هل تذيب زيارة عمران خان لواشنطن الجليد بين البلدين؟

هل تذيب زيارة عمران خان لواشنطن الجليد بين البلدين؟

يجري رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، زيارته الأولى للولايات المتحدة الأمريكية في خطوة من المتوقع أن تُخرج العلاقات بين البلدين من حالة الفتور التي عانت منها مؤخرا على خلفية قضايا عدة، وعلى رأسها أفغانستان.

وفي سابقة تعتبر الأولى من نوعها، رافق عمران خان، الذي غادر البلاد السبت، وفد عسكري رفيع المستوى، يترأسه قائد القوات المسلحة، الجنرال قمر جاود باجوا، إضافة إلى الرئيس الجديد لوكالة الإستخبارات، الجنرال فايز حميد.

وتتناول النقاشات التي سيجريها المسؤولون الباكستانيون مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ملفات عديدة، على رأسها الإرهاب وأفغانستان.

وسيلتقي عمران خان، خلال الزيارة التي ستستمر لثلاثة أيام، بالرئيس ترامب، الإثنين، في البيت الأبيض.

أما الجنرال باجاوا، فسيجري زيارة لوزارة الدفاع (البنتاغون)، يلتقي فيها القائد العام الجديد للقوات المسلحة الأمريكية الجنرال مارك ميلي، بهدف إجراء نقاشات حول عملية المصالحة الوطنية الجارية في أفغانستان.

** حملة موسعة

وتأتي الزيارة في أعقاب حملة واسعة شنتها باكستان ضد حركات مسلحة محظورة في البلاد، على رأسها “جماعة الدعوة”، التي تم اعتقال قائدها حافظ سعيد، بتهم “تمويل الإرهاب”، الأمر الذي لاقى ترحيباً من الرئيس ترامب.

واعتقل كذلك زعماء كل من حركة “جيش محمد”، و”لاشكار الطيبة”، ومنظمة “فلاح الإنسانية”، وهي منظمة خيرية تابعة لجماعة الدعوة، بدعوى جمع أموال من تمويل الإرهاب.

وتحفظت السلطات الباكستانية على عدد من المعاهد والمدارس الدينية المرتبطة بهذه الجماعات في جميع أنحاء البلاد.

وتأتي هذه الحملة بالتوازي مع مطالب توجهها منظمة “فاينانشال أكشن تاسك فورس”، وهي منظمة عالمية تعنى “بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”، للسلطات الباكستانية، منذ فترة طويلة.

وهددت المنظمة في وقت سابق بإدراج إسلام أباد على القائمة السوداء، في حال فشلت بمكافحة تمويل الإرهاب.

وفي السياق نفسه، قال المحلل السياسي الباكستاني توصيف أحمد خان، في حديث للأناضول، إن “عمران خان يزور الولايات المتحدة الأمريكية بجو مختلف، الأمور لم تعد بالسوء الذي كانت عليه في زمن أسلافه خلال العشر سنوات السابقة”.

وبخصوص الحملة التي تشنها السلطات على الجماعات المسلحة، أشار أحمد خان، إلى أن “القيادة المدنية والعسكرية للبلاد قررت أخيرا أن توقف الدعم للجماعات المسلحة، على عكس ما كان عليه الأمر سابقاً”.

** توافق مدني عسكري

وأضاف: “لأول مرة، تتحرك القيادة المدنية والعسكرية بشكل متناغم في مسألة مكافحة الجماعات المسلحة بغض النظر عمّا إذا كانت جيدة أم سيئة (بالنسبة للدولة)، وواشنطن تعي ذلك”.

واستطرد المحلل السياسي: “مع الأسف هذا لم يكن الحال في الماضي، حيث أن الحكومة السابقة لم تحصل على دعم الجيش لشن حملة على هذه الجماعات”.

وأوضح أن هذا سيدعم موقف عمران خان “بالتأكيد” أثناء تمثيله لبلاده في المحادثات مع إدارة ترامب حول الإرهاب.

وبهذا الخصوص، قال بروفسور العلاقات الدولية في جامعة “القائد الأعظم” في إسلام أباد، ظافر نواز جاسبال، إن أهم الملفات التي ستكون على الطاولة خلال الزيارة هي: أفغانستان، التعاون في مكافحة المجموعات المسلحة، العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، بالإضافة إلى مسألة إقليم كشمير والعلاقات مع الهند.

ويتشارك جاسبال، الرأي مع توصيف أحمد خان، في أن الأمور هذه المرة ستكون “مختلفة قليلاً” بسبب “التناغم الحالي بين القيادة المدنية والعسكرية للبلاد”.

وقال جاسبال، للأناضول: “أعتقد أن هذه الزيارة ستخفف من أزمة الثقة الموجودة بين الطرفين والتي نتجت عن عدة قضايا أهمها اختلاف المصالح في أفغانستان”.

وأضاف: “أمام إسلام أباد قضيتان هامتان لتروّج لهما: نهاية الحرب في المنطقة، والتعاون في مكافحة الجماعات المسلحة”.

وأشار إلى الدور الهام الذي لعبته باكستان في المفاوضات المباشرة التي تجريها واشنطن مع حركة طالبان الأفغانية بهدف إنهاء الحرب الدائرة هناك منذ 17 عاما.

وتابع جاسبال، قائلاً “لدى باكستان فرصة أفضل لتستغل موقعها الاستراتيجي وتأثيرها، من أجل حل الصراع في أفغانستان”.

** ضغط مستمر

أمّا الجنرال الباكستاني المتقاعد والمحلل الأمني طلعت مسعود، فكان رأيه أن “إدارة ترامب ستستمر بالضغط على باكستان لحماية مصالحها في المنطقة لا سيما في أفغانستان”.

وقال مسعود، في حديث للأناضول: “عندي شعور أن واشنطن ستطالب إسلام أباد بالمزيد فيما يتعلق بعملية المصالحة الوطنية الجارية في أفغانستان على الرغم من حقيقة أن باكستان هي من أقنع طالبان بالجلوس على طاولة الحوار”.

واستطرد “الولايات المتحدة لم تحقق النتائج المرجوة من طالبان حتى الآن، وخاصة فيما يتعلق برفض الحركة لحكومة وطنية تحكم أفغانستان، لذلك تود واشنطن من إسلام أباد أن توظف تأثيرها على طالبان بهذا الشأن”.

ولفت مسعود، إلى “قضية أخرى تسبب توتراً في العلاقات بين إسلام أباد وواشنطن وهي مشروع الممر التجاري بين الصين وباكستان، الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات”.

وأكد الخبير أن “هذه القضية أيضاً ستكون محلا للنقاش بين الطرفين”.

وأضاف: “من المؤكد أن واشنطن ليست سعيدة بتوسيع الصين لنفوذها في المنطقة وما وراءها، وليست سعيدة كذلك بجنوح باكستان نحو الصين في المجالين الاقتصادي والعسكري، لذلك ستبذل وسعها لثني باكستان في هذا الصدد”.

وتم التوقيع على مشروع “CPEC” بين الصين وباكستان في 2014، وتبلغ تكلفته 64 مليار دولار.

ويهدف المشروع إلى ربط مقاطعة شينشيانغ الصينية ذات الأهمية الاستراتيجية شمال غربي البلاد، بميناء غوادار الباكستاني، من خلال شبكة من الطرق والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب لنقل البضائع والنفط والغاز.

وسيوفر المشروع للصين وصولا أقل تكلفة إلى إفريقيا والشرق الأوسط، وسيعود على باكستان بمليارات الدولارات لتوفيرها تسهيلات العبور لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

الاناضول