قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الاتفاق الذي توصل إليه طرفا الأزمة السودانية لم يكن ليتم لولا لقاءات سرية جمعت القادة العسكريين وقادة الاحتجاجات مع دبلوماسيين من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات في منزل شخصية سودانية كبيرة بالخرطوم على مدار أيام.
وذكر الكاتب في الصحيفة دكلان وولش أن الهدف من الاجتماع السري المذكور -الذي عقد يوم السبت الذي سبق المسيرات الاحتجاجية الهائلة- كان إذابة الجليد بين الطرفين اللذين سطرت خلافاتهما بـ”الدم”، مشيرا إلى أن هذا هو أول لقاء بينهما منذ المجزرة التي راح ضحيتها 128 المحتجين خلال فض اعتصام القيادة العامة.
ولفت وولش إلى أنه حتى تلك الحادثة ظل السعوديون والإماراتيون يدعمون علانية دعم المجلس العسكري السوداني فيما يعكس -على ما يبدو- قلق هذين البلدين من أن يشكل نجاح الثورة السودانية سابقة خطيرة تهدد نظامي الحكم فيهما، في حين أيد المسؤولون الأميركيون والبريطانيون صراحة المتظاهرين وسعيهم للديمقراطية.
وقال الكاتب إن الاجتماع داخل منزل رجل الأعمال السوداني شابه توتر كبير، إذ وجد قادة المعارضة أنفسهم جالسين وجها لوجه مع الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” قائد القوة المتهمة بإصدار الأوامر بقتل المعتصمين.
وأضاف أن مسؤولين غربيين -يتعذر الكشف عن هوياتهم بسبب الطبيعة الخاصة للمفاوضات- كشفوا تفاصيل ما دار في هذا الاجتماع.
تشغيل الفيديو
اهتمام مفاجئ
وأرجع وولش سبب اهتمام السعودية والإمارات المفاجئ بجمع طرفي الصراع في السودان إلى تكتيكات العنف التي استخدمها حميدتي، والتي يبدو أنه “ذهب فيها بعيدا” حتى بالنسبة لهاتين الدولتين اللتين تواجهان كما هائلا من الانتقاد لسلوك قواتهما في اليمن.
وفي هذا الإطار، نسب لمسؤول غربي قوله إن السعودية والإمارات أيقنتا أن الكثير من السودانيين قد انقلبوا على حميدتي، الأمر الذي دفعهما إلى دعم مقاربة أكثر دبلوماسية للأزمة، مع الحفاظ على موقفهما الداعم للعسكر، خصوصا في ظل وجود قوة سودانية كبيرة تقاتل إلى جانبهما في اليمن.
لكن مع ارتفاع عدد قتلى فض الاعتصام -يقول الكاتب- ادعى المسؤولون الإماراتيون والسعوديون أنهم صدموا بتلميحات تتهمهم بإعطاء الضوء الأخضر للعنف، و”لذلك فقد انضموا بهدوء للجهود الدبلوماسية الغربية لإيجاد حل تفاوضي للأزمة”.
وأشار وولش إلى أن اجتماع الطرفين في بيت رجل الأعمال السوداني كاد ينهار بعد أن اقتحمت قوات حميدتي مكاتب المعارضة في الخرطوم “لتعود الرهانات مجددا إلى مرحلة الصفر، لكن في اليوم التالي غير عرض مذهل للقوة الشعبية دينامية المشهد”، وفقا للكاتب.
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن مئات آلاف السودانيين ملؤوا في الثلاثين من يونيو/حزيران الماضي شوارع الخرطوم للمرة الأولى منذ مجزرة فض الاعتصام، مطلقين صرخة غضب ضد هيمنة العسكر، وحسب مسؤولين غربيين فإن جنرالات السودان صدموا بحجم وكثافة الحشود.
وتحدث الكاتب بإسهاب عما جرى بعد ذلك من شد وجذب بين الطرفين، قبل أن يؤكد أن الاتفاق -الذي أعلنه الوسيط الأفريقي محمد الحسن لبات في الساعات الأولى من صباح الجمعة- لا تزال تفاصيله الكاملة بحاجة لأن تثبت باتفاق رسمي مكتوب.
المصدر : نيويورك تايمز