الباحثة شذى خليل
تعود المستثمرون خلال التوترات والأزمات أن تنعكس وبشكل مباشر وسريع على النفط والذهب المحركان الاساسيان لاقتصاديات دول العالم ، حيث ترتفع أسعار الذهب في الحرب وخلال التوترات الأمنية والسياسية ، بسبب الطلب الكبير على شرائه ، كونه الملجأ الأكثر أماناً لمنع هدر الثروة ، ولوحظ مدى حساسية الذهب تجاه “الحرب… والسلام” ان الخوف من النتائج السلبية للحرب.
يعد الذّهب من المعادن الثّمينة الّتي عُرفت منذ آلاف السنين ، ويمكن أن يتواجد بشكلٍ حرّ في الطبيعة ، أو مخلوطاً بعناصر أخرى ، وهو عنصر لامعٌ وكثيف ، ومن أكثر المعادن ليونة ، ويتواجد في رواسب الأنهار والصّخور.
يستخدم الذّهب منذ آلاف السنين في صكّ العملة المعدنيّة ، لأنّ الذّهب مادة لها قيمة عالية ، وتُستخدم في المعاملات الماليّة منذ زمنٍ طويل .
يستخدم الذهب بشكلٍ واسع في صناعة الأجهزة الإلكترونيّة ، وذلك بسبب الخصائص الهامّة الّتي يتمتّع بها مثل: قدرته على توصيل التيّار الكهربائيّ بكفاءة عالية ، والمقاومة العالية للتآكل ، ممّا يجعله مثاليّاً للأجهزة الّتي تتّصف بفولتية منخفضة مثل الهواتف المحمولة ، والتلفزيون ، وأسلاك التوصيل.
يستخدم الذهب في صناعة أجهزة الحاسوب بسبب قدرته الممتازة على التوصيل ، كما يستخدم في طبّ الأسنان ، لأنّه من العناصر الخاملة ، وبسبب سهولة التّعامل معه وتشكيله في استخدام الحشوات التجميليّة.
ويحتفظ الذّهب بقيمته لأنّه يؤثّر في السياسات النقديّة ، ويعتمد الاقتصاد العالمي غالباً على أسعار الذّهب صعوداً وهبوطاً.
يعدّ الذهب من أشهر المعادن المستخدمة في صناعة الحليّ ، واستخدمته النّساء للزّينة على مر العصور ، ويتمّ تصنيعه والتّعامل به على شكل سبائك ، وهي كتلة من الذهب النقيّ الذي يُصهر لتتمّ عمليّة التصنيع على شكل مجوهرات مختلفة.
ويصنّف الذهب حسب العيار ، ويحسب العيار عن طريق نسبة الذهب مقارنةً بنسبة المعادن الأخرى الّتي تتكوّن منها الحلي ، حيث انّ نسبة الذهب إذا كان عياره 24 تعدّ عاليةً مقارنةً بالذّهب من عيار 18 ، لأنّ نسبة المعادن المخلوطة مع الذّهب تكون أكبر ، وبهذا يكون سعر غرام ذهب الـ24 أكثر من ذهب عيار 18 .
ونتيجة للتوترات الحادة بين أمريكا والصين ، حيث أشعل تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية ، أشعل التوترات التجارية من جديد بين البلدين ، ودفع المستثمرين للإقبال على أصول الملاذ الآمن ، ألا وهو الذهب ، مما انعكس وبشكل مباشر على ارتفاع أسعار الذهب الى أكثر من 1.5 % ، لتصل إلى أعلى مستوى في أكثر من ثلاثة أشهر ، وسط مخاوف من تضرر الاقتصاد العالمي من جراء التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ، وتهديد واشنطن بفرض رسوم على المكسيك.
وسجل ارتفاع السعر الفوري للذهب 0.1% إلى 1281.70 دولارا للأوقية ، ونزلت العقود الأمريكية الآجلة 0.1% إلى 1282.70 دولارا للأوقية ، في ظل التصعيدات على جبهة الحرب التجارية بين أمريكا والصين ، ودفعت تلك التوترات بشأن التجارة ، المستثمرين إلى التخلي عن الأصول العالية المخاطر ، مثل الأسهم ، وشراء العملات ، ومقابل سلة من ست عملات رئيسة ، تراجع الدولار قليلا إلى 97.71 على الرغم من أنه لا يزال مرتفعا 1.6 بالمائة منذ بداية العام.
ووفق بيانات صدرت عن مجلس الذهب العالمي ، استنادا إلى بيانات من صندوق النقد الدولي ، بلغ إجمالي احتياطيات دول العالم 33.87 ألف طن.
هذا الرقم يمثل الاحتياطيات الرسمية للبنوك المركزية حول العالم ، ولا يحتسب منها الذهب المعروض لأغراض تجارية في أسواق التجزئة (المجوهرات).
وهذه قائمة الدول الأكثر حيازة للذهب و التي تتصدرها الولايات المتحدة:
1. الولايات المتحدة احتياطي الذهب: 5 .81333 طن.
ان الولايات المتحدة هي المستحوذ الأكبر على الذهب في العالم ، خاصة وأن الدولار يمثل العملة الاحتياطية العالمية لأي بلد .
2. ألمانيا: احتياطي الذهب : 5 .3395 طن.
يرجح أن تحافظ ألمانيا على قاعدة أصولها الحالية ، حيث تعتبر ألمانيا قاطرة الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي ودول منطقة اليورو.
3. إيطاليا: احتياطي الذهب : 8 .2451 طن ، تعيش إيطاليا حالة من الاضطراب المالي , وتبعاً للكثير من المقاييس تعد إيطاليا من أكثر الاقتصادات المعرضة للخطر بالنسبة لباقي دول منطقة اليورو.
4. فرنسا: احتياطي الذهب : 4 .2435 طن .
تجد فرنسا نفسها في وضع جيد , فالرئيس السابق فرانسوا هولاند يعارض الكثير من الإجراءات التقشفية التي نفذها سلفه الرئيس نيكولا ساركوزي .
5. الصين: احتياطي الذهب : 1 .1054 طن .
صحيح أن الاقتصاد الصيني يواجه فترة من الركود وتراجع نسبة النمو إلى 7,4% ، ولكن تسعى الصين لأن تكون الاقتصاد الأكبر على مستوى العالم.
6. سويسرا: احتياطي الذهب : 1 .1040 طن .
تعد سويسرا أكثر بلد يحتوي على المصارف في العالم ، ولذلك من الطبيعي أن تكون من أكثر الدول حيازة للذهب .
7. روسيا: احتياطي الذهب : 7 .936 طن.
تواصل روسيا شراء الذهب ، حيث أن لديها طموح بالنمو الاقتصادي على المستوى العالمي .
8. اليابان: احتياطي الذهب: 2 .765 طن.
تعد اليابان من أكبر الدول اقتصادياً في العالم.
9. هولندا: احتياطي الذهب : 5 .612 طن.
لا نستغرب عندما نرى أن هولندا تمتلك كميات ضخمة من الذهب ، حيث أنه مما يجدر ذكره أن هولندا هي قوة استعمارية سابقة ولها تاريخ طويل في الثراء .
10. الهند: احتياط الذهب : 7 .557 طن ، في الوقت الذي تصنف الهند في المرتبة الـ11 عالمياً بحسب قائمة مجلس الذهب العالمي ، فهي تحتل المركز العاشر إذا استثنينا صندوق النقد الدولي.
خلاصة القول ، الذهب كان ولا يزال ، الأداة الاستثمارية الملائمة لحماية الثروة ، واثبتت كل التطورات وجود علاقة عكسية دائمة بين الاستثمار في الذهب ، والاستثمار في الأسهم ، وكلما طال أمد الاستثمار ، كلما زادت حدة هذه العلاقة العكسية ، ما يؤكد أهمية اللجوء الى الذهب لمواجهة انهيارات الأسعار في الأسهم العالمية ، و”التضخم” ، بدوره ، هو سبب رئيس للجوء المستثمرين الى الذهب كونه – أي التضخم – يزيل القيمة الحقيقية لأنواع عدة من الممتلكات ، ولذلك عندما يشعر المستثمرون بارتفاع معدلات التضخم ، يلجؤون الى الذهب كونه يتمتع بقيمة ثابتة ، ففي الوقت الذي تتعرض فيه قيمة العملات الى تراجع معين ، يحافظ الذهب دائماً على قيمته ، ويسجل أحياناً ارتفاعاً في سعره ، كما حصل أخيراً عندما تجاوز سقف الـ 400 دولار للأونصة الواحدة ، للمرة الأولى منذ العام ألف وتسعمئة وواحدٍ وتسعين في ظل ما حصل من اضطراب في آلية الصرف الأوروبية.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية