لم يشكل قرار وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على مصرف لبناني مفاجأة، في ظل تصاعد لهجة دوائر القرار في واشنطن ضد حزب الله اللبناني.
وبعيدا عن التداعيات الاقتصادية والمالية، شكّل الإجراء الأميركي الجديد دلالة سياسية واضحة على مضي الإدارة الأميركية في ضغوطها على حزب الله ضمن سياق الحرب المفتوحة في المنطقة مع طهران وحلفائها.
وفي تطور جديد، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية مصرف “جمّال ترست” وشركات تأمين تابعة له على لائحة الإرهاب، لاتهامه بتقديم خدمات مالية لحزب الله وانتهاكه قوانين غسل الأموال.
إدارة مصرف “جمّال ترست” لم تتأخر في الرد حيث نفت قطعيا ما سمتها الادعاءات التي بني عليها القرار، مؤكدة الالتزام الصارم بقواعد وأنظمة مصرف لبنان، وباللوائح الدولية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأشارت إدارة المصرف إلى أنها ستتخذ جميع الخطوات المناسبة من أجل تبيان الحقيقة، كما ستتقدم بطلب استئناف أمام المراجع المختصة.
بدوره أكد وزير المالية علي حسن خليل قدرة القطاع المصرفي في لبنان على استيعاب تداعيات القرار الأميركي بحق مصرف “جمّال ترست” وعلى ضمان أموال المودعين وأصحاب الحقوق، مشددا على أن المصرف المركزي يقوم باللازم، وفق تعبيره.
الخطوة الأميركية دفعت للتساؤل حول الارتدادات المتوقعة على القطاعين المالي والمصرفي، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان.
وبينما أكدت جمعية المصارف اللبنانية أن الإجراء الأميركي لن يؤثر على القطاع المصرفي، قال الخبير الاقتصادي غازي وزني إن تبعات هذه الخطوة محدودة جدا لأسباب عديدة أهمها أن حجم المصرف المعني صغير جدا، إذ تمثل ودائعه أقل من 0.4% من إجمالي الودائع في لبنان.
وأضاف وزني للجزيرة نت أن مصرف “جمّال ترست” لا يملك علاقات مباشرة مع المصارف في الولايات المتحدة، وبالتالي فإن عملياته الخارجية تمر عبر مصارف لبنانية.
رسائل إيجابية
ولفت وزني إلى ما سماها رسائل إيجابية بعثت بها وزارة الخزانة الأميركية إلى لبنان رغم قرارها الأخير، تؤكد استمرارها في التعاون مع مصرف لبنان المركزي من أجل مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
وبالنسبة للإجراءات الواجب اتخاذها في لبنان لتلافي أي انعكاسات للقرار الأميركي، قال وزني إن المصرف المركزي سيحافظ على حقوق وأموال المودعين في مصرف “جمّال ترست”، لافتا إلى أن هذه الأموال والحقوق ستنتقل إلى مصارف أخرى بعد الانتهاء من عمليات التدقيق المالي.
وأوضح أن المصرف المركزي اتخذ سابقا إجراءات لحماية القطاع المصرفي استنادا إلى القوانين المتصلة بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال ولا سيما الأميركية منها. كما أن المصارف اتخذت إجراءات خاصة بها في ذات السياق.
زيادة الضغوط
الإجراء الأميركي الجديد تزامن مع التوتر بين لبنان وإسرائيل في أعقاب سقوط طائرتي استطلاع إسرائيليتين قبل أيام في ضاحية بيروت الجنوبية معقل حزب الله وتعهد الحزب بالرد العسكري، بينما اتهمت تل أبيب حزب الله وإيران بالتخطيط لإنشاء معامل للصواريخ في لبنان.
ورأى المحلل السياسي وسيم بزي أن هناك عودة لزيادة الضغط المالي والسياسي على لبنان ربطا بالأزمة الاقتصادية من جهة، وبما يجري على الحدود بين لبنان وإسرائيل من جهة أخرى.
وقال وسيم للجزيرة نت إن الإجراء الأميركي بحق مصرف “جمّال ترست” تحريض للشعب اللبناني على حزب الله، متوقعا المزيد من الإجراءات المماثلة.
يشار إلى أن وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات على المصرف اللبناني الكندي عام 2011 بتهمة استخدام حساباته من جانب أشخاص ناشطين في تجارة المخدرات والسلاح لمصلحة حزب الله، إضافة إلى غسل الأموال، مما أدى إلى إغلاق المصرف ودمجه مع مصرف لبناني آخر وفق خطة للاستحواذ نظمها المصرف المركزي اللبناني.
وبعد عامين تقريبا أصدرت محكمة نيويورك قرارا وافقت بموجبه على دفع البنك اللبناني الكندي مبلغ 102 ملايين دولار إلى الحكومة الأميركية مقابل شطبه عن اللائحة السوداء.
المصدر : الجزيرة