أقدمت فرق من وزارة الدفاع الإسرائيلية، منذ أوائل العقد الماضي، على إزالة مجموعات من الوثائق التاريخية لإخفاء دليل النكبة التي حلت بالفلسطينيين عام 1948، والفظائع التي رافقتها.
وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تقرير نشرته اليوم، إنه “منذ بداية العقد الماضي، كانت فرق وزارة الدفاع تجوب أرشيف إسرائيل وتزيل الوثائق التاريخية، لكنها لم تكن فقط الأوراق المتعلقة بمشروع إسرائيل النووي، أو العلاقات الخارجية للبلاد التي يتم نقلها إلى قبو، بل تم أيضا إخفاء مئات الوثائق الأخرى، في إطار جهد منظم لإخفاء أدلة النكبة”.
وأضافت “تم اكتشاف هذه الظاهرة لأول مرة من قبل معهد أكفوت لأبحاث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه، وفقًا لتقرير صادر عن المعهد، فإن العملية تقودها إدارة الأمن السرية التابعة لوزارة الدفاع التي يحظر الكشف عن أنشطتها وميزانيتها.
وقالت “يؤكد التقرير أن إدارة الأمن السرية التابعة لوزارة الدفاع أزالت الوثائق التاريخية بطريقة غير مشروعة ومن دون أي سلطة، وفي بعض الحالات على الأقل، حظرت الوثائق التي سبق أن تمت الموافقة على نشرها من قبل الرقابة العسكرية، إذ إن بعض الوثائق التي تم وضعها في خزائن قد نُشرت بالفعل”.
وتقول المصادر الفلسطينية إن عشرات الآلاف من الفلسطينيين اضطروا إلى ترك ممتلكاتهم وعقاراتهم خوفا من أن يتم إلحاق الأذى بهم بعد أنباء عن مجازر ارتكبتها عصابات يهودية في عدد من القرى والبلدات الفلسطينية قبل العام 1948.
ونتيجة لنكبة العام 1948، لجأ عشرات الآلاف منهم إلى دول عربية مجاورة وإلى الضفة الغربية وقطاع غزة، تاركين خلفهم عقارات وشهادات ملكية.
وترفض إسرائيل منذ ذلك الحين عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم، كما ترفض الاعتراف بوقوع مجازر أو هدم مئات القرى الفلسطينية.
وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن إدارة الأمن السرية التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية “أخفت شهادة من جنرالات في الجيش الإسرائيلي حول قتل المدنيين وهدم القرى، فضلاً عن توثيق طرد البدو خلال العقد الأول من قيام الدولة”.
ونقلت عن يهيل حوريف، الذي ترأس إدارة الأمن السرية لمدة عقدين حتى عام 2007، إقراره بأنه هو من أطلق المشروع الذي لا يزال مستمرًا.
وقالت “هو يعتبر أنه من المنطقي إخفاء أحداث عام 1948، لأن الكشف عنها قد يولد اضطرابات بين السكان العرب في البلاد”.
وردا على سؤال حول الهدف من إزالة الوثائق التي تم نشرها بالفعل، أوضح حوريف أن الهدف هو “تقويض مصداقية الدراسات حول تاريخ مشكلة اللاجئين، فمن وجهة نظره الادعاء الذي يقدمه الباحث مدعوما بوثيقة أصلية ليس بقوة الادعاء الذي لا يمكن إثباته أو دحضه”، تضيف هآرتس.
ولفتت الصحيفة في هذا الصدد إلى أنها تمكنت من اكتشاف وثيقة كتبها عضو اللجنة المركزية لحزب “مابام” أهارون كوهين، مستندا إلى إحاطة قدمها في نوفمبر/تشرين الثاني 1948 إسرائيل جليلي رئيس الأركان السابق لمليشيا الهاغانا، التي أصبحت الجيش الإسرائيلي بعد عام 1948.
وكتب كوهين في الوثيقة “في صفصاف (قرية فلسطينية قرب صفد في الشمال)، تم القبض على 52 رجلاً، وقيدوا بعضهم بعضا، وتم حفر حفرة وأطلقوا (الإسرائيليون) النار عليهم.. عشرة منهم كانوا لا يزالون ينازعون الموت. وجاءت نساء يتوسلن رحمتهم دون جدوى. تم العثور على جثث ستة رجال مسنين.. كانت هناك 61 جثة و3 حالات اغتصاب، إحداها شرق مدينة صفد لفتاة تبلغ من العمر 14 عاما، أربعة رجال قتلوا بالرصاص، أحدهم تم قطع أصابعه بسكين لأخذ خاتمه”.
المصدر : وكالة الأناضول