النفط يتأرجح مع مؤشرات تباطؤ الاقتصاد العالمي والحرب التجارية

النفط يتأرجح مع مؤشرات تباطؤ الاقتصاد العالمي والحرب التجارية

تراجعت أسعار النفط أكثر من واحد بالمئة، حيث بدأت علامات التباطؤ الاقتصادي وسط النزاعات التجارية العالمية تطغى على مخاوف المعروض التي أججها الهجوم على ناقلتي نفط في خليج عمان الأسبوع الماضي. ونزلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 68 سنتا أو 1.1 بالمئة إلى 61.33 دولار ، بعدما صعدت 1.1 بالمئة يوم الجمعة. وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 58 سنتا أو 1.1 بالمئة إلى 51.93 دولار للبرميل، بعد أن زادت 0.4 بالمئة في الجلسة السابقة.

وكانت الأسعار قد بدأت صعودها مع تصاعد التوتر في المنطقة، في الوقت ذاته أكد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أن “واشنطن ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان أمن الملاحة في الشرق الأوسط، مع تصاعد التوترات عقب هجوم على ناقلات الأسبوع الماضي”.
وزادت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 14 سنتا إلى 62.15 دولار للبرميل، بعدما صعدت في وقت سابق نحو 0.4%. وكان الخام قد صعد 1.1% يوم الجمعة. كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي ثلاثة سنتات إلى 52.54 دولار للبرميل، متخليّة عن بعض مكاسبها المبكرة. وكانت قد زادت 0.4% في الجلسة السابقة.

ووفقا لـ”رويترز” فقد قفزت الأسعار نحو 4.5%، بعد الهجوم على ناقلتي نفط قرب إيران ومضيق هرمز. ومما يدعم الأسعار أيضا التعليقات التي أدلى بها وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، التي قال فيها “إنه من المرجح أن تجتمع أوبك في الأسبوع الأول من يوليو (تموز)”، آملا أن تتوصل إلى اتفاق على تمديد تخفيضات إنتاج النفط.

كما أكد الوزير السعودي أهمية استمرار الإمدادات العالمية، حيث صرح بأنه “من المهم جدا للاقتصاد العالمي الإبقاء على ممرات إمدادات الطاقة، بعد الهجوم على ناقلات في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي”، وذكر الفالح “أن جميع الدول يجب أن تتعاون في هذه المسألة لضمان استقرار الإمدادات”. ولم يحدد الوزير أي خطوات ملموسة يجرى اتخاذها بعد الهجمات التي ألحقت أضرارا بناقلتي نفط في 13 يونيو (حزيران).
وتوقع المسؤول السعودي أن تجتمع منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” وغيرها من المنتجين بمن فيهم روسيا في الأسبوع الأول من يوليو (تموز) لبحث تمديد العمل باتفاق خفض إنتاج النفط، وأشار إلى أن “أوبك” تتجه صوب التوافق على تمديد الاتفاق.
وذكر الفالح أن “نمو الطلب على النفط تماسك رغم النزاعات التجارية التي تسببت في اضطراب الأسواق المالية”، متوقعا أن يتجاوز الطلب العالمي 100 مليون برميل يوميا هذا العام.

على صعيد متصل، أظهرت بيانات رسمية أن صادرات السعودية من النفط الخام ارتفعت في أبريل (نيسان) إلى 7.177 مليون برميل يوميا من 7.141 مليون برميل يوميا في مارس (آذار). حسب ما نقلت “ريتروز”. وتقدم الرياض وغيرها من الدول الأعضاء في منظمة (أوبك) بيانات الصادرات الشهرية إلى مبادرة البيانات المشتركة “جودي” التي تنشرها على موقعها الإلكتروني.

الأسعار في تذبذب

وبحسب خبراء في شؤون النفط توقعوا أن تستمر الأسعار في التذبذب مع ارتفاع التوتر في المنطقة، إلا أنهم يرون أن “ردة فعل الأسواق على ما جرى في خليج عمان كانت محدودة رغم أهمية الحدث”، وأوضح عبد السميع بهبهاني، الخبير والاستشاري النفطي، أن “السوق كانت متحفظة عند انتشار خبر انفجار ناقلتي النفط، حيث أن الإعلام بالغ في وصف الخبر بأنها باخرتان من الحجم العملاق ( 2 مليون برميل) تحويان الميثانول والنافتا، فتحوطت أسعار النفط بارتفاع دولارين من 60.70 إلى 62.40 دولار (On spot )، لكن الأسعار بعد ساعتين من الخبر تراجعت إلى 61.40، بعد أن تكشفت بعض الحقائق، حيث أن الباخرتين ليستا من الحجم العملاق (750 ألف برميل)، وتحوي الميثانول سريع الذوبان والتبخر”.

وقال “طبعا ليست المخاطر في نوع المحتوى وحجمه في الباخرة، ولكن في مدى جديّة الحادث في عرقلة حركة نقل النفط ومشتقاته (18 مليون برميل يوميا)، وحركة 22 ناقلة يومية في مضيق هرمز، إضافة إلى ذلك حركة نقل 30% من التجاره العالمية في هذا المضيق”.بعد مضيق هرمز… “خليج عمان” ساحة جديدة لحرب ناقلات النفط
وذكر أن “المؤشر السعري للنفط هو أصدق المؤشرات في تقييم جديّة الأخطار وحجمها، حيث لا يتأثر بالتضخيم السياسي والإعلامي، لأن الانعكاسات السلبية تقيّم بمليارات الدولارات. وذكر بهبهاني أن “تقييم أثر الأحداث الجيوسياسية على الأسعار يكون عادة من منظورين، إما بحرب بين دول وتكون عادة طويلة الأجل والأسعار تكون معها تصاعدية، أو حدث إرهابي يكون عادة مؤقتا حيث يصحبه تقلبات في السوق وتعود الأسعار بعدها إلى التوازنات الأساسية للسوق”.

وأوضح الخبير بهبهاني “يبدو أن حدث الباخرتين لا يتعدى العمل الإرهابي، لذا ارتفع سعر خام برنت دولارين فقط، كما أن السوق حاليا تحتضن فائضا نفطيا يتعدى 400 مليون برميل عن معدل الخمس سنوات، ونلحظ ذلك من مراجعة منحنى العرض والطلب منذ بداية 2015، حيث أن معدل العرض فاق معدل حاجة السوق بمليون برميل يومي خلال الثلاث سنوات الماضية”. وزاد بقوله “أضف إلى ذلك أن مؤشر المخزونات الأميركية خلال الستة أشهر الأولى من 2019 فاقت 35 مليون برميل وهو معدل مرتفع”.

في الوقت ذاته، أوضح عبد السميع في تعليقه على تداعيات السوق “أن اجتماع أوبك المقبل لا زال يحظى باهتمام عالمي، حيث يظهر رغبة الدول الأعضاء في تمديد خفض الإنتاج، لكن من المتوقع أن أي تطور جيوسياسي في المنطقة قد يقلب الاستقرار إلى مواجهة، وهو بالتالي أمر حاسم لآخر لحظة”، ويرى بهبهاني أنه “على الرغم من تصريحات وزراء دول (أوبك بلس) في دعم استمرار خفض الإنتاج إلى نهاية 2019″، إلا أنه يعتقد أن “الدافع الجيوسياسي سيكون هو الحاكم في القرار لعدم الرغبة في مواجهة الولايات المتحدة، فإن تم ذلك فإن توازن السوق سيؤجل إلى الربع الثالث 2020”.

ارتفاع إنتاج حقل القرنة العراقي

على صعيد متصل، قال مسؤولون بقطاع النفط العراقي “إن إنتاج حقل نفط غرب القرنة 1 بلغ 465 ألف برميل يوميا بعد استكمال منشآت جديدة لمعالجة الخام وصهاريج للتخزين”.

وأبلغ مسؤولون يعملون في الحقل “رويترز” على هامش مراسم لافتتاح المنشآت الجديدة أن حقل غرب القرنة 1 الذي تطوره إكسون موبيل كان ينتج في السابق نحو 440 ألف برميل يوميا. وحضر الاحتفال عاملون أجانب من إكسون عقب عودتهم للحقل في الثاني من الشهر الحالي، بعد أسبوعين من سحب إكسون نحو 60 شخصا من الحقل ونقلهم إلى دبي.

وجاء إجلاء الموظفين بعد أيام من سحب الولايات المتحدة العاملين غير الأساسيين في سفارتها في بغداد، وعزت ذلك إلى تهديد من إيران المجاورة.
وقال مسؤولون عراقيون في الحقل “إن موظفي إكسون الأجانب، ومن بينهم الإدارة العليا وكبار المهندسين، لم يعودوا للحقل إلا بعدما وافقت الحكومة العراقية على إجراءات أمن إضافية في الحقل، بما في ذلك نشر قوات إضافية من الشرطة والجيش”.

ورافق المسؤولون والمديرون من إكسون الصحفيين في جولة داخل حقل غرب القرنة 1، حيث شوهدت مركبات مدرعة وجنود من الجيش العراقي يتمركزون عند بوابات منشآت إنتاج النفط. وبدأت منشأتان جديدتان لمعالجة الخام، ذات قدرة إجمالية على معالجة 150 ألف برميل يوميا، ووحدة لفصل المياه والنفط وخمسة صهاريج للتخزين العمليات التجريبية اليوم. وقال مدير كبير بالحقل إن المشروعات الجديدة ستسهم في رفع إنتاج الحقل بالتدريج ليصل إلى 490 ألف برميل يوميا.

وينتج العراق أكثر من 4.5 مليون برميل بقليل، وهو ما يقلّ عن طاقته الكاملة البالغة نحو خمسة ملايين برميل يوميا تماشيا مع اتفاق أوبك ومنتجين آخرين، من بينهم روسيا على خفض الإمدادات العالمية لدعم الأسعار.

اندبندت