يواجه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ضغوطا داخلية وخارجية بشأن استراتيجية حكومته للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، ففي الداخل يعارض حزب العمال وعدد من المشرعين المحافظين سيناريو الانفصال دون اتفاق وأما في الخارج فترفض بروكسل إعادة التفاوض على الاتفاق الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، فيما تقترب المدة الزمنية المحددة للانفصال وهي 31 أكتوبر، من نهايتها، حيث لم يبق أمام لندن سوى شهرين ونصف الشهر لحسم مصير بريكست.
لندن- دعا أكثر من مئة نائب بريطاني في رسالة نشرت الأحد رئيس الوزراء بوريس جونسون إلى دعوة البرلمان لقطع إجازته والانعقاد حالا لمناقشة مسألة خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي، فيما ذكرت صحيفة صنداي تلغراف إن رئيس الوزراء البريطاني سيبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأسبوع الجاري، بأنه ليس بوسع البرلمان البريطاني وقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ووجه أكثر من مئة نائب بريطاني رسالة إلى جونسون من أجل مطالبته بدعوة البرلمان إلى الانعقاد بشكل دائم حتى 31 أكتوبر الموعد المحدد لمغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي، حيث تنتهي العطلة الصيفية للبرلمان في 3 سبتمبر.
وكتب النواب في رسالتهم التي وقعها نواب وقادة أحزاب معارضة لا يريدون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو يأملون في تجنب بريكست من دون اتّفاق أن “بلدنا على حافة أزمة اقتصادية ونحن نسير باتجاه خروج بريطانيا من دون اتّفاق”. وأضافوا في الرسالة “نحن أمام حالة طوارئ وطنية ويجب استدعاء البرلمان للانعقاد على الفور”.
ويفترض أن يتوقف البرلمان مجددا بعد فترة وجيزة من عودته مع عقد الأحزاب الكبرى مؤتمراتها السنوية خلال سبتمبر. وكان رئيس الوزراء البريطاني أكّد مرارا عزمه على إخراج المملكة المتّحدة من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر، سواء أحصل ذلك باتفاق أم من دون اتفاق.
وذكرت صحيفة صنداي تلغراف أن بوريس جونسون سيبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال لقائهما الأسبوع الجاري بأنه ليس بوسع البرلمان البريطاني وقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأن على الاتحاد الأوروبي التفاوض والاتفاق على صفقة جديدة إذا أراد تجنب انسحاب بريطانيا من التكتل دون اتفاق.
وأضافت الصحيفة “سيسافر جونسون هذا الأسبوع إلى ألمانيا وفرنسا ليؤكد لماكرون وميركل أن البرلمان لا يمكنه وقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”. وقالت “من المتوقع أن يبلغهما جونسون بأن أمامهما شهرين للتوصل إلى اتفاق مقبول لمجلس الوزراء وللبرلمان والذي ستخرج دونه المملكة المتحدة دون اتفاق في عيد كل القديسين”.
ويرفض الاتحاد الأوروبي إعادة التفاوض على الاتفاق الذي أبرمته العام الماضي رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي مع بروكسل، والذي يعتبره جونسون ومناصروه مجحفا. ومن شأن الانفصال التام للمملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي أن يسمح للندن فورا بإطلاق مفاوضات من أجل التوصّل إلى اتفاق حول التجارة الحرة مع الولايات المتحدة.
وأكد القادة الأوروبيون أن اتفاق الانسحاب، الذي يجدد شروط خروج بريطانيا بعد 46 عاما من العضوية، نهائي، إلا أنهم مستعدون لإعادة فتح المناقشات حول العلاقة المستقبلية الموجودة في “الإعلان السياسي” المرفق بالاتفاق.
ويطالب جونسون بإعادة النظر في بند شبكة الأمان الذي يحدّد العلاقات بين أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي وأيرلندا الشمالية التابعة للمملكة المتحدة. وينصّ الترتيب المثير للجدل بشأن “شبكة الأمان” أو “باكستوب” على إبقاء كامل المملكة المتحدة في اتحاد جمركي لتجنّب إعادة الحدود الفعلية بين أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد.
ويرى جونسون أن تهديد الخروج الفوضوي من الاتحاد الأوروبي سيجبر بروكسل على الإذعان ومنح لندن شروطا أفضل ستتيح لها إبرام اتفاقيات تجارية مع قوى عالمية مثل الصين والولايات المتحدة.
ويتمحور حلّ جونسون بشأن هذه الحدود حول اقتراحات رفضها الاتحاد الأوروبي والقادة الأيرلنديون لأنها إما غير قابلة للتطبيق وإما غير كافية. ويسعى جيريمي كوربين زعيم حزب العمّال المعارض، للدعوة إلى التصويت على حجب الثقة عن المحافظ جونسون فور عودة البرلمان للانعقاد.
ويأمل كوربين، إذا نجح في الإطاحة بجونسون، في أن يصبح رئيسا للوزراء بالوكالة ليطلب بصفته هذه تأجيلا جديدا لموعد مغادرة بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وبالتالي تجنّب خروجها من دون اتّفاق، ثم يدعو إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
وقال كوربين السبت إنّ “ما نحتاج إليه هو حكومة مستعدّة للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي حتى لا يكون لدينا خروج كارثي في 31 أكتوبر”. وأضاف “من الواضح أنّ الحكومة (برئاسة جونسون) لا تريد أن تفعل ذلك”، غير أنّ استطلاعا للرأي أجراه معهد يوغوف أظهر أنّ كوربين لا يتمتع بتأييد أكثرية البريطانيين.
ووفقا للاستطلاع الذي أجري الخميس والجمعة على عيّنة تمثيلية من 1968 بريطانيا، قال 48 بالمئة ممّن شملهم الاستطلاع إنّهم يفضّلون أن تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق على أن يصبح كوربين رئيسا للوزراء.
وفي المقابل، قال 35 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع إنّهم يؤيّدون تولّي كوربين رئاسة الحكومة وتنظيم استفتاء جديد حول خروج أو بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي.
وأما النسبة الباقية ممّن شملهم الاستطلاع (17 بالمئة) فرفضت الإدلاء برأيها في هذا الموضوع. وردا على سؤال عن خروج لبريطانيا من الاتحاد بلا اتفاق، قال 49 بالمئة إنهم سيعتبرون ذلك مخرجا غير مقبول، مقابل 38 بالمئة يرون عكس ذلك.
العرب