
من جهة اخرى ، ذكرت مصادر صحفية أن رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس مستعد لقبول معظم شروط المقرضين لإنهاء المواجهة بشأن برنامج الإنقاذ، والتي تخضع لشروط معينة.
و يبحث وزراء مالية الاتحاد الأوروبي طلب رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس الحصول على قرض جديد مدته عامان لسداد ديون تقترب قيمتها من 30 مليار يورو.
اما وزير المالية الفرنسي ميشيل سابان فقد عبر عن موقف بلاده ،بإن فرنسا ستظل تسعى للتوصل إلى اتفاق مع اليونان قبل الاستفتاء المقرر إجراؤه يوم الأحد على شروط حزمة الإنقاذ.
أزمة داخلية
لقد شهدت البلاد بعد قرار اغلاق البنوك مطلع هذا الاسبوع تكدس المواطنين وعملاء البنوك امام أجهزة الصرف الآلي والتي تم إفراغها، وتشهد البلاد تزايد في اعداد الطوابير امام البنوك لسحب اموالهم خوفا من افلاس البلاد .
ان الوضع الكارثي الذي تعيشه البلاد جاء بعد انهيار المفاوضات بين حكومة أثينا ودائنيها في التوصل لاتفاق بشأن حزمة إنقاذ جديدة.
وتفيد بيانات ان انعدام السيولة ادى إلى ازدياد استخدام بطاقات الائتمان بنسبة 300%، في حين أعلنت بعض محطات الوقود أنها قد لا تقبل التعامل بها خوفاً من أن لا تحصل على أموالها قريباً.
يشار الى ان البنوك اليونانية أغلقت أبوابها حتى 6 تموز/يوليو الشهر المقبل خشية طلب سحوبات كبيرة
الاسواق والمحلات المحلات التجارية الكبرى فقد سهدت تهافتا كبيرا على شراء مواد التموينية، خاصة ويأتي ذلك بالتزامن مع الحديث عن الضرائب المفروضة على تلك المواد.
كما أعلنت وزارة الاقتصاد أنه سيحق لكل متقاعد لا يحمل بطاقة إلكترونية أن يسحب مبلغ 120 يورو أسبوعياً من حسابه.
تشديدات امنية
أما الشرطة اليونانية فتقف على أهبة الاستعداد لحماية آلاف البنوك المنتشرة في أنحاء اليونان وأجهزة الصراف الآلي من اي هجمات متوقعة.
وتزايد الشد والجدذب بين الحكومة والمعارضة بشكل كبير بشأن الاستفتاء يوم الأحد المقبل.
وتحاول كل جهة حشد أكبر عدد ممكن من المتظاهرين، لكن يبدو أن المظاهرات المؤيدة للحكومة أو الرافضة للتقشف، تجمع أعداداً أكبر من الجماهير.
إضافة إلى الفرق العددي بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها، تظهر فروق اجتماعية واضحة بين الجانبين، حيث تضم المظاهرات المؤيدة للحكومة طبقات شعبية ومتوسطة وعاطلين عن العمل، بينما يضم الطرف الآخر متظاهرين من الميسورين وحتى من رجال أعمال.
وتأتي التظاهرات الرافضة للتقشف كدعوة للحكومة إلى سحب التراجعات الكثيرة التي قدمتها للدائنين مؤخراً.
استفتاء شعبي
وفي سياق متصل، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إن الاستفتاء الذي ستجريه الحكومة اليونانية في الخامس من يوليو/تموز سيكون بشأن شروط إنقاذ للبلاد لم تعد قائمة، وذلك لأن برنامج الإنقاذ الحالي ينتهي بعد غد الأربعاء 30 يونيو/حزيران الجاري.
ومنذ أشهر، تتعثر المفاوضات مع الدائنين بشأن إصلاح نظام التقاعد والضريبة على القيمة المضافة، فضلا عن مطالبة أثينا بأن تبحث، منذ الآن، إعادة هيكلة لدينها الضخم الذي يناهز 180% من إجمالي ناتجها المحلي.
وبذلك، أصبحت اليونان أول دولة في الاقتصاديات المتقدمة تتخلف عن سداد مبالغ متأخرة مستحقة لصندوق النقد ولم تعد قادرة على الاستفادة من الموارد المالية لهذه المؤسسة الدولية.
خمس سنوات أزمة وخمسة أشهر مفاوضات ، اليونان اليوم في وجه العاصفة بشكل كبير وتتوجه ألانظار إلى نتائج الاستفتاء في الـ5 من تموز / يوليو المقبل لتحديد موقف البلاد من سياسة التقشف التي يشترطها المقرضون، حيث انقسم الشارع اليوناني ما بين معارض ومؤيد، وهو ما يثير العديد من التداعيات بانتظار اليونان ودول منطقة اليورو، قد يصعب التكهن بها.
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية