ظاهرات متزامنة تعيد التوتر إلى العاصمة الفرنسية

ظاهرات متزامنة تعيد التوتر إلى العاصمة الفرنسية

باريس – عادت الاحتجاجات في فرنسا وتحديدا في العاصمة باريس إلى نسقها التصعيدي والعنيف السبت بعد أن كانت قد هدأت في الأشهر الأخيرة. وساهم في توتر أجواء باريس السبت خروج متزامن لتظاهرات عدة نظمت لأسباب وأهداف مختلفة.

وخرجت في العاصمة الفرنسية في الوقت نفسه السبت مسيرات لنشطاء من أجل المناخ واحتجاجات مستمرة منذ أشهر لحركة “السترات الصفراء” المناهضة لسياسات الحكومة الاجتماعية والاقتصادية ومسيرة معارضة لمشروع إصلاح الرواتب التقاعدية.

ووقعت صدامات بعد ظهر السبت في قلب العاصمة الفرنسية عندما اخترق ناشطون من اليسار المتطرف مسيرة مطالبة بالتحرّك من أجل المناخ وأضرموا النار في حاويات نفايات وقاموا بتخريب محال تجارية.

وقالت الصحافة الفرنسية إن “السترات الصفراء تبحث عن نفس جديد” لاحتجاجاتها.

وفي أولى ساعات بعد الظهر، أوفقت السلطات 123 شخصا وفُرضت غرامات على 174 آخرين في أماكن يحظر التظاهر فيها في باريس، وفق ما أعلنت الشرطة في بيان.

وشهد “بولفار سان ميشال” في الحيّ اللاتيني توترات. فقد رشق ناشطون متطرفون بعضهم يرتدي أقنعة، قوات الأمن بمقذوفات قبل أن يهاجموا بنكا.

وردّت قوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع مرغمة جزءا من المشاركين في المسيرة على العودة أدراجهم، قبيل الساعة الواحدة بعد الظهر بالتوقيت المحلي. وأُضرمت النار في حاويات نفايات ما استدعى تدخل رجال الإطفاء.

وكتبت مديرية الشرطة، في تغريدة على تويتر، “تجاوزات من قبل أفراد عنيفين.. ابتعدوا عن المجموعات التي تشكل خطرا”.

وكان المشاركون في المسيرة من أجل المناخ، الذين بلغ عددهم آلافا عدة، يلبون دعوة عدد كبير من المنظمات غير الحكومية، غداة “إضراب عالمي من أجل المناخ”. ولم تكن التعبئة لهذه المسيرة كبيرة في فرنسا، إذ أنهم جمعوا أقل من 10 آلاف شخص في العاصمة، بحسب تعداد مركز “أوكورانس” للأبحاث والاستشارات نقلته وسائل إعلام.

وفي ليون (وسط شرق)، تجمّع حوالي خمسة آلاف شخص صباحا في وسط المدينة، بحسب مديرية الشرطة. وقالت نويمي إزبيكي التي جاءت مع ابنها لوسيان البالغ سبعة أعوام، لوكالة فرانس برس، إنها تشارك في التظاهرة كي “يدرك (ابني) التحدي”.

وعبّر جان كلود موراليز، وهو مدرّس يبلغ 65 عاما، عن تشاؤمه مشيرا إلى أن الوضع بلغ نقطة اللاعودة. وقال “هذا النوع من التظاهرات مهمّ جدا، لكن كان يُفترض أن تحصل منذ وقت طويل”.

ونشرت السلطات في باريس حوالى 7500 عنصر من قوات الأمن مجهّزين بخراطيم مياه وآليات مصفّحة تابعة لجهاز الدرك. وانتشرت في أحياء كاملة من وسط العاصمة دوريات وشرطيون بالزي الرسمي أو من دونه، كانوا يراقبون ويفتشون المارة.

وتحصنت البعض من المحلات التجارية خلف ألواح خشبية في جادة الشانزيليزيه، التي تعرّضت لأعمال شغب أثناء تظاهرات سابقة لمحتجي السترات الصفراء.

وردّ البعض على عناصر الشرطة الذين كانوا يهتفون “تفرقوا”، بالقول “ارحلوا” أو “الجميع يكره الشرطة”. وقالت الناشطة البيئية بريجيت “يتمّ التعامل معنا كأننا مجرمون”.

وظهرت حركة السترات الصفراء في أواخر العام الماضي على إثر زيادات في الضريبة على الوقود ثم تحولت إلى تمرد على إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون للبلاد.

مسيرات لنشطاء من أجل المناخ واحتجاجات “السترات الصفراء” ومسيرة معارضة لمشروع إصلاح الرواتب التقاعدية تخرج في العاصمة الفرنسية في الوقت نفسه

وتسبب الإصلاح المزمع لنظام أجور التقاعد في إضراب ضخم للعاملين في المترو يوم 13 سبتمبر أغلقت على إثره معظم محطات الشبكة التي تعمل تحت الأرض.

والأسبوع الماضي، اشتبك مئات المحتجين مع الشرطة بمدينة نانت مع عودة احتجاجات “السترات الصفراء” للظهور من جديد بأنحاء البلاد. وألقى حينها البعض من المحتجين مقذوفات على الشرطة التي ردت بإطلاق قنابل الغاز.

وقال متحدث باسم الإدارة المحلية إن الشرطة ألقت القبض على 21 شخصا. كما أظهرت لقطات تلفزيونية مجموعات من المحتجين يحاولون اقتحام متاجر وشاحنات للشرطة عليها مدافع مياه تصل للموقع.

وتتزامن تظاهرات السبت مع أيام التراث الأوروبي السنوية في نهاية الأسبوع حيث تفتح عادة المباني الخاصة والعامة أمام الزوار.

ولم تمنع التوترات سكان باريس وسياحا من اغتنام الفرصة لزيارة أماكن عدة في العاصمة. وتمكن البعض من الأشخاص، كانوا قد حجزوا أماكنهم، من اكتشاف قصر الإليزيه والاستفادة من حدائق القصر. في المقابل، بقيت البعض من المعالم مغلقة كإجراء وقائي على غرار قوس النصر الذي شهد أعمال تخريب كبيرة من جانب متظاهرين في ديسمبر الماضي.

العرب