أفرجت إيران عصر اليوم الثلاثاء عن المعتقل اللبناني نزار زكا المدان بالتجسس للولايات المتحدة، وقد وصل بالفعل إلى بيروت رفقة المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، المكلف من قبل الرئيس اللبناني ميشال عون بمتابعة هذا الملف مع المسؤولين الإيرانيين.
وبالرغم من إعلان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارته الأخيرة إلى نيويورك في أبريل/نيسان المنصرم أن لديه مطلق الصلاحية للتفاوض في ملف المعتقلين مع الجانب الأميركي، فإن المتحدث باسم وزارته عباس موسوي أحجم عن الإدلاء بتصريح حول إطلاق سراح نزار زكا لما قال إنه “يندرج في إطار القضايا الأمنية”.
ودانت إيران نزار زكا الخبير في تكنولوجيا المعلومات عام 2016 بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة، وحكمت عليه بالسجن عشرة أعوام ودفع غرامة قدرها 4.2 ملايين دولار.
وبشأن هذه الخطوة، اعتبر المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين إسماعيلي الإفراج عن نزار زكا “مشروطا”، مشيرا إلی أنه تم بناء علی طلب الرئيس اللبناني وتأييد حزب الله وحسن السلوك الذي أبداه المعتقل خلال فترة محكوميته، حتى تم إصدار حكم الإفراج عنه.
وشدد إسماعيلي في مؤتمره الصحفي اليوم الثلاثاء بالعاصمة طهران علی أن “هذه الخطوة تجري في إطار عملية قضائية بحتة”، نافيا أن تكون لها أي علاقة بعملية تبادل أو اعتبارات سياسية.
وبعيد إطلاق سراحه، توجّه زكا فور وصوله إلى مطار بيروت للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون في القصر الرئاسي.
موافقة وعلاقات
من جانبه، أکد الأمين العام لحزب “سبز” الإيراني حسين كنعاني مقدم أن عملية الإفراج عن نزار زكا مرت بجميع مراحلها القانونية؛ ومنها الإجراءات القضائية وموافقة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي علی طلب السلطة القضائية، وذلك بناء علی طلب الرئيس اللبناني ميشال عون.
ورأی في تصريح للجزيرة نت أن إطلاق سراح زكا يأتي في سياق مبادرة إنسانية من جانب إيران ستساهم في فتح صفحة جديدة من التعاون المشترك علی الصعيد الأمني مع لبنان، وعبّر عن أمله في أن يخطو الجانب الغربي -وعلی رأسه الولايات المتحدة- خطوة مماثلة للإفراج عن المعتقلين الإيرانيين.
ونفی كنعاني أي صلة بين الإفراج عن رجل الأعمال اللبناني والوساطات التي تقوم بها بعض الدول لخفض التوتر بين واشنطن وطهران، لكنه توقع أن نشهد في المستقبل إطلاق سراح بعض “المعتقلين الأبرياء” الإيرانيين وغير الإيرانيين الذين تم اعتقالهم بزعم التعاون مع طهران للالتفاف علی الحظر الأميركي ضد الشعب الإيراني.
وطالب السياسي الإيراني الجهات المعنية بالعمل علی إطلاق سراح المعتقلين الإيرانيين في الخارج وتعويضهم عما ما لحق بهم من خسائر.
وفي الجانب الآخر، رأی عضو المجلس الوطني للإعلام اللبناني غالب قنديل -في تصريح خاص للجزيرة نت- أن إطلاق سراح زكا يؤكد حرص “القيادة الإيرانية على تطوير العلاقات مع لبنان، من خلال التجاوب مع رغبة الرئيس عون رغم حساسية القضية التي أوقف نزار زكا على ذمتها. وأيا كانت التفاصيل المتشابكة التي تتناقلها بعض الروايات الصحفية، فالحصيلة أن هناك تجاوبا إيرانيا كريما لتسهيل الإفراج عن لبنانيين”.
وعن علاقة الخطوة بالتراجع الأميركي عن لغة التهديد، قال “لا نستطيع الجزم دون توافر معلومات دقيقة، لكن ما نجزم به أن واشنطن تراجعت من التهديد إلى استجداء التفاوض، وهذا يوضح مقدمات التراجع الأميركي عن لهجة التهديد بعد إظهار إيران صلابة موقفها الاستقلالي التحرري وقدرات الردع الإستراتيجي التي تملكها، إضافة إلى وضوح التماسك في محور المقاومة”.
وعن مهمة حزب الله تسهيل الإفراج عن زكا، أضاف قنديل أن الحزب يتعامل مع القضايا والملفات الإنسانية باهتمام خاص، مؤکدا أنه “إذا كان الإفراج عنه قد سهل كما يبدو تحرير معتقلين لبنانيين في الإمارات محسوبين على المقاومة وأصدقائها في لبنان، تكون مثل هذه السلة مناسبة كصفقة تبادل ولمصلحة المقاومة من غير إعطاء أي مكسب معنوي للأميركيين”.
تفاعل المغردين
وعلی منصات التواصل الاجتماعي، أبدی الإيرانيون اهتماما واسعا بإطلاق سراح زكا المدان بالتجسس، وهي جريمة تكاد لا تغتفر في الجمهورية الإسلامية، بينما لا يزال بعض الزعماء السياسيين یقبعون تحت الإقامة الجبرية، وعلی رأسهم مرشحا الانتخابات الرئاسية عام 2009: مهدي كروبي ومير حسين موسوي لقيادتهما حركة الاحتجاجات على انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد آنذاك.
وبينما اعتبر بعض المغردين أن الإفراج عن نزار زكا يأتي ضمن صفقة أميركية إيرانية تشمل تبادل سجناء إيرانيين في الولايات المتحدة مقابل سجناء أميركيين في طهران، رأی البعض الآخر مطالبة حزب الله اللبناني للتوسط لدی طهران بغية إطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين الإيرانيين، “خطوة ناجعة”.
من جهتها غردت الصحفية سارا معصومي علی حسابها في تويتر أن أسلوب وطريقة رد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حول الإفراج عن نزار زكا يوحي بنقاط عديدة ستكشف بعد وصول المفرج عنه إلی لبنان. أما المواطن بهنام فاكتفی بالقول إن النظام يطلق سراح المدان بالتجسس، بينما يتلقی المواطن الإيراني نبأ مقتل السجين السياسي الإيراني علي رضا شير محمدي في سجن فشافويه.
وفي حين اعتبر مغرد أن إطلاق سراح زكا أعاد ملف بعض المعتقلين السیاسیين الإیرانیین إلی الأذهان، غرد آخرون بأن الوساطات باتت تعطي ثمارها شيئا فشيئا، والبعض الآخر أطلق وسما بمعنى “ليتني كنت جاسوسا”.
وكان زكا أوقف عام 2015 في إيران بعد دعوة من تعاونية شؤون المرأة والأسرة في رئاسة الجمهورية الإيرانية لإلقاء كلمة في مؤتمر حول الريادة في الأعمال وفرص العمل، بصفته الأمين العام للمنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات.
المصدر : الجزيرة + دويتشه فيلله